آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

الجيش الأبيض

عبد الرزاق الكوي

يخوض الأطباء والكوادر الصحية والإدارية في المستشفيات والقطاعات الصحية على حد سواء حالة استنفار غير مسبوقة في تاريخ البشرية للتصدي لوباء كورونا الذي نشر الرعب وأثار القلق على النطاق العالمي.

في ظل انتشار الوباء تقوم الفعاليات الصحية بدور فاعل لمكافحة الوباء وجهود حثيثة في رعاية المصابين وتقديم العلاج ليس لهم فقط، بل على عاتقهم العناية والإهتمام وعلاج عدد كبير من المرضى مبتلين بأمراض مزمنة تتطلب حالاتهم المراقبة على مدار الساعة وأمراض يومية تصيب الإنسان، يعملون بجد وطاقة وفعالية من أجل إنقاد حياة المصابين من الوباء، والمحافظة على باقي صحة وعلاج المرضى ومن إنتقال الوباء لهم، وإلى جميع الكوادر العاملة في هذه البيئة الخطرة.

مما يعرض الطاقم الصحي العامل للضغوط النفسية والبدنية، لما يحتاجه عملهم من الدقة والمتابعة للحالات المريضة والخطر القاتل مخافة انتقال الوباء، وما يعايشه المباشرون لحالات الوباء من قلقا من أن ينتقل الوباء لعائلاتهم ومما يحرمهم من الحياة الطبيعية في هذه الفترة مع أطفالهم والمحيطين بهم من أب كبير في السن أو أم مريضة تحتاج رعاية، تركوا كل ذلك من أجل تقديم الواجب الذي يعتبر مقدسا في هذا الظرف من حياة الوطن والمواطن.

فالعالم اليوم يتحصن من الوباء ويخاف الإقتراب من البعض الآخر الذي لم تثبت عليه الإصابة بالوباء من أجل الحيطة والحدر إن ينتقل الوباء، ولكن الكوادر الطبية يقفون في الخطوط الأمامية المباشرة مع المصابين وأي خلل في عمله يمكن فيه إنتقال الوباء، فعلى نطاق العالم راح ضحية هذا الوباء أطباء وكوادر طبية، سلم الله جميع القائمين على رعاية وعلاج المرضى من كل مكروه، وأن يحفظهم من كل شر ويعينهم على دورهم البطولي وفعلهم الإنساني، ليصل البلد بفضل الله تعالى وجهودهم المقدرة إلى بر الأمان للوطن والمواطنين والمقيمين.

اليوم أصحاب الأطقم البيضاء أثبتوا القوة والإرادة والإصرار على النجاح، واليوم يثبتوا أنهم اهلًا لذلك، لا يقلون جهادا ومكانة عن من يقفون في الدود عن البلاد وحماية حدوده وأمنه، يقف الجميع صفا واحداً مقدمين أرواحهم على كفوفهم حبا للوطن وتفاني من أجل أبناء وطنهم.

وباء كورونا أظهر الدور الفعال والإهتمام الفعال للدولة حيث نال الشأن الصحي عناية ملموسة وجاهزية مقدرة، ولعب الوباء دورا كبيرا في إبراز الدور الريادي والمهم لهذا القطاع على النطاق المحلي، فهذا القطاع هو البنية المهمة لسلامة ورقي وقوة أي مجتمع، والمجتمع القوي هو من يمتلك اليوم بنية صحية متطورة وفاعلة وكوادر صحية مؤهلة، والأهمية القصوى ألا ينتظر حدوث الأوبئة والأمراض حتى يتفاجأ بها الجميع، بل بالعمل الجاد لتطوير البيئة الصحية من كوادر ومنشأت ومراكز بحوث وعمل دراسات ومراقبة ومتابعة الوضع الصحي ليس فقط في الجانب الحكومي بل في الجوانب الأخرى وما يحتاج إلى متابعة المستشفيات الأهلية والخاصة وتحول بعضها إلى هم الكسب وجمع المال والإستفادة مما تكسبه من شركات التأمين وكل ذلك يرجع تأثيره السلبي على حياة المراجعين المرضى، والمجتمع يتذكر كثير من الأمور والأخطاء التي تقع من عدم الإهتمام وضعف الرقابة على مثل هذه المستشفيات.

