آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

كورونا بلاء واعتبار

فؤاد الحمود *

البلاء هو الاختبار أو الامتحان للإنسان والإنسانية على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم، ففي كل عصر هناك أنواع من الابتلاء ولا يختص ذلك بالمؤمنين وإن كان هو من مختصاتهم أكثر فكلما كان الإنسان قريبا من الله كان البلاء أشد؛ فأشد البلاء هو للأنبياء والأولياء ومع هذا فقد يظهر على المجتمعات بشكل عام.

والمتأمل بأن عناية الله لخلقه تكون بوسائل وأساليب مختلفة، فكلما حاول الإنسان الابتعاد عن تعاليم السماء والتجأ إلى التعاليم البشرية ظهرت أنواع أكثر من الابتلاءات.

وهنا لن أتحدث عن الفيروس الذي غزى الناس إعلامياً؛ فقد تكفل أهل الاختصاص من علماء البيولوجيا والأطباء بوصفه الدقيق وتوصيف حالاته وآثاره وطرق الوقاية منه، لكن الإعلام الموجه حاول وبطرقه الشتى أن يُفزع أهل الأرض وكأنه الخطر القادم، وبغض النظر عن طرق نشر هذا الفايروس المسمى ”بالكورونا“ وهل هو من المصادر البيولوجية أو الإنتاج الطبيعي وهل له أهداف سياسية لا يستبعدها بعض المنظّرين وأصحاب الرؤى إلاّ ان لنا وقفات معه يمكن للحصيف أن يتأملها:

الفايروس والإعلام؛ فقد شغل أذهان البشر بمفاهيم تحتوي على الكثير من المغالطات والبعد عن الحقيقة مما أثر سلباً على استقرار المجتمعات في نشر الذعر الذي حصل رغم تصدي أهل الاختصاص ببيان واضح لمعالم المرض وأضراره.

الفايروس والاقتصاد؛ لقد أثر انتشار الفايروس على اقتصاديات دول وحكومات وشركات بل على مستوى السوق الشرائية والمجتمعات التجارية حتى الأسواق العالمية للأسهم والذهب، ومن خلال ذلك استغلت بعض الأسواق تمرير بعض الأدوات كالكمامات بحيث أصبح له سوقاً رائجاً وبدى التلاعب في أسعارها، كما أثّر ذلك على الأسواق الإلكترونية ففي حين انخفضت مبيعات بعضها إلا أن هناك شركات ارتفعت حصيلة المبيعات فيها؟!!!

والسؤال المهم ماذا بعد كورونا؟؟؟

نستطيع أن نجمل الدروس والعبر من هذه الظواهر سواء الكونية أو المصطنعة أن الثبات والاستقرار والارتباط بالشرع الحنيف هو أهم دعائم بناء الفكر الإنساني، فالهلع والاضطراب الحاصل في المجتمعات ولدى الأفراد يُنبأ عن ضعف في الوعي الديني وقد يكون سوء فهم لقدرات الله على التصرف في البلاد والعباد، وقد تصل النوبة إلى إساءة الظن بالله وهي مشكلة كبيرة في الفهم.

فالابتلاء له ثمار منها الانقطاع إلى الله، والاستقرار النفسي، والتسليم بما كتبه الله، كما يجب التعرف على أهم السبل لدفع البلاء وهو الرجوع والالتزام بتعاليم أهل الاختصاص من الجهة الصحية والتمسك بسلاح المؤمن آلا وهو الدعاء ”ادفعوا أنواع البلاء بالدعاء وعليكم به قبل نزول البلاء“ كما ورد عن أمير المؤمنين علي ، والصدقة بشكل مستمر.

فإذا علمنا أن البلاء هو لرفع درجات المؤمن تارة أو التمحيص تارة أخرى لتخليصه من الذنوب فلتكن فرصة الجميع إلى الرجوع لمبادئ الشرع الشريف والتمسك بالأحكام الشرعية حتى على مستوى الآداب العامة للأطعمة والأشربة؛ كالاهتمام بغسل اليدين قبل وبعد الطعام والمحافظة على الوضوء بشكل دائم بل حتى مع بعض الآداب حال الوقوف للسلام باتخاذ مسافة معينة.

فلا حلّ لنا إلاّ بالرجوع إلى قواعد الدين التي تعتمد السماء كمصدر تشريعي والاستغناء عن القوانين الوضعية والتشبث بالحياة المادية التي هي من اختراعات البشر.