آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

كورونا والإعلام

عبد الرزاق الكوي

في العصر الحديث يبرز دور الإعلام الجلي ويبرز أكثر في الأزمات والقضايا الدولية والمحلية، فالإعلام جزء من المجتمع، يرتبط بشكل كبير بحياة الناس وتشكيل توجهاتهم، وفي زمن انتشار وباء كورونا برز بشكل كبير، يعمل همزة وصل بين المنظمات الصحية العالمية والمحلية في نقل أحداث وتطورات وانتشار الوباء.

فاليوم وبمساعدة وسائل الإتصال الحديثة وعصر الإنترنت جعلت العالم قرية صغيرة، وأعطت الإعلامي المعلومة على طبق من ذهب وتحت متناول يده، والباقي يعتمد فيها على الإعلام والكاتب في استخدام المعلومة بالطريقة والمصداقية وتحكيم الوازع الديني والأخلاقي والوطني أو العكس.

في الأزمات تتضاعف المسؤولية على الجميع بشكل عام والجهات الفاعلة بشكل خاص، ومن هذه الجهات الفاعلة والمهمة الإعلامي والصحفي والكاتب الصحفي والنشرات الصحفية الإلكترونية، فالخبر ينتظره كل فرد وبيت، وهو يدخل بدون استئذان.

فالإعلام اليوم له سلطة وصاحب السلطة عليه واجبات فهو سلاح ذو حدين، فالخبر بوجود الوسائل الحديثة والمنصات الإلكترونية أصبح بأيدي الجميع، ليس كالصحافة الورقية توجد عليها رقابة ومحدودة الانتشار، بعكس عصر التكنولوجيا اليوم، فالخبر والمعلومة على مدار الساعة.

فالدور التثقيفي والتوجيهي مكمل لعمل الجهات الحكومية والكوادر الصحية، بتحسس روح المسؤولية الملقاة على عاتق الجميع والكاتب الصحفي بشكل خاص، بدورة يتكامل العمل مع الجهات الحكومية والصحية للوصول بالوطن والمواطن إلى بر الأمان، فالناس اليوم ترتبط بالخبر مع انتشار الوباء بشكل أكبر منه في الأيام العادية، ينتظر معرفة آخر المستجدات والجديد من التعليمات، ومتابعة تطورات الوباء بشكل عام، والحمد لله بدأ الناس تتفاعل أكثر وتستجيب بشكل أفضل مما يبشر بخير، فالتعليمات الحكومية والدور المكمل للإعلام قلل من الحركة على نطاق واسع أفضل بكثير عند بداية الأزمة، ومنع التجول والإلتزام المشكور من الجميع، أعطى مردوده الإيجابي لمساعدة الدولة والكوادر الصحية التي أخذت على عاتقها خدمة هذا المجتمع والوطن.

فالحديث الطاغي هذه الأيام أينما حللت وحيثما تواصلت عن طريق وسائل الإتصال الإجتماعية هو عن تطورات وباء كورونا وما الجديد على المستوى المحلي والعالمي، وعن بارقة أمل بإكتشاف لقاح أو علاج ينقذ البشرية من فتكه، اليوم يرتبط هذا الوباء بتنفس الإنسان وقضاء مشترياته اليومية ومحدودية حركته، ولهذا المنوط بالإعلامي والكاتب بالعمل بالشفافية من أجل إظهار الحقائق واعتماد المصداقية والموضوعية، إن لا يدخلون الناس في متاهات جانبية، فيشتغل بسوداوية وتضليل وخلق الفتن يتساوى مع خطره خطر الوباء، فيوزع وجود الوباء حسب تفكيره الأعوج، بإتهام دولة بعينها أو مذهب بعينه أو أقلية بعينها، بدل من السعي للتكاتف والمحبة وزرع بذور الخير والطمأنينة.

فالمحن التي تمر على البشرية اليوم ليس وباء كورونا فقط، فهناك الحروب التي تذهب بأرواح الأبرياء في أرجاء العالم، وهناك المجاعة تحصد الأنفس، وهناك الطفولة المظلومة التي تموت لعدم وجود الدواء، وهناك المشردين من أوطانهم في أصقاع الأرض، لكن اهتم العالم اليوم لكورونا لأنه أصبح يهدد الغني كما يهدد الفقير، يعطل مصالح مراكز القوة في العالم، ويضعف الإقتصاد المسيطر على مقدرات الشعوب، هذا الوباء اليوم يشمل كل جزء من أجزاء المعمورة، فالخوف على المصالح جعل له أهمية أكبر، فقد مرت على البشرية أوبئة من قبل ومنها الأنفلونزا الإسبانية، عام 1918 الذي استمرت عامين، أصاب مليار شخص وحصد أكثر من خمسين مليون.

