آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

شموخ أنثى

زكي الشعلة *

عاشت في عز عائلة كريمة، ملتزمة ومحافظة، مدللة ومنعمة، الحياة في نظرها جميلة، ضحكتها تعلو مع زميلاتها، وابتسامتها لا تفارقها أينما كانت، متفائلة بالحلم الجميل، حميدة في أخلاقها وروحها، طيبة القلب ونقية السريرة، نجمة في قلوب من عرفها، مثابرة لكل عمل طيب، تحب مساعدة الآخرين وتواسي المهمومين، وترفع معنويات المحبطين، نشيطة ذي همة عالية، كلامها البلسم الشافي لقلوب الجرحى، مرحة في تعاملها تنشر البسمة والسعادة في كل مكان، مبروكة على أهلها وأحبابها، فكأنها الزهرة الزكية الجميلة في بستان أهلها نور وعطاء وجمال. فما الذي حل بها؟

تمنت أن يرزقها رجلاً يشاركها الحياة بكل معانيها وتفاصيلها، ويكون القائد لها ولأسرتها في إدارة سفينة الحياة، وقد حلمت بفارس الأحلام الذي سوف يشاركها بسمتها وعطاءها ومرحها، وأكثر ما طلبت رجلا يفهمها ويفهم تفاصيل الأنثى حتى يدغدغ مشاعرها، فكانت تنظر ذلك الشاب الذي سوف يكمل دينها، وتكمل معه مسيرة الحياة بقية عمرها، وإذا بطارق الباب يطرق باب أهلها طالبا يديها الكريمتين، وهو رجل معروف لدى عائلتها، وافقوا عليه قبل موافقتها، واحترمت رأي أهلها، وقد تزوجت منه، وبعد فترة من الزمن ماذا حصل؟

بعد شهر من زواجها طلبت الانفصال منه، فاكتشفت بأن زوجها غير مناسب لها، ولكن شاءت الأقدار كان في بطنها جنيناً، ولذا آثرت بحياتها لأجل ما في بطنها، وتحملت المتاعب لأجل ابنها، وقد رزقها الله ولدا مباركاً، وهي في صراع مع زوجها في فهم الحياة، وأيامها بين السعادة والتعاسة، وتحملت هي لأجل المحافظة على أسرتها، وقد أنجبت بناتا واختارهم الله عز وجل لرحمته، ومرض زوجها، وقد رحل من الحياة لرحمة الله وغفرانه وهو في عز شبابه. فماذا بعد؟

الوردة والزهرة التي كانت في بيت أهلها المدللة والمنعمة بدأت تذبل وتواجه الحياة بقساوتها، فأصبحت حزينة على وضعها متحملة المسؤولية في تربية ابنها، وتتكلم عندما تبتهج الحياة لها، وأما كل وقتها حزينة لما أصابها بصمتها، وإنما تحمد ربها على ما هي عليه، فلا تتكلم كثيرا وأمورها في قلبها حتى يفرج الله لها وتستقيم أمورها، نالت من الحياة ومن أعين الذئاب المآسي والصعوبات، فواجهت الكثير من المشاكل التي هي بعيدة عنها وتأتيها لبيتها الصغير، ولكن قوة إيمانها وعزيمة إرادتها أصبحت قوية، فماذا كانت؟

تحملت وصبرت وفهمت الحياة وتجاوزت محنتها وخرجت من دائرة همومها المغلقة، فقد اهتمت بتربية ابنها وتعليمه، وكانت ذكية حذرة في تعاملها مع الآخرين، أصبح لها شأنا اجتماعيًا ومكانة كبيرة في قلوب محبيها بالموعظة والإرشاد، وكانت صندوق أسرار الكثير من أهلها، مستشارة لصديقاتها، تساعد الجميع لوجه الله وترشدهم، خبرتها بالحياة أصبحت أستاذة، حضورها في المجلس النسائي لها احترام وتقدير من الجميع، فتكيفت بحياتها لتسعد نفسها وابنها وأهلها ومجتمعها، فقاعدتها: العطاء سر من أسرار السعادة. فهذا هو شموخ الأنثى؟

للمرأة أسرارها التي يعجز أعتى الرجال عن اكتشافها، ولها أسلحتها التي تعجز أعظم قوة عن تفكيكها، والمرأة الذكية هي التي تجيد استخدام مشاعرها بدلا من مفاتنها. وقد قيل لسقراط: من هي أعظم امرأة في نظرك؟ أجاب: هي التي تعلمنا كيف نحب ونحن نكره، وكيف نضحك ونحن نتألم.

وصدق الأديب الشاعر أحمد شوقي حين قال:

الأم مدرسة إذا أعددتها..... أعددت شعبا طيب الأعراقالمرآة كيان إنساني مهم في بناء حياة الأفراد والمجتمعات الإنسانية سواء كانت أمًا أو بنتًا أو أختَاً أو زوجةً ففي كل مراحلها لها أهميتها ومنها تنطلق منها أسس التربية والسلوك والعادات التي يكتسبها الأفراد جميعا وتبقى متلازمة لهم في حياتهم. والمرأة هي أساس البيت، وركيزة استقراره، وهي المدرسة الأولى والأساسية للتربية والتعليم، فالمرأة هي التي تربي الرجال العظام، فإذا تعلمت المرآة عزة النفس والكرامة والفضيلة زرعتها في أبنائها وأنتجت رجالا عظماء يبنون مجتمعهم وأوطانهم.

 

إضاءة: ليس عيبا أن يتعلم الرجل من قلب المرآة شيئاً يجعله أكثر إنسانية ورقة، فهي تعطي إذا شاءت وتمنح إذا أرادت وتتنازل إذا أحب، فرفقا بها.

سؤال التحدي الأسبوعي:

إذا كان لدينا «5» أحرف، فكم كلمة يمكن تكوينها دون تكرار الحروف؟

أ» 5 ب» 20 ج» 100 د» 120

جواب سؤال التحدي للأسبوع الماضي:

32