آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

الصديق المزور... التاجر الفاجر.... الأخبار المضللة

المهندس أمير الصالح *

استمعت لكتاب صوتي بعنوان Fake Money... Fake teacher... Fake Asset لمؤلفة روبرت كيوساكي «صاحب كتاب الأب الغني... الأب الفقير». والكتاب ترجمته اللفظية هي: المال المزور... المدرس المُضلل.... والأملاك المضروبة. وينادي المؤلف بضرورة الشفافية لتخطي عقبات الخداع والمراوغة التي يمارسها البعض فيكونوا بذلك أثرياء أو أكثر ثراءا على حساب من خدعوهم من الناس لا سيما أصحاب الطبقة العاملة «العمال» والمكافحين من أجل لقمة عيش شريفة.

الله جل جلاله هو العالم بمدة استمرار جائحة وباء كورونا القائمة حاليا والعالم بمقدار الضرر والأضرار التي وقعت وستقع على مستوى كل الأسر لا سيما بعد تقطع سبل استحصال الرزق لبعض المعيلين من أرباب / ربات الأسر ذوي الكسب اليومي.

إلا أن البعض من أبناء المجتمع صُدم بحقائق سلوكيات وأفعال يمارسها البعض ممن يدعون أو يتشدقون أنهم من أبناء ذات المجتمع أو ينتسبون لهذا أو ذاك الوطن.

هؤلاء هم بعض: التجار الفاسدون وبعض منتحلي صفة الأصدقاء وبعض مدعي السبق في ايراد الأخبار. فكما ان هناك fake money، fake teacher، fake asset. هناك أيضا ولشديد الأسف fake friends، fake traders، fake news. بل هناك في كل شيء صادق يقابله شيء مزور أو مفتعل أو مصطنع. وهنا قد تطول القائمة ولا باس بالاشارة لبعض منها: fake siblings، fake beggar، fake family، fake power، fake association، fake management، fake technician.... fake company... et.

السطر الاول:

رفع الكثير من الناس كمية كبيرة من الاخبار عن غلاء الاسعار ومضاربة سعرية أشعلها بعض التجار أو رواد الاحتكار لبعض السلع. وكُتبت مقالات وبثت خطب مسجلة تنصح وتنبه وتدعو اولئكم التجار بعدم افتراس خلق الله وان يراقبوا الله في انفسهم. كما اطلق البعض نداءات ومقالات تدعو المستهلكين لعدم التسابق في الشراء العشوائي المفرط والشراء على قدر الاستهلاك وعدم الاستحواذ وتفريغ الأرفف بادعاء تامين احتياجاتهم من المواد الغذائية لعدم معرفة زمن انقشاع الجائحة. فالتوازن والترشيد في الاستهلاك يحمي المستهلك من جشع بعض التجار او الوسطاء او الانتهازيين ويحبط مخططاتهم في رفع الأسعار جنونيا لعدم وجود طلب يفوق العرض. والتاجر، أو من يمثله من ابناء جاليات في ادارة المتجر، المستغل لابناء وطنه ومجتمعه اعتبره شخصيا انه تاجر مزور Fake Trader وليس له من أخلاقيات التجار والتجارة من نصيب. ومن الجيد تنبيه من انزلق في هذا الوحل لعله يكف او يخشى الدوائر. وهذا يذكرني لرواية تنسب للإمام الصادق أو احد أئمة آهل البيت ، ومفادها: ﴿التاجر فاجر، والفاجر في النار، الا من أخذ الحق وأعطى الحق. وهذا يشمل ليس فقط في مضمار المواد الغذائية بل كل صنوف التجارة بما فيها العقار والأدوية والتقنية والطبابة والنقل والسلع الأخرى.

السطر الثاني:

وفي ذات الوقت، تتقاطر على جوالك وجوالي وجوال الآخرين رسائل صوتية وكتابية ومقاطع فيديوهات من بعض الأطراف في عدة قروبات افتراضية «واتس اب» تسرف في المفاكهة والمسخرة والمجادلة والمفاحمة كانها دعوة للانفصال عن الواقع وتخدير تام وخلق حالة اللامبالاة بما يعصف بالآخرين. وهذا النوع من الناس اعتبره شخصيا صديق مضلل fake friend. ولعمرك أن هذا يذكرني بالكلمة المنسوبة للإمام علي في نهج البلاغة: ﴿.... يا بني إياك ومصادقة الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك. وإياك ومصادقة البخيل فإنه يبعد عنك أحوج ما تكون إليه «3»، وإياك ومصادقة الفاجر فإنه يبيعك بالتافه «4». وإياك ومصادقة الكذاب فإنه كالسراب يقرب عليك البعيد ويبعد عليك القريب.