فالإعلام الجاد والمسؤول يسهم في خلق واقع واضح وبين في حفظ الاستقرار وبث روح التفاؤل وإيصال رسالة الهيئات الحكومية والصحية للناس، وعند وجود الخلفية الجيدة لدور الإعلام والإعلامي والكاتب الصحفي سوف يتقبل المتلقي ويلتزم بالتعاليم والحجر الصحي من أي جهة إعلامية صاحبة مصداقية. عندما تتأكد من أن معلوماتها دقيقة ومن مصادر موثوقةبدون التهويل المبالغ فيه المطلوب زرع الأمل والجميع يشاهد العمل المشهود له من الدوائر الحكومية والصحية، أو تهوين والتقليل والاستهانة من وباء بلاء مما يؤدي الى نتائج عكسية، فالعمل يحتاج إلى توازن ونظرة فاحصة لتكون النتائج في مصلحة الوطن والمواطن، فالبلد ولله الحمد يسير بخطوات جبارة في محاربة الوباء وتباشير السير بخطوات سليمة وفاعلة نتيجتها بمشيئة الله النجاح والسيطرة أو التخفيف بشكل كبير على انتشار الوباء في أضيق حدود، فالعمالة وتكتلهم كمجموعات، والبيئة الصحية التي يعيشون فيها، اكتشفت الكوادر الصحية المهتمة بمتابعة العمالة أمراض كثيرة وخطيرة غير وباء كورونا، وبعضهم بدون إقامة ووجودهم غير نظامي.

فالسبب في نجاح دولة الصين في السيطرة على الوباء رغم انه جاءها بغته وبدون سابق إنذار بعكس بعض الدول الكبرى وصاحبة التقدم العلمي والحضاري، من أسباب نجاح الصين تكاتف الأدوار الحكومة والإعلام والشعب، والحمد لله الدولة عندنا تقوم بالواجب والكوادر تعمل بهمة، ويبقى الدور المكمل للإعلام والشعب في تحمل المسؤولية، فالإعلام الصيني نشر الإيجابية والطمأنينة وخفف من حالة القلق والذعر، وعزز الثقة في قدرات الدولة والقطاع الصحي، وتقبل أفراد الشعب جميع التعليمات بجدية، وهذا سر نجاحهم، اما الدول التي استسهلت بالوباء ولم يقم الإعلام بدوره الصحيح، ولم يؤدي رسالته المرجوة، ولم يعطي الأهمية اليوم تحصد النتائج من اعداد الموتى والمصابين، خرج عن السيطرة في بعض المناطق.

فتجربة الصين حريا ان يبرزها الإعلام لآخذ القدوة، عمل الجميع بإخلاص من أجل بلدهم وتحقق لهم ما أرادوا، وانتصروا وزيادة على ذلك يقدمون المساعدات والإرشادات لكل دول العالم، في ظل دول كبرى تتخبط في قراراتها وتحميل الغير سبب كورونا.

فحبا لهذا البلد وإلى شعبه أن يكون للإعلام صوته المؤثر في نشر التعليمات الموثقة بكل مصداقية، ودعم الطاقم الصحي وعمل لجان من أجل دعمهم وقضاء حاجاتهم والشد على أيديهم وتحفيزهم بإن الجميع يقدر دورهم والسعي لتكريمهم.

ان يكثف الإعلامي والكاتب الصحفي من الدعوة من أجل المزيد من التكافل الاجتماعي وتفعيل دور وأدوار من الخدمات الإجتماعية وعدم التخلي عن الجمعيات الخيرية التي تقوم بعمل مشكور ومقدر لمساعدة المحتاجين من إخواننا وأهلنا الأعزاء علينا، وتقديم دراسات واقتراحات من أجل المساعدة على أيدي المختصين كل حسب تخصصه وكلمته العلمية والفكرية.

ان تشكل المواقع الإلكترونية قسم خاص لتقديم برامج إرشادية مستقاة من المحافل الصحية محليا وخارجيا لمتابعة وباء كورونا وما الجديد من التطورات، وتقديم الإرشادات الصحية، فالمجتمع به الكثير من أصحاب الإختصاص المستعدين لتقديم مثل هذه الخدمات الجليلة.

لم تعد الصحافة بشكل عام والإلكترونية بشكل خاص، والإعلامي أن يكون دورهم مقتصر على التوعية وتقديم الخبر، بما يملكون من سلطة مؤثرة ومتابعين كثر، أن يقدمون مبادرات وحملات تستهدف تعزيز روح التعاطف والعطاء مما ينعكس على نماء البلد والشعب.