آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 6:04 م

من أرشيف ذكريات الأرقام

المهندس هلال حسن الوحيد *

أصبحت بورصة الأرقام اليومية التي تصدرها الهيئات الصحية، محليا وعالميا، حدثا يوميا يترقبه كل من لديه وسيلة معرفة، إذ أن الرقم الذي تصدره كل دولة يؤثر على التفكير المحلي والعالمي في معالجة الجائحة وطرق الوقاية مما قد يستجد من أمثالها في المستقبل، وبعد ظهر كل يوم يشغلنا ترقب العدد المحلي والمناطقي وعلى مستوى الدولة بكاملها. هذا الترقب اليومي وأهمية الأرقام تذكر بالنشرة اليومية التي كانت تصدرها البنوك بأسعار الأسهم قبل دخول المنصات الإلكترونية ”تداول“   في بيع وشراء الأسهم آليا، حيث كانت الصفقات قبلها تدار عن طريق الهاتف والفاكس.

كان حديث الناس في التسعينات من القرن الماضي، من يشتري ومن لا يشتري، عن حركة أسواق الأسهم والكسب اليومي السريع. وفي فترة الظهيرة كنا نتلقى نشرة الأسهم عن طريق آلة النسخ ”الفاكس“، المحظوظ من يلتقطها أولا ويوزعها على البقية في العمل. القليل منا كانت له حظوة الاتصال بالخط الهاتفي المفتوح لمعرفة حركة الأسعار على الدوام، بالإضافة إلى ثلة من الأصدقاء الذين كانوا يتابعون نشاط أسواق الأسهم العالمية، يشترون ويبيعون فيها ويضيفون للنقاش بعدا عالميا في كيفية تداخل الأسواق وترابطها وأي سهمٍ يستحسن أن نشتري وأي سهم نبيع!

في فترات الغداء لم يكن من حديث بيننا إلا عن الموجة الصاعدة والمَوجة الهابطة وحركة المنحنى والأرباح والخسائر وغيرها من لغة تحليل مستقبل الأرقام والبيانات. ومع ذلك كانت السوق تكذب كثيرا من المحللين والمطبلين، إما ترتفع وإما تهبط معاكسة جميع التنبؤات والدراسات الحقيقية والمزيفة.

انتهت معظم تلك الموجات عند من عاشها في التسعينات وأصبحت عند من خسر ذكريات مؤلمة ومن ربح ذكريات جميلة. أرقام شغلت كل قطاع المجتمع الغني والفقير، الرجل والمرأة. وهذه النشرة التي ينتظرها كبيرنا وصغيرنا، ذَكرنا وأنثانا بشغف كل يوم، نفرح فيها بهبوط الأرقام ونَألم لارتفاعها أينما أصابت إنساناً سوف تنتهي وتبقى في الذاكرة، وأيضا مع الأسف سوف يفرح من أصاب منها القليل وسوف يحزن من أصاب منها الكثير.

تبقى العبرة في كيف يحمي الانسان نفسه صحيا واقتصاديا من أزمات الأرقام، عن طريق دراستها ومنع حدوثها وتقليل الضرر من تقلباتها ما أمكن!

مستشار أعلى هندسة بترول