آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:01 م

من وحي محاضرة الدبلوماسية العامة

أمين محمد الصفار *

أجد نفسي محظوظاً بحضور محاضرة السفير د. سعود كاتب التي أقامها منتدى الثلاثاء الثقافي يوم الثلاثاء الماضي، والتي شرفت بإدارتها. لقد كانت المحاضرة - رغم ضيق الوقت - عبارة عن تلخيص رشيق لكتابه الذي صدر حديثاً بعنوان الدبلوماسية... القوة الناعمة السعودية في عصر ثورة المعلومات، وأستطيع القول أن الكتاب يقدم مادة مهمة وبأسلوب السهل الممتنع للتعريف بالدبلوماسية العامة والمفاهيم المرتبطة بها، ويختم الكاتب كتابه القيم بالوصايا الذهبية العشر ومتطلبات التدريب اللازمة لها.

لم تعد الدول تتنافس على زيادة الصادرات ونسبة الاستثمار الأجنبي، أو زيادة نسبة السياح لديها فقط، فالدبلوماسية العامة أخذت موقعاً متقدمًا في مجال التنافس في العلاقات الدولية. فرغم حداثة مصطلح الدبلوماسية العامة إلا أن أهميته وتزايد وتشعب المفاهيم المرتبطة بها جعلت منها مادة سائلة تتحرك وتتشكل بأطر وابعاد مختلفة تبعاً لكل ما يستجد في هذا العالم الذي أصبح قرية أو أصغر من ذلك. فعصر الثورة المعلوماتية الذي نعيشه - كمثال - أكسب الدبلوماسية العامة أهمية واعتمادية أكثر وأكثر، وبشكل يقتضي تغيير نسبة المزيج الدبلوماسي لصالح الدبلوماسية العامة بكل مفرداتها وعلى حساب الدبلوماسية الرسمية بشكليها.

أننا في عصر أبرز ملامحه التغيير الكبير والمستمر والإيقاع السريع والمتسارع، وأمامنا تطلعات جيل لا تقنعه سوى القفزات العالية والنتائج الباهرة والاستثنائية غير العادية، كل هذه التحديات تحتاج إلى طاقات ورافعة تتناسب بل قادرة على تحويل مثل هذه التحديات لفرص عظيمة، وفي المقابل أيضا لدينا شريحة عريضة تستشعر حجم التغيير الإيجابي لدينا والشعور المتفائل بالمستقبل وقادرة على البناء عليه.

أن الدبلوماسية الرسمية هي العصب الرئيس في العلاقات الدولية، لكنها أيضا وبطبيعتها الرسمية هي أقل رشاقة وأكثر قيوداً وأقل تأثيراً في الفضاء العام للدول الأخرى، لذا اصبح لزاماً تكثيف الجهود التي تدعم القوة الناعمة السعودية وتوسيع فضاءها وفق مسطرة ومعايير مناسبة خاصة بها كي يتبناها ويستخدامها المواطن العادي ويخرجها بكل اقتدار وبنفس القدر الذي يتقن فيه المسؤول إستخدام الدبلوماسية الرسمية، لكي تصبح الممارسة العملية أكثر قوة وفعالية وقادرة على الاقناع والتأثير في خارج الحدود وعلى النطاق الأوسع.

لقد ساهم التعليم والثقافة المحلية المتنوعة في بلادنا لممارسة المواطن العادي بمهاراته المتميزة لأنواع متعددة من الدبلوماسية الناعمة بشكل تلقائي ودون تنسيق أو توجيه، بل ودون تأصيل معرفي أو أكاديمي أحيانا لهذا النوع من الدبلوماسية، بل أخرج كل هذا من مخزون يعبر عن قيم الأصالة والإنسانية والثقافة العامة التي يختزنها هذا البلد، أن المواطن بهذه المزايا يعبر وأن بشكل مختلف لكنه أكثر إقناعاً لدى الغير للتعريف بالهوية الوطنية وقيمها وهو أيضا أكثر تأثيراً في الذود عنها.