فالقوة اليوم ليس فقط بالقوة العسكرية، فلم تنفع اليوم كل الترسانات الحربية في صد ومكافحة وباء كورونا، الصين بقوتها الإقتصادية والبنية الصحية العالية وكذلك بعض الدول ومنها المملكة تبرز بقوة في هذا المجال، فالعالم اليوم بسبب ظلم الإنسان للطبيعة تتلوث البيئة ويتغير المناخ وما ينتج بسبب ذلك من أمراض وأوبئة مستجده وخطيرة تفتك بالبشر حتى يحين إيجاد لقاح أو مصل أو دواء خلال ذلك تمر الإنسانية بالمشاكل الاقتصادية وتدهور الأوضاع المعيشية لكثير من الناس ويكثر الموتى!!

اليوم سلاح القوة الإقتصاد.. وبالإقتصاد القوي توجد بيئة صحية إذا تمت الإستفادة من القوة الإقتصادية في الأمور الحيوية ومنها الأهم اليوم التعليم والذي يتولد منه الصحة والكفاءات الصحية المتخصصة وإدارتها بكل حرفية لكل المرافق الصحية بمهنية وخبرات مكتسبة.

فالأمور الصحية لا تحتاج اجتهادات ولا إنتظار الوباء حتى يحل ضيفا ثقيلا، بل بعمل دؤوب وتميز مدروس، وفق أهداف مرسومة، وخطط فعالة، وكوادر متخصصة ذات كفاءات عالية تواكب آخر التطورات الصحية على نطاق العالم.

اليوم تتعدى الإصابات على النطاق العالمي ثلاثة ملايين مصاب تقريبا، غير أعداد الوفايات المتزايد في أنحاء العالم، في هذا الوضع المطمئن للحالات المصابة والتي تم بحمد لله شفاءها، ووصل بعض المناطق صفر إصابات، في هذه الأيام يحتفل العالم باليوم العالمي للصحة، حيث دعت جمعية الصحة العالمية إلى تكريس «يوم عالمي للصحة»، منذ عام 1950، يأتي هذا اليوم مع انتشار الوباء، اليوم يثمن الجميع على هذه الأرض الطيبة تضحيات الأطباء والكوادر الصحية والعمل الجبار الذي يقدمونه ولا زالوا يقفون حاجزا منيعا في وجه الوباء، يدين لهم بالفضل والشكر، تحية إعزاز وتقدير على جهودهم المخلصة لإنقاذ المصابين دمتم فخرا للوطن وتاج على رؤوس شعبكم حراسا أمناء وحصنا منيعا مأجورين على ما قمتم به، أنتم درع الأمة وسياج الوطن وجنده المخلصين، والشكر موصول لذويهم الذين وقفوا مواقف شجاعة بتشجيع أبناءهم وبناتهم على القيام بالواجب، وصبرهم على فراقهم وقلقهم على سلامتهم.

بكم يرفع الرأس عاليا، يطمئن الجميع أنهم تحت أيدي رحيمة، يبقى

الواجب على المجتمع والمؤسسات ورجال الأعمال والصناعة في بلد الخير والعطاء أن يكرم الجنود المجهولين، وتقديم مميزات لهم نوع من العرفان لعملهم المميز وعطاءهم الغير محدود وإخلاصهم في هذا الوقت الحساس.

قال الشاعر:

ولو أنني أوتيت كل بلاغة وأفنيت بحرالنطق في النظم والنثر

لما كنت بعد القول إلا مقصرا ومعترفا بالعجز عن واجب الشكر...