آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

كورونا.. الثالوث السرطاني

محمد أحمد التاروتي *

”أطباء الوهم“ و”مشاهير الجهل“ و”فاقدو الوعي“، ثالوث سرطاني خطير يهدد جسم المجتمع بالفيروسات القاتلة، هذه الأركان الثلاثة تمثل العدو المشترك للمجتمع، في مواجهة الارشادات الصحية، لمواجهة مرض كورونا، حيث تتوزع أدوار كل ركن تبعا لطبيعة المجتمع، وقوة كل طرف في التأثير على البيئة الاجتماعية.

يمارس الثالوث السرطاني دورا تخريبيا، وتدميرا واضحا، في نسف الجهود الكبيرة المبذولة، لبث المعلومات الصحيحة، حيث تعمد هذه الأطراف الثلاثة في الترويج، لمختلف الشائعات، بعضها مرتبط بالادعاءات الوهمية، للوقوف على الوصفات الطبية الناجعة، والبعض اخر ينطلق من الجهل المركب بضرورة انتهاج الطرق العلمية، للترويج للوصفات العلاجية، حيث تمثل الاغراءات المالية احد الأسباب وراء الانخراط في عملية الخداع، والتخدير لبعض الشرائح الاجتماعية، فيما تجد تلك الشائعات طريقها للمجتمع بشكل سريع، نظرا لافتقار للوعي الطبي اللازم، والتسليم بدون وعي لمثل هذه الشائعات، خصوصا وان البعض ينطلق لتصديق تلك الوصفات الشعبية الخطيرة، من ”فوبيا“ المرض، مما يسهم في بروز مثل هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة على الجميع.

فتح الباب امام ”أطباء الوهم“ لاحتلال المواقع المتقدمة، عبر الترويج لبعض الخلطات الطبية غير المعروفة، يشكل البوابة الرئيسية لبروز مثل هذه الممارسات لدى بعض مدعي ”العلم“، فيما يقومون عن قصد بالترويج للوهم، حيث تستغل هذه الشريحة الجهل لدى بعض الشرائح، مما يجعلها تمارس مزيدا من التنويم المغناطيسي، بهدف الحصول على المكاسب المالية، وكذلك الشهرة الواسعة، وبالتالي فان محاولة وضع تلك الشريحة ”أطباء الوهم“ في مكانها الطبيعي يمثل الحل المناسب، للتخلص من هذه الخلايا المرضية السرطانية الخبيثة، نظرا لخطورتها الكبيرة على الثقافة الاجتماعية، وقدرتها على تكريس قناعات زائفة، لا تستند على حقائق علمية على الاطلاق.

”مشاهير الجهل“ يمارسون دورا تخريبيا كبيرا، حيث يستغل هؤلاء وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للكثير من الشائعات، تكون أحيانا عن ”ترصد وقصد“، بهدف زيادة المكاسب المالية، لاسيما وان بعض ”المشاهير“ يعمدون للترويج لوصفات غير معروفة المصادر، فضلا عن ترويج قدرتها على مقاومة فيروس كورونا، الامر الذي ساهم في تدهور حالات البعض، نتيجة الاقدام على تجربة تلك الوصفات المجهولة، وبالتالي فان الوقوف امام تنامي ظاهرة ”مشاهير الجهل“، يمثل مسؤولية اجتماعية، لاسيما وان تمدد هذه الظاهر يشكل تدميرا حقيقيا للجسم الصحي المجتمعي، فالقنوات الصحية تبذل الجهود الجبارة لنشر الحقائق، ومحاولة التعامل بشفافية عالية، فيما يأتي ”مشاهير الجهل“ عبر مقاطع ترويجية لاعادة المجتمع للمربع الأول، من خلال الادعاءات الكاذبة بقدرة تلك الوصفات الشعبية، على مقاومة فيروس كورونا.

”فاقدو الوعي“ يمثل الحلقة الأكثر ضررا على المجتمع، هذه الشريحة تعمل بشكل طوعي لممارسة دورا ترويجيا، حيث تعمد لنشر الوصفات العلاجية الوهمية، مما يجعلها شريكا أساسيا في تدمير الجسم الصحي الاجتماعي، فهذه الشريحة تحاول استغلال بعض النفوذ الاجتماعي، لاختراق الجدار الثقافي بطريقة مباشرة او غير مباشرة، مما يسهم في تمدد استعمال تلك الوصفات لدى بعض الشرائح الاجتماعية، سواء نتيجة التعامل بحسن نية مع ”فاقدي الوعي“، او نتيجة الجهل باضرار تلك الوصفات على الجسم، بيد ان النتيجة تتمثل في الدخول في دائرة الخطر، والوقوع في الفخ المنصوب من لدن ”أطباء الوهم“، بمعنى احر، فان ”فاقدي الوعي“ يشكلون خطورة، لا تقل عن الاخطار التي يمارسها ”أطباء الوهم“، او ”مشاهير الجهل“، خصوصا وانها تحاول استغلال القبول الاجتماعي لتمرير الشائعات، وكذلك تكريس ثقافة الوصفات الشعبية المجهولة، لدى بعض الفئات الاجتماعية.

بكلمة، فان الثالوث السرطاني يقف عاجزا امام ممارسة دوره التخريبي، بمجرد اتخاذ الموقف الرافض، لاسيما وان الوعي يمثل السلاح الأكثر قدرة على تفويت الفرصة، على هذه الأركان الثلاثة في الوصول الى أهدافها المرسومة، فازمة كورونا تتطلب تكاتف جميع الجهود للوصول الى بر الأمان، من خلال انتهاج الطرق العلمية، بعيدا عن ممارسات الدجل والنصب.

كاتب صحفي