آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

بين إعادة اعتبار المنتج المنزلي وستاربكس

ليلى الزاهر *

للقهوة شعبيتها الطاغية، أخذت شهرتها من ذوبان القلوب بها عند ارتشافها، وجمال بصمتها المرافق لسجل توقيع الحضور في دوائر أعمالنا.

باعتقادي الشخصي أنها تفقد رونقها مساء خاصة عند أولئك الذين يحبذون النوم المبكر. فمحلّها من النفس صباحا، وساعات الصباح تضفي عليها ذلك التّميز.

إنّ طاقة الإنسان مقرونة بنهوضه صباحا فإصرار الصباح على النور تكليف لنا بالنهوض لذلك فإن الإنسان ينسب للقهوة كلّ عمل جميل يقوم به صباحا.

تخبرنا القواميس والمعاجم بأن لفظ القهوة مشتق من الفعل قها ويقال أقْهَى فلانٌ:

دام على شُرْب القهوة واعتاد عليها.

وعشق القهوة له جذوره الضاربة في القدم فقد أُلّفت الكتب من أجلها ونُسبت لها فضائل كثيرة حتى وصفها الباحث والمؤلف عبد القادر محمد الجزيري في كتابه «عمدة الصفوة في حلّ القهوة» بالشراب الطّهور قائلا:

«إنّها الشراب الطهور، المباركة على أربابها الموجبة للنشاط والإعانة على ذكر الله تعالى».

في قديم الزمان وماقبل زمن كورونا صحبتني إحدى صديقاتي لمقهى ستار بكس لنرتشف تلك السمراء بين أحضان مكان اكتظّ بزبائن تتلو المعوذات من كثرتهم والطريف في ذلك المشهد الطابور الذي اُصْطفّ من أجل تلك الفاتنة السمراء.

فمن حظي بكوب من القهوة في ذلك اليوم خاطبه كما يخاطب قيس ليلاه؛ الشمس تضحك من فوقه، والعصافير تُسبّح وتهلل لجمال الكون؛ لأن كوب القهوة بين يديه.

كنت من بين الناس الذين يجلسون على تلك المقاعد الجميلة التي تناسب أجواء المكان المخمليّ الفاتن إلّا أن فكري كان مشغولا بفاتنة أخرى بقهوتي التي أعدّها في منزلي وتخرج نقية من بين يديّ لها طعم بيتي مميز، حرّكتها أناملي بعناية وحبّ، لديّ كوبي الخاص، أعشق جماله، أحاوره ليساعدني في كتابة هذه الكلمات ويُصفق لي مع نهاية كل مقال أنتهي منه.

لاحاجة لي بالوقوف أمام المقهى كل صباح عند ذهابي لعملي، فعندي مطبخي وأدواتي الخاصة بصناعة قهوتي، وجميع مستلزماتها ولمسات ربّات البيوت التي لاتضاهيها المقاهي جمالا وطعما.

ما أحوجنا لإعادة اعتبار المنتج المنزلي الذي يخرج من مطابخ بيوتنا وخاصة في ضوء التحليلات الاقتصادية والصحية المصاحبة لهذه الأوضاع.

وكم من جميل الصنع أخرجت منازلنا!

حبذا صحوة جديدة تعيد لنا أزمنة كنا نعيش بمأمن خلالها دون مطاعم خلّفت الزيارات الكثيرة للمستشفيات، وشُخّصت بنزلات معويّة شديدة.