آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:07 م

دجاجتان وديك

ذكر الناسُ لإبراهيم بن أدهم غلاء وارتفاع الأسعار اللحم. فقال: ”أرخصوه“، أي لا تشتروه فترخص أسعاره. أنجع قاعدة في تخفيض سعر سلعةٍ ما هو إقلال الطلب عليها، فعندما يقل الطلب ولا أحد يشتري يقل سعرها وتبور.

قبل إنتاج البيض بالطرق التجارية في مزارع للدواجن كنا من ارستقراطي البيض، فلم يخلو منه بيتنا يوما، في ذلك الزمن كان الناس يطوفون البيوت ويسألون: من عنده بيض للبيع؟ كل ما احتجناه كان قفصاً ودَجاجتين وديك وباقي الطعام، فيأتي البيض والصيصان. كنا ننام معا ونستيقظ معا، فلا ندرك أن صوتَ الديك يزعجنا، إذ هو الصوت الذي تصدره الطبيعة مع نهيق بعض الحمير، وخوار عجول البقر ومواء بعض القطط، ونباح الكلاب لا غير. لا شاحنات ولا سيارات ولا أي من الآلات التي تصدر الضجيج. من أمتع لحظات الغروب كانت رياضة الجري وراء الدجاج واصطيادها لحجزها في القفص خوفاً عليها من لصوص القطط وهي تنط وتطير!

في ظهر الأمس تأخرت شاحنةُ النوع الأوحد من الماء الذي أشتريه فقلت إن الحاجة هي أم الاختراع، فلماذا أنا أشتري كل يوم أحمالاً من الماء بمختلف المقاسات وبميزانية غير قليلة، مع أن الماء الذي يصلني في الصنبور لا يقل جودة أو نظافة عما أشتريه في العلب؟ من يشتري الماء المعلب لا يَختلف عمن يَرمي المال في مصارف المياه، هذا ما يقوله الخبراء في الغرب! ماء أغلى بمرات ومرات وأقل جودة.

هي فقط متلازمة الكسل المزمن، الذي تختفي أعراضها مع الأزمات والحاجة ومتلازمة البطر التي انغرست فينا بعد جيل آبائنا. بالطبع لن نحتاج تربية الدجاج وجمع البيض في عصر التمدن، ولن نجبر على شراء جهاز لتنقية الماء من الشَّوائب، لكن دون شك نحتاج أن نطور من قدراتنا على مسايرة ظرفي الزمان والمكان المتغيران. وتطويع ذوقنا لهما وليس العكس!

من أجمل النصائح التي تنقل عن النبي محمد ﷺ قوله: ”اخْشَوْشِنوا فإنّ النِّعَم لا تدوم“.

بحبوحة وسعة العيش لا تدوم لأحد، ومضائق الزمان لا تنفك تمتحن الناس. والبقاء لمن يخرج من الأزماتِ والامتحانات بربح، لا بمن يخرج منها بخسارة.

مستشار أعلى هندسة بترول