آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:48 م

مهرجان كورونا

محمد أحمد التاروتي *

اظهر التجمع الكبير يوم الخميس الماضي، في الكورنيش قصورا كبيرا، في التعاطي مع الخطر الكبير لفيروس كورونا، خصوصا وان الاستجابة السريعة لدعوة للتجمهر تكشف نوعا من الاستهتار، وعدم التفريق بين الظرف الاستثنائي والأوقات الطبيعية، فالتجمهر لا يشكل شجاعة بقدر ما يمثل خطورة كبرى، على شريحة واسعة من المجتمع، لاسيما وان التجمهر يأتي في وقت تتظافر الجهود، في تطويق انتشار فيروس جراء الإجراءات الاحترازية، التي تتخذها جميع الجهات الرسمية، الامر الذي تمثل في تعطيل الدراسة، وكذلك منع كافة التجمعات سواء في المجمعات التجارية، او قاعات الأفراح، او غيرها من الأماكن العامة.

التفاخر بالتجمهر شكل صدمة كبرى، في الوسط الاجتماعي، خصوصا وأن التجمع صدر من شريحة يفترض تحمل قدرا كبيرا من الثقافة، وتحمل على عاتقها مسؤولية كبرى، لاسيما وان الجميع يعول على الشباب كثيرا في تكريس ثقافة التعامل، مع الظرف الراهن بطريقة مسؤولة، وبالتالي فان الظهور بشكل مغاير تماما يقوض تلك الامال المعقودة، على هذه الشريحة الاجتماعية، خصوصا وان عملية ضرب الإجراءات الاحترازية يضع علامات استفهام كبرى، بخصوص الدوافع الحقيقية وراء الأقدام على التصرفات غير المسؤولة.

الترويح عن النفس امر مطلوب في جميع الأوقات، بهدف كسر الروتين وادخال البهجة في القلوب، بيد ان اختيار الوقت المناسب امر في غاية الأهمية، فهناك ظروف تفرض الابتعاد على هذه الممارسات، باعتبارها وسيلة خطرة وغير محبذة على الاطلاق، خصوصا وان تعارض الترويح عن النفس، مع احتمالية الاضرار بالصحة، ونشر الامراض، يستدعي ترجيح الحفاظ على النفس، وعدم إلقائها في التهلكة، وبالتالي فان النفس لديها متسع من الوقت للاستمتاع، بعد انحسار الخطورة التي تخيم على رؤوس الجميع.

التباهي بالتجمهر، وضرب جميع الإجراءات الاحترازية بعرض الحائط، يعطي إشارات سلبية بعدم الاهتمام بالبيئة الاجتماعية، فالمرء مطالب بتغليب المصلحة العامة، بعيدا عن ”الفرحة المؤقتة“، بمعنى اخر، فان الانسان الذي يتحرك بطريقة معاكسة مع المصالح الاجتماعية، يشكل خطورة كبرى على المدى المتوسط والبعيد، نظرا لانعدام الروح الإيجابية، وتغليب الحالة الانانية، الامر الذي يتطلب إعادة برمجة طريقة تفكير، هذه العناصر غير الفاعلة في المجتمع، خصوصا وان الفرد الأناني او غير الفاعل، يخلق الكثير من المشاكل في المجتمع، مما يستدعي التحرك السريع لإعادة الفرد للمسار الصحيح، لقطع الطريق امام اتساع دائرة هذه النوعية، من التصرفات غير المسؤولة.

التداعي لمهرجان كورونا، يكشف قصورا كبيرا في الشعور، بحساسية الظرف الحالي، فالتحرك الفوضوي ينم عن إنعدام كبير في التعامل بمسؤولية، مع التحديات الصحية التي تواجه المجتمع بشكل، خصوصا وان مثل هذه التصرفات تهدد جميع الإجراءات المتخذة للسيطرة على الوضع، مما يمهد الطريق لخروج الأمور عن السيطرة التامة، بحيث تقضي على الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الفترة الماضية، فالمرء الذي يمتلك شعورا تجاه البيئة الاجتماعية، يتجنب الأقدام على مثل هذه الممارسات الصادمة، وغير المتوقعة على الاطلاق.

الوقفة المسؤولة من لدن مختلف الشرائح الاجتماعية، ساهمت في قمع تلك التصرفات بصورة سريعة، خصوصا وان الموقف الرافض لتكرار ”مهرجان كورونا“، احدث تيارا جارفا، لإعادة برمجة الثقافة لدى هذه الشريحة، الامر الذي ساهم في وضع الأمور في مسارها السليم قبل استفحالها، مما يجعل السيطرة عليها غاية في الصعوبة، حيث مثلت وسائل التواصل الاجتماعية اسرع الطرق، للتعاطي مع الحدث الصادم، والمفاجئ لدى مختلف الشرائح الاجتماعية.

أعطى ”مهرجان كورونا“ درسا كبيرا، في الاليات المناسبة للتعامل مع الظواهر السلبية، نظرا للتوقيت غير المناسب لإطلاق مثل هذه التصرفات الغريبة، خصوصا وأنها تمثل خطورة كبرى على البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان الهجمة الكبيرة من لدن المجتمع، كشفت الوعي الذي يمتلكه في التعامل مع الفئة غير الواعية، بحساسية الظرف الاستثنائي.

كاتب صحفي