آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

العالم بين العنصرية والطائفية

عبد الرزاق الكوي

الاحتجاجات الواسعة التي اإنتشرت في كثير من المدن الأمريكية احتجاجا على وفاة المواطن الأمريكي من أصل أفريقي البالغ من العمر ٤٤ عامًا يدعى جورج فلويد حيث قتل من قبل الشرطة عمدًا بالضغط على رقبته لأكثر من عشر دقائق حتى فارق الحياة، وتم تصوير المشهد من قبل المواطنين ولم تنفع مناشداتهم من قبل المعتقل ولا من قبل المتواجدين، لاقت هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبت بدم بارد مع سبق الإصرار ردود فعل عارمة ليس في الولايات المتحدة بل استنكار على مستوى العالم حيث خرجت في بعض الدول مظاهرات احتجت على هذا الفعل غير الإنساني وتنديد متواصل على المستوى الإعلامي في أرجاء الأرض رفضًا وَاسْتِنْكَارًا لهذه العنصرية المقيتة وغير المبررة تذهب بسببها أرواح بريئة وليس في ساحات الحرب.. وهذا الفعل ليس وليد يومه وله سابقة من قبل ولن يكون هذا الفعل نِهَائِيًّا لأن هذا الفكر وتعشش في العقلية وتغذية أيدي خفيه وتقف وراءه مؤسسات استخبارية، ورغم محاولات وضع القوانين لتجريم مثل هذه الأفعال لكن يبقى التفكير الدوني للآخر واستغلال مثل هذه الأفعال لمصالح خاصة باقيًا، لم تنفع القوانين ولا التحضر الذي أظهر فشله وزيفه رغم عدم إغفال بعض التقدم في النواحي الحياتية لكن يبقى الجانب الإنساني وهو المهم متروكًا، وحقوق الإنسان تنتهك ليس في البلاد نفسها بل هذه السياسة المتغطرسة تنقل هذا الوباء للعالم بتشجيع العنصرية وإحياء الطائفية بين الشعوب، لتبرز عدم أهلية مثل هذا البلد لحماية حقوق الإنسان، فالمواطن الأمريكي من أصل أمريكي لم يكن ذا خَطَرٍ يهدد حياة الآخرين ولا يحمل سلاح حاول فيه مقاومة قوات الجيش وكبلت يداه ولايستطيع الحركة حتى يمنع عن نفسه الاختناق وكرر عدة مرات أنه لايستطيع التنفس ولم يستجب الشرطي لهذا التوسل حتى فارق الحياة، مما يؤكد أن هذا الفعل لايحرك ضمير الشرطي بحيث يفقد مواطن بريء حياته ويدل على الفكر العنصري، فإذا كانت هذه العنصرية على مواطن أمريكي أعزل فماذا يكون هذا الفعل على النطاق العالمي وهي تفرض نفسها شرطي على العالم تأمر بحصار هذا البلد ومعاقبة بلد آخر وتهديد بشن حرب على بلد ثاني بدون وجه حق ولا موافقة من قبل هيئات دولية، تستبيح كل الأعراف والمواثيق الدولية وزيادة على ذلك العمل على إشعال نار الطائفية في كثير من أرجاء العالم واستغلالها هذا الفعل سواءً بالاتفاق غير مباشر أو بواسطات وبتقديم الدعم والمساعدة والتدريب والتنقل والدعم الاستخباري ابتداءً من القاعدة في أفغانستان والقصة معروفة كيف غرر بالشباب المسلم في قتال الاتحاد السوفييتي وراح ضحيته الأرواح من دون طائل وكانت سببًا في بروز تيار تكفيري أعمى البصيرة شكل خطرًا في جميع أنحاء العالم بشكل عام وبالخصوص في البلاد الإسلامية وهذا ما كانت تصبوا له، وكان نتاج هذه المؤامرة الخبيثة داعش.. فتقابلت العنصرية الرأسمالية و العنصري، وخوارج العصر الطائفيين بولادة مسخ مشوه اسمه داعش في تحالف خطر يخطط لتدمير البنى التحتية للدول ونشر الخراب والدمار وقتل النفس البريئة.

فتاريخ العنصرية والطائفية حافل في خدمة الأجندات التي تشكل خطرًا على استقلال الدول وبناء مجتمعات راقية، فداعش هذا الوليد الذي ولد غير متكامل النمو العقلي والنفسي كأداة لمزيد من الأطماع والسيطرة وبث الكراهية بين الطوائف والأديان والمذاهب في فكر قديمًا وحديثًا هو (فرق تسد)، رعتها الاستخبارات العالمية.

فالعنصرية والطائفية التي يضرب خطرها العالم ويهدد الدول لها مروجيها وداعميها والمستفيد الوحيد أعداء الأمة الإسلامية والخاسر ما يشاهد على نطاق أكثر من دولة في العالم الإسلامي كيف دمر وتهالكت البنية التحتية، ولو أخذنا نموذج واحد وهو العراق فقد ذهب ضحية الحصار الأمريكي ومن بعده الحرب على العراق ما يقارب المليون قتيل ولم تكتفي بذلك فكان المسخ المتوحش داعش الوسيلة المتاحة ومن يملك القابلية لقطع الرؤوس ليكمل مسيرة الدمار قتلا وتفجيرًا للأبرياء وتهديم لدور العبادة وخلق الطائفية في شعب لم يكن يعرف الطائفية لكن الأنفس المريضة أشعلت نيران الطائفية واستغل أعداء الإسلام هذه الأفكار الضالة لتحقيق مصالحهم (إن لم يمت بالسيف مات بغيره.. تعددت الأسباب والموت واحد)

فأصبح لكل بيت في العراق شهيد أو عدة شهداء بقصف بطائرات غادرة أو بتفجير جسم عفن لنفسه في سوق شعبي أو مجمع ديني، وليس بعيدًا أن يكشف أن وباء كورونا أتى من هذه الأجسام العفنة، ووسائل الإعلام الحديثة خدمت كل من يسعى لتتبع الحقائق، وخير شاهد على العنصرية البغيضة من قبل الاحتلال ما قام به في سجن أبو غريب يشاهد المتابع الإجرام العنصري على أشده والتنكيل مالا يخطر على بال البشر انتهكت فيه كل القيم الإنسانية حتى شريعة الغاب لم يفعل مثلها.

هذا ما أنتجته العنصرية والطائفية للعالم شر يعم بلاءه فهذا المفكر الأمريكي تشوفسكي يقول: ( إن معظم إرهابي داعش تلقىوا التدريب على يد الاستخبارات المركزية الأمريكية وهؤلاء تورطوا في جرائم ضد الإنسانية في المناطق التي تخضع لسيطرتهم حيث نفذوا أعمال عنف مروعه مثل قطع الرؤوس)

العالم اليوم يستنكر الفعل العنصري القبيح ومن بعض المستنكرين يمارسون الطائفية أو يغضون الطرف عنها أو يوافقون عليها فليكن الشجب والاستنكار والحرب على نطاق العالمي والنطاق الإقليمي ضد العنصرية والطائفية وكشف مخططاتهم العدائية، فالعالم أفضل بدون هذا الداء ، يكفي العالم ما يتعرض له من أوبئة ومخاطر وأزمات اقتصادية.