آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

فرص من رحم الجائحة «5»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

من الدروس التي أفرزتها الجائحة مما استجد من ممارسات في الأسواق السعودية، أهمية المعلومات، باعتبار أن ديناميكية الأسواق، سواء مالية أو نفطية أو حتى سوق الخضار والفواكه، تقوم على المعلومات، وفي أحيان كثيرة على فقدان وشح المعلومات وعدم إتاحتها.

وما دمنا قد التقطنا هذا الدرس، وأصبح الزبون يعتمد على الفضاء المعلوماتي، لكنه مع الأسف يصطدم أن فضاء النقل ”كخط سفر سريع“، ولكن محتواه فقير، لا مقارنات، ولا تحديثات، ولا أخبار عن صفقات لاستيلاءات واندماجات، ولا بيانات مباشرة عن حركة الاستيراد والتصدير، ولا عن المؤشرات الصناعية والخدمية، إلا بعد أن تصبح من التقادم بلا فائدة ترجى، وحتى لا أبالغ تتاح بوتيرة متباعدة حتى تكاد تفقد أهميتها.

جميعا نتابع سوقنا المالية. البيانات متاحة ليس فقط عن الورقة المالية، بل عن كل ما يخص هذه الورقة المالية، وأي أخبار جوهرية ذات صلة بها.

النقطة إذا، لما لا يكون الزخم المعلوماتي نفسه لسلع وخدمات أخرى؟ لماذا علي كزبون أن أشتري ”كيس بصل“ وأنا لا أعرف حقيقة كم سعره في السوق، فتجده في السوق المركزية بسعر، وعند بائع الخضار بسعر، وعند بقالة الحي بسعر، وعند السوبر ماركت بسعر! وبالتأكيد لست مع تحديد الأسعار، فالنقطة هنا تتحدث عن إتاحة المعلومات الحديثة بما تساعد الزبون ليتخذ قرارا واعيا مستنيرا، سواء أكان سلعة قليلة التكلفة مثل ”كيس البصل“ أم سلعة معمرة عالية التكلفة.

وهذا يأتي من ناحيتين، تقوية الجهاز معلوماتيا ليصبح جهازا يمارس عمله ارتكازا على البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي، وأن تتم توأمته مع جهاز حماية المنافسة.

وهذا أمر على صلة وثيقة بما تسعى البلد إلى انتهاجه من خلال تحقيق ”رؤية 2030“، باعتبار أن اقتصادنا أحد الاقتصادات ال18 الكبرى في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي، ونريد له كذلك أن يصبح من ضمن الأفضل في كفاءة السوق، وهذا يتحقق بشرط لازم لا حياد عنه وهو توافر البيانات المحدثة بما يبعد شبهة الغبن والجهالة.

ولا مجال لتأخير الأمر أكثر، فهو مطلوب، ولا سيما أننا جميعا أصبحنا نمارسه، فأول ما أن يتبادر إلى ذهنك شراء سلعة فتتجه باحثا في ”النت“ لتعرف أكثر، فمثلا ستجد أن المطعم يعرض قائمة الطعام على ”النت“، حتى أسعار الأطباق، وقد تجد مراجعات كتبها زبائن سابقون عن تجربتهم في المطعم، هل هذا يكفي؟... يتبع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى