آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

كورونا.. داعش

محمد أحمد التاروتي *

هناك وجه شبه بين فيروس كورونا وطاعون داعش، فهما يلتقيان في حصد الأرواح في المناطق التي تدخلها، مما يجعلهما كابوسا مخيفا على الكبير والصغير، خصوصا وانهما لا يفرقان في الموت بين البرئ والمذنب، فالاول يضرب المناطق الحيوية في الجسم البشري، مما يسهم في القضاء على وظائف تلك الأعضاء، في غضون أيام قلائل، نظرا لمحدودية فترة حضانة الفيروس، وظهور اعراضه على المريض، بينما ”داعش“ تمارس الموت بطريقة بشعة، وغير مبررة على الاطلاق.

التحرك الدولي للقضاء فيروس كورونا، لا يختلف عن الجهود العالمي، للتخلص من طاعون داعش، خصوصا وان الجميع لمس الاثار الكبيرة المترتبة، على انتشار هذه الامراض، في المجتمعات البشرية، مما يستوجب المسارعة في البحث عن الحلول المناسبة، للتخلص من هذه الأوبئة، ذات الأثر السلبي على المجتمع البشري، فالاول يتحرك بطريقة سريعة بعيدا عن الضجيج الإعلامي، بحيث يستقر في الجسد عبر الملامسة، او الاحتكاك المباشر، مما يؤدي الى الوفاة والانتقال الى الدارة الأخرة، نظرا لعدم القدرة على اكتشاف امصال، قادرة على القضاء على الفيروس، فيما الثاني يتحرك في الخفاء لاستقطاب العناصر الأكثر عنفا، والأشد فتكا على البيئة المسالمة، مما يجعله كابوسا مزعجا، وغير محتمل على الاطلاق.

كورونا بما يحمل من تداعيات خطيرة، على المجتمعات البشرية، فانه يبقى اقل وطأة عن الاضرار الكبيرة، التي يخلفها طاعون داعش، فكورونا بالإمكان السيطرة عليه عبر البحث العالمي، وتحرك الجهات المختصة، للبحث عن امصال قادرة على إيقاف الانتشار الرهيب، للفيروس على المستوى العالمي، بينما طاعون داعش ما تزال اثاره ماثلة امام الجميع، فقد ترك ندوبا عميقة في ذاكرة التاريخ، وكذلك مآسي كبيرة في الأماكن، التي وقعت تحت رحمة التنظيم الإرهابي، وبالتالي فان محاولات القضاء على داعش يصب في مصلحة البشرية، وتحرك حقيقي لاشاعة السلام، واخماد نيران الإرهاب، الذي اشعلته داعش، خلال السنوات الخمس الماضية.

طاعون داعش ما يزال ماثلا، في بعض المناطق، فالتنظيم يتحكم بمصير بعض المجتمعات البشرية، مما يمثل خطورة كبيرة على الجنس البشري، خصوصا وان تجربة حكم داعش ليست سارة على الاطلاق، نظرا لفرض هيمنته على الجميع بجز الرؤوس، وقطع الايدي، واستخدام الترهيب كطريقة لفرض سطوته على الجميع، وبالتالي فان محاولات إعادة الحياة للتنظيم، تتطلب موقفا حاسما من المجتمع الدولي، خصوصا وان الجميع عانى من ويلات الفكر الظلامي، الذي يحمله عناصر التنظيم الإرهابي، فالذكريات المؤلمة ما تزال محفورة في ذاكرة أهالي المناطق، التي سيطر عليها التنظيم، سواء في العراق او سوريا.

الفرار من فيروس كورونا، يترجم المحاولات العديدة، التي بذلها الأهالي في المناطق الواقعة، تحت سطوة داعش قبل خمس سنوات، سواء في العراق او سوريا، فالمرء مطالب بالخروج من المناطق الموبوءة، حفاظا على حياته، وبالتالي فان البحث عن الأماكن الامنة، والهروب من المناطق الخطرة، هدف دائم لدى البشر، بمعنى اخر، فان تحمل المخاطر في سبيل الوصول، الى المناطق الامنة امر محمود، بينما البقاء في البقع الموبوءة يتناقض مع التفكير السليم.

الزوبعة الإعلامية المصاحبة، لانتشار فيروس كورونا، واعلان حالة الطوارئ في الدوائر الصحية، بدول العالم لتطويق انتشار المرض، تعيد الذاكرة لحالة الخوف التي صاحبت بزوغ نجم داعش، على الساحة السياسية، واكتساح مناطق واسعة في العراق وسوريا، في غضون اشهر قليلة، الامر الذي يستدعي اتخاذ الحيطة والحذر، من نسيان المآسي، التي سجلها تاريخ داعش الدموي، في جميع المناطق التي دخلها، فالتنظيم لا يترك سيرة حسنة على الاطلاق، باستثناء عمليات الذبح والحرق والتفجير.

كورونا مرض خطير، وقادر على الفتك بالبشر، في غضون أيام قلائل، فيما داعش يقدم على حرق الأخضر واليابس، تحت مبررات واهية، ومرضية، ليست موجودة سوى في عقول حملة الفكر التكفيري، الذي ينشر الرعب والإرهاب على الدوام.

كاتب صحفي