السطر الثالث:

في مجال الأخبار: توردنا بعض تلك الأخبار التي تكون مصادرها مجهوله وبعضها الآخر معلومة المصدر، وتثير حالة الرعب المفرط إلى درجة الهلوسة او تعضد حالة الإهمال في الوقاية. من الفيروس كورونا.

فوجئت كما تفاجئ الناس حول العالم كافة بان تصريح مسؤول صحي لدولة أوربية فاعلة ودعوته بعدم لبس الكمامات للاصحاء اثناء الأيام الأولى للجائحة الفتاكة كان بسبب النقص الحاد للكمامات في أوربا. وقد تبنى هذا القول ملايين البشر حول العالم وانكشف مع الوقت السبب الحقيقي لذلك الادعاء. فلك الآن ان تسأل وتتسأل عن دوافع عدة تصريحات في الماضي والمستقبل.

وهنا يضع الإنسان لنفسه بصيرة وبعيدا عن قالت وكالة الانباء الفلانية او الجريدة العالمية الفلانية، الواقع هو الاكثر صدقا. وشخصيا اعتبر ان بعض وكالات الأنباء العالمية اخفقت في تزويد متابعيها بالأخبار الصحيحة وهذا يعني ان هناك كثير من الاخبار المضللة fake news.

السطر الرابع:

قبل حوالي ثلاثين سنة وفي مدينة عربية ما، في موجة انطلاق الطلب المتدافع بين البعض من الناس على تركيب الصحون التلفزيونية «الدشوش» بهدف التقاط اشارات بث المحطات الفضائية. وكان سعر الدش والرسيفر مع التركيب يومذاك يقارب الخمس والعشرون الف ريال. ادعى شخص معسور الحال ويقطن وأسرته في بيت شعبي متهالك، ادعى لأبناء عشيرته، كل على انفراد بانه محتاج مساعدات مالية لجلب اجهزة منزلية تعين زوجته المعاقة على أداء الواجبات المنزلية.

تقاطرت الأموال عليه دون علم اي جهة متبرعة عن تبرع الجهة الاخرى. ولكبر حجم صحن الدش، شاهد بعض اقاربه صحن الدش وبعد التدقيق عرفوا بأن المال الذي تم التبرع به فقد تم صرفه لاقتناء الدش. وذاك الشخص البعيد عنا وعنكم أصنفه شخصيا بالقريب المضلل fake sibling.

ما قبل الختام، لا نزكي احد عند الله ولا نعطي انفسنا الحق على محاكمة اي مدعي من الناس، إلا أنه كل من عمل في حقل التطوع او الانشطة الاجتماعية أو حتى على مستوى المشاهدات الفردية فانه شاهد ان هناك من الناس من ينتحل أو يتصنع دور وعند المحك، لاسيما في ظل هذه الجائحة، تنكشف بعض الأقنعة واساليب استنزاف واستحواذ أكبر قدر من موارد المجتمع بطرق متعددة وتحت قبعات مختلفة.

فضلا من ان هناك من يورط ابناء مجتمعه بسبب كسله او تستره او عدم سعيه الجاد على تحصين نفسه ورفع منسوب وعيه أثناء وبعد الجائحة. وهناك من الناس من تواكل ولم يتوكل وهناك من يمن على ربه بصلاته. وهناك من الناس من لا يتورع على شتم من حوله ونهش موارد أبناء مجتمعه ماليا في المأكل والمسكن ويطلب منهم أن يجاملونه في غيه وخداعه.

ختاما اتدارس معاكم الدعاء المعروف بدعاء المهدي لعلنا نستلهم الخير من مدرسة الدعاء لآل محمد «صلى الله عليه وسلم» ﴿اَللّهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ،....، وَتَفَضَّلْ عَلى عُلَمائِنا بِالزُّهْدِ وَالنَّصيحَةِ،....، وَعَلَى الاَغْنِياءِ بِالتَّواضُعِ وَالسَّعَةِ، وَعَلَى الْفُقَراءِ بِالصَّبْرِ وَالْقَناعَةِ،...، بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ.