آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

كورونا.. الوقت

محمد أحمد التاروتي *

فرض فيروس كورونا برنامجا صارما، على الروتين اليومي للبشر، فالمرء بات مقيدا في تحركاته ونشاطاته، نظرا للإجراءات الاحترازية المتخذة، لتطويق انتشار الفيروس القاتل، الامر الذي تمثل في صدور الإرشادات والتعليمات بضرورة البقاء في المنازل، وكذلك تقليل الخروج من البيوت الا للضرورة القصوى، وبالتالي فان إعادة برمجة المرء لاولوياته اليومية، بحيث تضع في الاعتبار المستجدات الناجمة، عن تبدل البرنامج اليومي.

إدارة الوقت يمثل من اكبر التحديات الراهنة، خصوصا وان البعض يتعامل مع الوضع الراهن بطريقة احترافية، والبعض الاخر ينتهج سبيل ”البركة“، مما ينعكس على الفوائد الناجمة، عن البقاء في المنازل لساعات طويلة، وبالتالي فان المرء بامكانه تحويل ”فيروس كورونا“، الى وسيلة لتنمية الكثير من المهارات، والعديد من الاحتياجات بشكل عملي، لاسيما وان التحرك الإيجابي يعطي النتائج الكثيرة في غضون أيام قلائل.

تختلف إدارة الوقت من شخص لاخر، تبعا للمستوى الثقافي، وكذلك للنظرة تجاه الظرف الراهن، فالبعض ينظر عملية الجلوس في المنزل بمثابة ”سحابة صيف“ سرعان ما تنقشع، مما يدفعه للتعامل مع الوضع الجديد، بشكل سلبي او غير مبالاة، فيما البعض الاخر يعتبر الجلوس في المنزل، فرصة ذهبية لا يمكن تعويضه، مما يدفعه لوضع برنامج متكامل للاستغلال الأمثل للوقت، بهدف زيادة الحصيلة العلمية والثقافية، بما يعود بالفائدة خلال الفترة القادمة.

الحصول على فرصة جديدة للجلوس في المنازل، ليس واردا في الغالب بعد التغلب على الوضع الحرج الحالي، مما يفرض الاستفادة القصوى من الظرف الاستثنائي، بطريقة مثالية للغاية، ”الفرصة تمر مر السحاب“، و”ذهاب الفرصة غصة“، وبالتالي فان التعامل الاحترافي مع إدارة الوقت، يمثل المخرج المناسب للتعاطي، مع حالات الجلوس في المنازل لفترة طويلة، فهناك الكثير من الاعمال المنزلية القادرة، على تحريك الوقت بالشكل المثالي، بحيث تكون ذا فائدة كبيرة على الاطار الشخصي، والاسري والاجتماعي.

الفوائد المرجوة من عملية إدارة الوقت بشكل احترافي، تكون اثارها الإيجابية سريعة، وظاهرة في بعض الأحيان، ولكنها ليست ظاهرة وملموسة في بعض الأحيان، حيث تظهر بعض فترة زمنية من خلال الاحتكاك المباشر، مع العديد من الشرائح الاجتماعية، وبالتالي فان التعويل على إدارة الوقت تخلق حالة إيجابية في جميع الأحوال، باعتبارها انعكاسات على مجموعة القناعات الفكرية تجاه المسيرة الحياتية.

وجود محفزات ذاتية للتعاطي مع الوقت بشكل مثالية، عنصر أساسي في تجاوز الاحباطات، والعراقيل العديدة، خصوصا وان العوامل النفسية والمطبات المادية، تلعب دورا، في تعطيل الكثير من البرامج الجادة، وبالتالي فان الإصرار على تجاوز جميع الافخاخ المعنوية والمادية، يساعد في الوصول الى النتائج المرجوة، مما ينعكس على طريقة التعامل مع المحيط الخارجي، سواء الاسري او الاجتماعي، لاسيما وان المنظومة الثقافية تلعب دورا أساسيا، في تحديد اليات التعامل مع الاخرين في جميع الأوقات.

التعامل باحترافية مع الوقت يترك اثارا إيجابية، على المحيط الاجتماعي، خصوصا وان نشر ثقافة الوقت تساعد في وضع النقاط على الحروف، في الكثير من المعاملات الاجتماعية، فهناك بعض المجتمعات تفشل في الاستغلال الأمثل للوقت، جراء انتشار ثقافة الاستهتار، وعدم تقدير قيمة الوقت في تنظيم الحياة الشخصية، وكذلك اثر هذه الثقافة على الوسط الاجتماعي، لاسيما وان إضاعة الوقت تخلق حالة من الضياع، والفوضى في كافة الشؤون الحياتية، الامر الذي يفقد المجتمع القدرة على تحديد المسار المناسب، نظرا للافتقار للادوات اللازمة، لرسم الطريق السليم لمواجهة المرحلة القادمة.

بكلمة، فان الخوف الذي بثه فيروس كورونا في النفوس، يمكن تطويعه بشكل مغاير، بما يعود على المرء بالفوائد العديدة، من خلال برمجة الوقت بالشكل المناسب، خصوصا وان فترة البقاء في المنازل تمثل احد الفرص الذهبية، لادارة الوقت بطريقة احترافية، بما يعود على الشخص بالفائدة الكبيرة، والمجتمع بالخير الوفير.

كاتب صحفي