آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

إنّا غير مهملين لمراعاتكم..

فؤاد الحمود *

جُبلَ الإنسانُ على شكرِ المنعم، وهو واجب عقلي. فمن البديهي بمكان أن تشكر المنعم عليك فما بال من يسدي إليك الوجود والخير والبركة؟! وهل هناك أعظم بركة من وجود شخص لولاه لساخت الأرض وانعدمت..

فسلام على هذا الوجودُ المبارك المقدّس الذي يخاطب مواليه بقوله: ”إنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولو لا ذلك لنزل بكم اللأواء واصطلمكم الأعداء، فاتّقوا الله جلّ جلاله، وظاهرونا على انتياشكم من فتنة قد أنافت عليكم...“

يذكر الأستاذ حسن فرحان المالكي في معرض استغرابه وتعجبه: ”يحق للشيعة في يوم القيامة أن يفخروا ويقولوا للإمام علي والزهراء أننا صبرنا واضطهدنا من أجلكم“

إنّ من المفاهيم التي لا يدركها الكثير ويبدون الاستغراب والاستعجاب لها هذا الصبر والصمود الذي يتحمله الموالون منذ فترات طويلة، رغم أنهم محافظون على المبادئ؛ إن لذة الانتظار التي يعيشها الموالون هو سر خفيٌ لا يدركه إلاّ القلة من الناس وذلك لأنهم يستشعرون الرحمات النازلة من المعصومين، لأنهم خلقوا من فاضل طينتهم فيفرحون لفرحهم ويحزنون لحزنهم.

كما أن مبدأ انتظار الفرج الحقيقي والذي يسعى كل موالي أن يتحلّى به لعلمه وقناعته أنه مبدأ بشّرَ به رسولنا الكريم في قوله: ”خير أعمال أمتي انتظار الفرج“ والذي يعني تهيئة وتعبأة النفوس بالوعي الديني بالالتزام بالواجبات وترك المحرمات ليكونوا محطّ عناية المولى عجل الله فرجه.

ولأنهم يعتقدون أن الفرج الحقيقي لن يكون إلا مع فرجه عجّل الله فرجه الشريف وقرب أيامه.

وهنا نلحظ الاهتمام المتزايد والارتباط بالمولى عجل الله فرجه من خلال التواصل معه بالتصدق نيابة عنه لحفظه، والدعاء له، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن هذه الأعمال في نظرهم مما تسعد قلبه المبارك.

وفي هذا الشهر الشريف من الجميل أن نستشعر وجوده المبارك؛ حيث القلوب متعلقة بالله من جهة، والشياطين مغلولة وأبواب السماء للدعاء مفتحة؛ فجملة من الأحداث والروايات تربطنا به كدعاء الافتتاح الوارد من الناحية المقدسة والذي يستلذ المؤمنون بتلاوته والاهتمام به كل مساء.

كما أن أعظم تلك المناسبات في الشهر العظيم هي ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، والذي عدها العلماء أنها تساوي ثلاث وثمانين سنة ولكن من أي السنين والحساب أحساب الدنيا أم حساب الله ”وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ“

هذه الليلة العظيمة المرتبطة بالمولى صاحب الزمان بصريح الآيات القرآنية: ”تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ“ ودلالة الفعل المضارع أنه يفيد الاستمرار وكما هي مضامين الروايات المؤكدة أن ليلة القدر هي متجددة في كل عام بنزول القرآن وفي هذا الزمن هل هناك قلب طاهر كصاحب الزمان يتحمل نزول الملائكة بالآيات الكريمات.؟!

لكل ذلك تجد الحب والعشق للآل صلوات الله عليهم أجمعين لا ينفك بأي حال لمعرفة الموالين بعظمة ومكانة أهل البيت ولا غرابة أن تجدهم صابرين محتسبين على ما يقع عليهم من ظلم وظلامات غير آبهين بالمآسي الدنيوية التي لا يساوي تحملها شيء مقابل ما سيحصلون عليه من عناية خاصة للمولى صاحب الأمر فهو الذي يراعي أوضاعهم وغير مهمل لهم.

ومن جميل الشكر لرعايته لنا أن نقابل ذلك ونرد الإحسان بأن نكون على تواصل معه في كل آن من الآنات وساعة من الساعات خصوصاً في هذا الشهر الشريف ونحن نتهيأ لوجبة الإفطار وندعو بالمأثور لنتذكر المولى مخاطبين له: أين أنت يا مولاي وكيف تقضي الوقت ومع من سيكون إفطارك، فلتحل علينا ضيفاً على موائدنا لنحظى بالرحمات الإلهية بعد يوم خصنا الله بصيامه.

يا فرج الله..