آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

برنامجنا الرمضاني

عبد الرزاق الكوي

قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.

في ظل الحجر الصحي يقضي الناس ساعات طويلة من أوقاتهم في منازلهم فالوباء حرم الجميع من فعاليات هذا الشهر الكريم من مجالس القران الكريم الجماعية والمجالس والتجمعات والأسواق العامرة في مثل هذه الأوقات التي يتمنى الجميع إنقضاء الوباء والجميع يتمتع بالصحة والعافية بالإلتزام وتفعيل العقل بدلا من التهور حتى لا يحصل مالا يحمد عقباه، فالجميع اليوم في سفينة واحدة أي ضرر في هذه السفينة الخاسر الجميع على المستوى الشخصي واعزاء من من حولنا.

الوقت واستغلاله من أهم ما نقوم به في هذه المرحلة ونحن نجلس في المنزل، فالوقت هو الثروة العظيمة، وأهميته تتجلى في هذا الشهر المبارك، ومع ارتباط هذا الشهر مع استمرار الوباء، فكل ساعة فراغ يجب استغلال أكثرها أو بعض منها في العبادة والطاعة وتلاوة القرآن الكريم، هذه الوقفات تزيد من رصيد الإنسان وتنعكس على شخصيته وترسم توجهه حتى يعتز ويفتخر بهذا التغيير والإنجاز في مجمل الحياة.

أما إذا كان مجمل الوقت في شهر الله والتقرب له أمام التلفاز لجميع أفراد العائلة عامة والألعاب الإلكترونية وأجهزة الهواتف النقالة وبرامجها للصغار والشباب فيخرج الجميع من المولد بلا حمص، إذا لم يكن بخسارة أكبر. فالبعض لا يكثر ارتباطه بمتابعة البرامج والمسلسلات إلا في هذا الشهر وهو شهر العبادة والارتباط مع الله جلا وعلا، فإذا لم يكن يوجد برنامج عبادي شخصي أو جماعي في المنزل فحريا أن نحذر من كثرة الجلوس أمام التلفاز لما لهذه البرامج من أثر على التفكير من جاذبية أتقن المخرجين والرعاة حبكها من أجل الوصول لأهدافهم وتحقيق ما يصبوا له من تغيير في النسيج الاجتماعي والكسب المادي، فالتأثير مدروس كيف الوصول إلى عقل المشاهد ولاننسى ما يقدم خلال تلك المسلسلات للدعاية لمنتجات مدفوعة الثمن بعرض جذاب وبعضه كذاب من أجل جذب المشاهدين للمعروضات.

فالمشاهدة للمسلسلات المعروضة في زيادة هذا العام مع وجود الحظر، الصغار والشباب والكبار، أولاد وبنات يتسمرون أمام شاشة التلفاز بدون رقابة على ما يعرض الخارج عن كثير من القيم الاسلامية والتقاليد الاجتماعية من سفور وغرام وحب تخدش القيم وتدمر الأخلاق وخيانة واختلاط يريدون تمريره وعلاقات غير مشروعة وتحلل فكري وتفكك أسري بعيدة كل البعد عن الواقع لا تناسب عرضها في الأيام العادية فماذا عن عرضها في هذا الشهر الفضيل، هل كل ذلك صدفة، مع تناقض أكثرها روحانية هذا الشهر المبارك، شهر الله تعالى.

الساعات الطويلة أمام التلفاز أو استخدام الوسائل الحديثة لا تهذب نفس ولا تطهر روح ولا تخلق مجتمع فاضل، شهر رمضان فرصة عظيمة من عمر الإنسان من أجل ترقية النفس، والتقرب لله تعالى، بعد عام وشهور من الانشغال بهموم الدنيا والارتباطات الشخصية، يأتي هذا الشهر المبارك فرصة ثمينة يجب أن تستغل لا تدهب هدرا في الجلوس كل الوقت أمام مسلسلات وبرامج أكثرها تضر أكثر مما تنفع.

فالحسرة أن يكون حال فلذات الأكباد وأمل المستقبل هم أقل المستفيدين من بركات هذا الشهر، نوما في النهار في ظل العطلة المدرسية وسهر طوال الليل بسبب الحجر ووجودهم في المنزل بدون الاستفادة ولو القليل.

فمجرد متابعة قليلة من آباء وأمهات على أولادهم وأبنائهم سيشاهدون واقع محزن لأوضاعهم، فإذا لم يحثوا من أجل استغلال أوقاتهم لقليل من العبادة وقراة القرآن الكريم، ان توجد رقابة ومتابعة قدر الأمكان فيما يشاهدون من البرامج تصل بعضها للمحرمة واستهتار بمكانة هذا الشهر الفضيل.

فالحملات الشرسة والشريرة من أجل استهداف فئة غالية على الأسرة والمجتمع تتوجب على الاسرة اختيار ما يناسب للمشاهدة وما يكون انعكاسه مفيد على شخصية من يشاهده يخرج الفرد إذا لم يكن بالفائدة المرجوة أن لا يخرج بضرر، فالترفيه عن النفس يحتاج له الجميع لا أن يكون هذا الترفيه من بعد الإفطار حتى وقت السحور.

لا أحد يتصور أن معدي هذه المسلسلات والبرامج هدفهم إنساني بحت فالدراسات والواقع والمتابع يتضح مدى تأثير الدراما في تغيير كثير من القناعات وتبديل الأفكار، فيمكن بأسلوب شيطاني تحبب السفور وتدعو بطرق وأساليب للإنحلال الأخلاقي، فأساليبهم مدروسة نلاحظ مدى التأثر والإنجذاب بمعرفة بعض الشباب والشابات بجميع أوقات عرض المسلسلات حتى لا تفوتهم حلقة من حلقات مسلسل أو برنامج، وعند وقت المشاهدة لا تستطيع الكلام مع المتابع للمسلسل حتى لا تذهب دقيقة من المشاهدة عليه وتجلب له الحسرة.