آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

كورونا.. الشائعات

محمد أحمد التاروتي *

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعية منصة سهلة المنال، لاحداث بلبلة وبث الشائعات على اختلافها، نظرا لسهولة استخدامها، وإمكانية الوصول الى اكبر شريحة من البشر، في غضون ثواني معدودة، الامر الذي يفسر اتساع دائرة الاخبار الكاذبة، والمعلومات المغلوطة، بحيث اصبح الوثوق في تلك المعلومات موضع تساؤل على الدوام، لاسيما وان مصدر تلك المعلومات غير معروف، ومحل العديد من علامات الاستفهام.

التعامل الحذر مع المعلومات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يمثل الوسيلة الأفضل لتفادي الوقوع في المحذور، فهناك اطراف عديدة تحاول ادخال الجميع في متاهات صعبة، بعضها يحمل أهدافا شخصية، والبعض الاخر مرتبط بغياب امتلاك الوعي الكافي، مما يستدعي التعاطي بمسؤولية مع المعلومة المتناقلة عبر ”الاعلام الجديد“، من خلال انتهاج اليات متعددة للتحقق منها قبل اطلاقها، لاسيما وان البعض يتبرع بالمجان لنشر تلك المعلومات بطريقة ”ساذجة“ للغاية، بواسطة ”النسخ واللصق“ دون التعرف على خطورتها، او محاولة قراءة ما خلف السطور بشأنها.

الشائعات لا يمكن حصرها في اطار واحد، فهناك شائعات تستهدف شخصيات محددة، بينما تركز بعض الشائعات على ممارسات محددة، والثالثة تتناول بعض المعلومات الطبية والصحية الخطيرة، وبالتالي فان جميع الشائعات تحمل تداعيات كارثية على الجميع، بيد ان الاختلاف يكمن في مستوى التأثير، والاضرار الناجمة عنها، حيث تقتصر الاثار السلبية على بعض الشائعات على شخصيات محددة، فيما تأكل بعض الشائعات الأخضر واليابس على السواء، مما يجعلها بمثابة طاعون يهدد سلامة الجسم الاجتماعي برمته.

ازمة كورونا كشفت الكثير من الممارسات الخاطئة، والسلوكيات التدميرية في بعض الأحيان، على الصعيد الاجتماعي، فهذه الشائعات لم تقتصر على الجوانب الطبية، وانما تسللت الى العلاقات الاجتماعية، مما ساهم في تدمير بعض العلاقات الاسرية، وتسببت أحيانا في نشوب صراعات عديدة، نظرا لانتشارها على نطاق واسع في غضون دقائق معدودة، وبالتالي فان العملية تتطلب إجراءات رادعة لايقاف هذه الممارسات التدميرية، على البيئة الاجتماعية، من خلال اعتماد الاليات المناسبة لايقاف تلك الشائعات الكاذبة، خصوصا وان ”النوايا الحسنة“ تكون تداعياتها اشد قسوة، من اطلاق الشائعات في بدايتها، فالتداول الكثيف يعطي نتائج سلبية، وتحقق الأهداف المرسومة، من وراء نسج تلك الشائعات.

المراهنة على سلاح الوعي الاجتماعي، يبقى خيارا قائما في مختلف الأوقات، باعتباره الأكثر قدرة على قطع الطريق امام انتشار الشائعات، لاسيما وان البيئة المتخلفة تشكل الأرض الخصبة، لنمو بدرة الشائعات بشكل سريع، وبالتالي فان وجود الوعي يعطي النتائج الإيجابية في المجتمع، خصوصا وان التعامل الحذر مع الشائعات يساعد في الحد من اتساع دائرتها، الامر الذي يفوت الفرصة على الاضرار بالبيئة الاجتماعية في نهاية المطاف.

حملت وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من المعلومات الخاطئة، والمدمرة في الوقت نفسه، بحيث ساهمت في احداث بعض الاضرار لفئة اجتماعية، نتيجة التعاطي مع تلك المعلومات بطريقة غير واعية، وبالتالي فان خطورة وسائل التواصل الاجتماعي في نقل الشائعات أصبحت واضحة، الامر الذي يتطلب وضع اطار قانوني لحماية المجتمع من الكوارث، التي يحاول البعض التسبب فيها عبر انتهاج وسيلة بث الشائعات.

الحذر في التعامل مع الشائعات في أوقات الازمات امر مطلوب، خصوصا وان بعض الأطراف تحاول الاصطياد في الماء العكر في هذه الظروف الحساسة، من خلال وضع اجندات خاصة لتنفيذها في الأوقات الجرحة، بحيث تتخذ الشائعات طريقا وسبيلا للوصول الى أهدافها المرسومة، نظرا لعدم قدرتها على البوح بمكنونها بشكل واضح، مما يدفعها لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، كغطاء للوصول الى الجميع، نظرا لادراكها بسهولة انتشار الشائعات عبر ”الاعلام الجديد“، وبالتالي فانها تصل الى غاياتها لاحداث اختراق في الجسم الاجتماعي.

تبقى الشائعات سلاح تدميري يمارسه البعض لتحقيق اهداف متعددة، مما يستدعي توخي الحذر، خصوصا وان الشائعات تكثر في أوقات الحرجة، مما يدفع للتشكيك في النوايا، والغايات من اختيار هذه الأوقات، في اطلاق المعلومات الكاذبة.

كاتب صحفي