آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

دعوة غريبٍ للمغادرة - يوميات متفائل

أحسستُ بالفخرِ من حجمِ الهجمةِ العالمية وتضافر الجهودِ واجتماعها في محاولةِ القضاء على ما استجد من فيروسات، وحتماً ستنجح. كنت سوف أشعر بجرعةٍ أكبر من الإعجابِ لو استُهدفت كذلك المخلوقات الأخرى الضارة التي يراها العالمُ ويمكنه قتالها ومحاربتها  والفوز عليها بالضربةِ القاتلة، إذا حاربها بهذا الزخم والقوة. وأنا ”محتاطٌ في منزلي“ أتابع مختلفَ الهجمات على هذا المخلوق الحقير في زوايا العالم عبر التلفاز والصحف والهاتف لا تتوقف البتة، منها الجادة ومنها الرقصة والدعابة والنكتة، أدعو ألا يطولَ مكثه بين ظهرانينا. وها أنا ذا أكتب عنهُ في نوايا صادقة:

هناك فيروساتٌ أخرى ظاهرة مرئية وباطنة مخفية ليست أقل فتكاً منه، توالدت وتكاثرت، منذ أن سكنَ بنو آدم الأرض، حصدت ما لا يمكن عده وحصره من البشرِ على مرِّ العصور والآباد. مخلوقاتٌ ضارة يمكننا أن نقتلها قبل ان تقتلنا لكننا لا نفعل! لا يعرف الموتُ طريقةً مريحةً وجميلةً لقتلِ البشر فبأي طريقةٍ وقتلةٍ قتلهم توقفت حياتهم. لكن قد تطول حياتهم ومعاناتهم في الجهلِ والتخلف والمرض والفقر ويموتونَ بين عشيةٍ وضحاها ألفَ مرةٍ ومرة في ألمٍ أكبر من ألمِ الموت الحقيقي.

انا بدوري سوف اتخذ كلَّ الاحتياطات واتسلح بما يكفي في نظرِ الخبراء من النصائح لكي اتقي هذا المخلوق وغيره من المخلوقاتِ الحقيرةِ الحجم الضارة وأطمع في السلامة، مع علمي أنني نجوتُ صغيراً من الفقرِ والجوعِ والمرض فأرجو ألاَّ يكونَ هو السبب في ضرري في سنواتِ ضعفي وقلة حيلتي، حينَ صرت رجلاً كبّارى!

أنا في هذه الكلمات القليلة: أخاطب هذا المخلوق الجديد القديم، دونَ محبةٍ أو اشتياق، وأطالبه بالرحيل وعدم الرجوع واسترداد ما سلبه من راحتي وهنائي. وأطلب منه بكل اصرار ان يصطحبَ معه دونَ ضجة كلَّ المخلوقاتِ الصغيرة والكبيرة، التي في سجيته وطبعه، تضر بنا نحن البشر الضعفاء دون تأخر فقد طالَ مكوثها بيننا وحانَ أوانُ الرحيل. بكل لطف، أطلب منه الرحيل فليست لدي رغبة في قضاءِ أيام الربيع حبيسَ الدار أسمع وأرى أخباره وأسفاره وتنقله بين البلدانِ على حسابِ ونفقةِ ضعفاء البشر، فأنا حقاً متفائل أنه سوفَ يرحل عما قريب!

مستشار أعلى هندسة بترول