آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

خطوط الصدوع

اكتشف العلماء أن الأرض تتكون من قشرة خارجية سمكها حوالي خمسين كيلومترا، تسبح فوق وشاح ساخن جدا سمكه 2850 كيلومترا، يسبح فوق لب الأرض شديد الحرارة والذي يبلغ سمكه 3500 كيلومترا. وتمثل القشرة الأرضية الطبقة الصلبة وهي تغطي أرض القارات اليابسة بسمك 50 كيلومترا وقيعان المحيطات بسمك ستة كيلومترات فقط. هذه القشرة الأرضية تتكون من صفائح تلتقي مع بعضها وتسمى مناطق التقاء الصفائح خطوط الصدوع. وتتحرك هذه الصفائح بمعدل 6 سنتيمتر سنويا تقريبا وهي إما تتقارب مع بعضها فتندس إحداها تحت الاخرى او تتصادم مكونة الجبال ومثالها التقاء الصفيحة الهندية مع الصفيحة الاوراسية مكونة جبال الهيماليا، او تتباعد عن بعضها حيث تنفجر البراكين في مناطق الإبتعاد مكونة جزرا جديدة في وسط المحيطات او تنزلق على جوانب بعضها حيث تتباعد المناطق وتتكسر الصخور مطلقة طاقة رهيبة في خطوط الصدوع في زلازل وهزات أرضية عنيفة، ومثالها سان اندرياس في كاليفورنيا بامريكا. اذن، خطوط الصدوع هي خطوط التقاء الصفائح الأرضية والتي تبدو هادئة ولكنها واقعا تنتظر فرصة الإنفجار عبر البراكين او الهزات الأرضية لتنفس عن طاقات الصخور المطحونة وحرارة الارض المخزونة في باطنها. وهذه الهزات والبراكين قد يعتبرها البعض نقمة وشرا لما تسببه من كوارث ودمار ولكنها من ناحية آخرى مصدر خير لأنها تطلق الحرارة من جوف الأرض الى محيطاتها وقشرتها حيث نحتاجها لحياتنا العادية.

والسؤال هو: هل توجد هناك خطوط صدوع معنوية في عوائلنا قد تبدو هادئة ولكنها قد تنفجر مسببة الكوارث الرهيبة من تمزق ودمار وقطيعة للرحم والعلاقات؟

الجواب: نعم. فمثلا في العوائل، قد تحدث تاريخيا منازعات ميراث مالية او منافسة على وجاهة او عدم توافق أسري بين أطراف العائلة المختلفة فيهدأ الصراع عبر السنين وتكبر الأجيال الجديدة بعيدة عن هذا الصراع، ولكن مع الأسف، ما إن تتأزم الظروف وتتوتر العلاقات حتى يلعب البعض الماكر حيلته، فينفخ في الرماد لينفجر هذا الإرث التاريخي النتن. وهنا ينطلق أهل الخير والمسؤولية في العائلة ليجمعوا القلوب ويزيلوا التوتر ويشدوا اللحمة في عملية اطفاء لهذا الحريق العائلي.

وهل هناك خطوط صدوع في المجتمعات الإنسانية؟. الجواب: مع الأسف، نعم وما أكثرها. خذ مثلا، العصبيات القبلية والطائفية والمناطقية والقومية، فهي قد تكون نارا تحت الرماد حتى يلعب البعض فيثيرها سلبا ليهز المجتمعات في زلازل وبراكين تأكل الأخضر واليابس عبر خطوط الصدوع المجتمعية هذه. وقد يؤسس المجتمع بغباء خطوط صدوع جديدة، فيقسم الناس الى مجاميع فهذا غني وهذا فقير وهذا مثقف وهذا جاهل وهكذا، فيقسم المقسم ويزرع بذور الشقاق. وهنا ينطلق البعض من أهل الخير ممن تهمه وحدة الكلمة وسلامة المجتمع فيؤدي دوره ويحمل مسؤوليته، فيقرب القلوب ويخمد النيران ليزرع في القلوب والنفوس العلاقة الانسانية الخالدة: «الناس صنفان: إما أخ لك في الدين او نظير لك في الخلق».

رئيس جمعية مهندسي البترول العالمية 2007
والرئيس التنفيذي لشركة دراغون اويل سابقا.