آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:08 م

خديجة.. أم المؤمنين

عبد الرزاق الكوي

من دواعي الغبطة أن يخط ويتشرف قلم أن يكتب لقامة بعظمة أم المؤمنين الناصرة الصابرة المضحية الفاضلة، هذه الليلة العاشرة من شهر رمضان المبارك ذكرى وفاة مولاتنا نرتجي من هذه الكلمات المتواضعة شيئا من فيض بركات عظيمة نساء عصرها.

السيدة خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى بن قصي بن كلاب بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر.

يلتقي نسبها مع النبي ﷺ عند الجد الأكبر «قصي»، ولدت سنة 565 م، أمها فاطمة بنت زائدة بن الأصم، تزوجت من الرسول ﷺ العاشر من ربيع الأول وكانت في الأربعين من عمرها وقيل أصغر من ذلك، وكان عمر الرسول ﷺ خمس وعشرون سنة، ولم يتزوج غيرها في حياتها حتى توفيت .

للسيدة خديجة ألقاب كثيرة تعكس جليل مكانتها وعظمة شخصيتها ورفيع قدسيتها..

لقبت بالصديقة وأم المؤمنين والمباركة والطاهرة والراضية وينبوع الكوثر وأميرة مكة وأم الزهراء عليهما أزكى وأعطر السلام.

صاحبة النسب الكريم والشرف الفاضل والأخلاق العالية والعفة الرفيعة والكرامة الثاقبة، كانت نجمًا ساطعًا يشع بنوره، تربعت على قمة الشرف والمجد والسؤدد حكيمة قريش، ذات دين ومروءة وعزة، ورسوخ في الإيمان ورفعة في الشأن وعقل راجح وعزم لا يلين، أشتهرت بالجمال والكمال والشرف الرفيع والعلم والحلم وصلابة في إتخاد القرار ودقة الرأي والقول السديد والعقل الراجح والفكر الصائب، كانت على دين أبيها إبراهيم قبل بعثة الرسول ﷺ، يعرفو بالحنفاء، وعندما بعث المصطفى الأكرم كانت أول سيدة لها الشرف العظيم عند الله تعالى وعند رسوله ﷺ، وحبا وتقديرا عند كافة المسلمين، أنعم الله تعالى عليها أن يكون نسل الرسول ﷺ منها، وامتداد الإمامة من نسلها.

بما كانت تملكه من جمال خلق وأخلاق وفضائل وسمو وشخصية.. رغب كبار وأشراف القوم ورؤوس بني هاشم وملوك اليمن وأشراف الطائف للفوز بالإرتباط بها ونيل الشرف والزواج منها، وكتب الله تعالى لها الفوز بالدارين بالشرف والسعادة من الزواج من رسول الله ﷺ في العاشر من ربيع الأول سنة ست وعشرون قبل الهجرة.. كانت طوال سنين زواجها مع الرسول ﷺ الزوجة المثالية المتكاملة من خلق وكمال وأدب رفيع كان زواجًا مقدسًا وكان الرسول صلى الله عليه وآله يقدر هذا الخلق والأدب الرفيع والتفاني في خدمته ونصرة الإسلام.

كانت من كبار التجار وكانت قافلتها من أكبر القوافل، وتجارتها من أنجح التجارات ربحت من تجارتها الخير الوفير والثروات الطائلة، قدمت كل ما ملكت في خدمة الإسلام والدفاع عن قيمه ونصرة للرسول ﷺ، واسته بالمال وشدت من أزره بالعطف والحب المتدفق، هيئت له البيت الهادئ السعيد مطيعة مخلصة، تخفف مما يصيبه من أذى طغاة قريش وتشد من عزمه وتقف بجانبه صابرة محتسبه أن ما يصيبهم في وجه الله تعالى وخدمة لدينه وعزة لإسلامه.

حياتها عطاء وكرم بما أنعم الله تعالى عليها، لم تنسى الفقراء والمساكين والضعفاء والمحتاجين وكانت تساعد الفتيات على إتمام زواجهم.

كانت وأبو طالب من الصديقين الذين تحملوا الوزر الأكبر من المعاناة والتحمل في بداية الرسالة عاشت بعد الثراء والرفاهية والخدم والحشم والجاه، عيشة الزهد والتواضع لتكون قدوة جليلة ليس لزمانها بل للأجيال من بعدها في معنى العطاء والتضحية والفداء.

توفيت السيدة خديجة بعد وفاة عم النبي أبو طالب بثلاثة أيام قبل الهجرة بثلاث سنين عام 23م ولها من العمر خمس وستون، عاشت مع الرسول صلى الله عليه أربعة وعشرين سنة وستة أشهر أيام كانت غامرة بالإيمان وحسن الإسلام.

حزن الرسول صلى الله عليه وآله لفراق عمه مؤمن قريش أبو طالب والصديقة الطاهرة خديجة حزنا شديدًا وأشتد عليه البلاء، ونال منه طغاة قريش الكثير من الظلم والأذى لشدة حزنه على فراقهم سمي سنة وفاته بعام الحزن.

لقد ظلت الذكرى الطيبة من الحبيبة على قلب الرسول ﷺ طوال سنين حياته، خالدة وماثلة في ذاكرة النبي الأكرم، لم يمحها الزمان، يذكرها ويذكر مواقفها في كل وقت ويدعوا لها ويصل أرحامها ويحن للأوقات السعيدة معها.

كل ذلك العطاء والتفاني من الشخصيتين العظيمتين أبو طالب والسيدة خديجة لكن ظلمهم التاريخ ولم يعطهم حقهم بما قدموه للإسلام وحماية وحفظ الرسول ﷺ، فجزاءهم الأعظم حب الرسول الأكرم لهم، والرضا من الله تعالى وهو الجزاء الأوفى.

كانت آخر كلماتها أن تعتذر من الرسول ﷺ من أي تقصير، ثبتنا الله على مودتها، وجعلنا من خاصة مواليها، ورزقنا محبتها ومحبة سيدة نساء العالمين فلذت كبدها..