آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

الإمام الكاظم في فكر الأزمة

ليلى الزاهر *

يقول الإمام الكاظم سلام الله عليه مخاطبا علي بن يقطين: ”ياعلي كفارة أعمالكم الإحسان إلى إخوانكم، ياعلي من سرّ مؤمنا فبالله بدأ، وبالنبي ثنّى، وبنا ثلّث“ «المكاسب للأنصاري».

في ثناء الإمام الكاظم على التعامل الحسن مع الإخوان يجدر بنا الانتباه لذلك في وقت نحن بأمسّ الحاجة له وخاصة للوقوف مع المصابين بهذا المرض والتخفيف عنهم بالسؤال عنهم وتفقّد أحوالهم، ومساندة عوائلهم بالكلمة الطيبة ذات المردود الإيجابي، وما قام به بعض الأخوة في احتواء سائقي القطيف الذين ينقلون الطلبة والطالبات للمدارس يكشف لنا عن التكافل الاجتماعي الجميل الذي يسودالمنطقة. ويكشف جانبا خفيا ظهر بوضوح وهمّش «الأنا» لينتشر شعور «نحن» ويطوف بالنفوس التي تعشق الخير، وتتآزر في وقت الأزمة.

كان الإمام الكاظم مثالا رائعا لكظم الغيظ وما سمي بالكاظم إلا لكظمه آلامه وأحزانه وغضبه. وسيرته الغراء للمتأملين فيها تكشف لنا مواقف عديدة من جوانب حياته التي عنْونها الصبرعلى المصاب فكان ذكر الله وعبادته ماختم به حياته إذ كان يُطيل في سجوده لله تعالى وهو منهك القوى سلام الله عليه وكأنه قطعة قماش ملقاة على الأرض، يمتلك صوتًا جميلًا في تلاوة القرآن الكريم، صوتا باكيا خاشعا لله تعالى حتى لُقّب بالعبد الصالح.

فهل لنا ربط واقعنا بحياة إمام رائع مثل الإمام الكاظم ؟

لقد حوّل إمامنا الأزمة لنمط عبادي جميل يحاكي من خلاله صورة جمالية رائعة تربط العبد بربه لتشعّ الألطاف الإلهية كنَفَقَات باهِظَة وحلّ يبعث الراحة والاطمئنان. ربما لاتعرف ثمنا للحياة إلا عندما تركب باخرة وترى بعينيك جنوحها يمينًا ويسارًا في وسط الموج، ولاتعرف قيمةً للسعادة إلّا عندما تفقد أحدَ مقوماتها بين أطراف إحدى الطرق. سوف يتَنَاهَى إلَى عِلْمِك صوت بداخلك يعزف أجمل لحنٍ يقول لك: «لا تَخافُ دَرَكاً وَ لا تَخْشى‏».

إنّ تجاهل الأزْمة التي يعيشها الإنسان لايكون إلا عن قناعة عميقة بأننا نفتقر لحماية أنفسنا ولن نظفر بها إلا إذا تحصّنا بجدار نلوذ به. وكم من المشاكل التي أسلمت وخضعت أمام الدعاء لله تعالى فجاءت بأجمل ابتسامة بعد عبوس شديد.

إنّ الاتصال الوثيق بالله تعالى يقربك من زوايا الكون ويجول بك جولات عديدة عند أبواب السماء ليسمح لصوتك بالولوج عند عرش الله تعالى والمثول أمام قدرته تعالى خاشعا خاضعا يتلو ذلك تجاوز المستحيل. وتلك الحملات الإيمانية التي يقوم بها المؤمنون لابد أن تثمر خيرًا وتأتي أُكلها في حينها. إرادة الله تعالى فوق الجميع وهي تطلب منا تكثيف الدعاء واللجوء لله تعالى صباحا ومساء فنحن بأمسّ الحاجة له

قال تعالى في كتابه الكريم: «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى‏ أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ». «سورة الأنعام: آية 42»