آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

الحرز.. الفلّاح الذي امتلك احدى أكبر المكتبات الخاصة

جهات الإخبارية حوار: عيسى العيد - القطيف

كيف تحول الإبن البكر لعائلة من المزارعين إلى صاحب إحدى أكبر المكتبات الخاصة في القطيف؟ وما قصة تأسيس هذه المكتبة؟ وما سرّ التسمية التي اختارها لمكتبته؟ وما تأثير والدته في صقل ملكة القراءة عنده؟ ولماذ يقضي بين الكتب سحابة يومه أحيانا؟ وكيف تحولت هذه المكتبة من مكتبة منزلية عادية إلى مركز ثقافي تعقد فيه الحوارات الثقافية. نلتقي في هذه المساحة مع الإستاذ علي الحرز صاحب مكتبة الجدل الذي حوّل مكتبته إلى معلم ثقافي يقصده المثقفون ورواد المكتبات، فإلى الحوار:

علي الحرز اسم لمع من خلال مكتبته العامرة لو تحدثني عن بطاقتكم الشخصية لكي يتعرف القارئ عنكم؟

ولدت في بلدة أم الحمام في أحد شهور عام 1960 ميلادية لأب «أمي لا يقرأ ولا يكتب» وأم قارئة حسينية "مُلاّية"، وكانت أم الحمام يومها قرية معظم قاطنيها فلاحين لا يوجد بها كهرباء، ولأني كبير الذكور فكنت مكسبا كبيرا لعائلتي، حيث زاولت مهنة الزراعة في مساعدة والدي منذ الخامسة من عمري، وعند بلوغي السنة العاشرة أدخلت إلى معلم القرآن، وبعد الحادية عشرة التحقت بالمدرسة، وفي عمر الرابعة عشر توفى والدي، ووفاء له خرجت من المدرسة كي أعمل في البناء نهارا وتلميذا في المساء، وبعدها دخلت إلى معهد صناعي لمدة ثلاث سنوات، وبعد تخرجي التحقت بشركة أرامكو حتى التقاعد المبكر.

في العادة ترتبط المكتبات العامة إما باسم صاحبها أو يطلق عليها اسم له صفة اعتبارية إما في الوسط العلمي أو الثقافي لماذا أطلقت عليها اسم جدل؟

لكل شيء في هذا الوجود دال ومدلول، كنت أتحاشى أن تكون المكتبة باسمي أو باسم عائلتي، حتى لا تكون مكتبة تعطي دلالة شخصية أو عائلية، لأن المكتبة قد خصصتها للمجتمع، أما بخصوص اختياري لمفردة جدل فهي لم تأتي اعتباطا، اخترت هذا الاسم بعد تمحيص حيث كلمة جدل ضاربة في عمق التاريخ الإنساني والتراث العربي الإسلامي، فهي «ديالكتيك» في فلسفة أفلاطون أو ما أسماه بالجدل الصاعد والجدل النازل وفي تراثنا الإسلامي سورة قرآنية وهي سورة المجادلة.

كم عدد الكتب تحوي المكتبة ومنذ متى وأنت تجمع فيها وهل لها تاريخ تأسيس وهل كانت حلمك منذ كنت صغيرا في أن تمتلك مكتبة بهذه الضخامة؟

واقعا ارتبطت بالكتاب قبل دخولي المدرسة، حيث أقرأ من كتب والدتي في السنة العاشرة من عمري، وأصبح لدي شغف بالكتاب، والمداميك الأولى لنواة المكتبة في سنة 1975ميلادية، إلى أن وصلت إلى مرحلة «الببلومانيا» وهي الشغف بالكتاب أو الهوس بالكتاب، حتى زحفت للبيت أفقيا وعموديا وتجاوز عدد الكتب أكثر من ثلاثين ألف كتاب وأكثر من مئة ألف جريدة ومجلة.

هل تحوي المكتبة على مخطوطات ذات أهمية تذكر ما هي تلك المخطوطات وكم عمرها وهل كلفتك مبالغ كبيرة؟

مع شديد الأسف إن المخطوطات في الوطن العربي والعالم مكلفة وتحتاج إلى مبالغ طائلة، وبهذا لا أملك إلا مصورات فنية على المخطوطات، وامتلك الكثير من نوادر الكتب التي توازي المخطوط في القيمة المعنوية.

رأيت لك على بعض حساباتك في الميديا تصريحات عن أرشفة لو تحدثني عنها وكيف يتم أرشفتها؟

بخصوص الأرشفة فهذه عملية ممتعة وشاقة في نفس الوقت، عندما ضاقت الأمكنة عندي في المنزل لكثرة الجرائد والمجلات، عمدت إلى فكرة أخرى وهي عمل قصاصات من هذه الجرائد والمجلات، ولصقها حسب التصنيف في ألبومات خاصة تحت عناوين كثيرة، بعضها ما يتعلق بمحافظة القطيف، أو ما يتعلق بالشأن السعودي وخصوصا الثقافي منه، وهذه المهمة تستغرق مني يوميا ما يقرب من 6 إلى 8 ساعات يوميا.

كم ساعة في اليوم تقضي فيها وما هي الطريقة التي تختار فيها قراءاتك وهل تقضي الوقت فقط في القراءة أم هناك أعمال أخرى؟

بسبب هذا الشغف فأنا أقضي جل وقتي في المكتبة، بعض الأيام أقضي في المكتبة أكثر من 12ساعة يوميا، أما بخصوص القراءة فهي أيام أو شهور، تتمركز قراءتي حول موضوع معين، تاريخي أو فلسفي أو علم اجتماع أو غيرها من المواضيع.

في العادة تعتز المكتبات بأن بعض الباحثين استفاد منها فهل تستقبل مكتبة جدل الباحثين أم هي مكتبة خاصة فقط؟

قالت العرب قَدِيمًا ألا يمنع من ثلاثة: الماء والهواء والكلأ، وأنا أضيف عليهم المعرفة فهي يجب بدلها لطلابها، المكتبة تستقبل الباحثين من الوطن ومن الخارج أو طلاب وطالبات المدارس.

في مكتبة جدل قسم يختص بالمقتنيات الأثرية ما هو الرابط بينها وبين الكتب؟

الحقنا بالمكتبة جناح عبارة عن متحف، وهو يخدم معرفيا الزوار من جميع الأعمار خصوصا طلاب وطالبات المدارس، حيث يتعرفون على عناصر متحفية قديمة.

بالطبع إن هناك رابطا ثقافيا بين المكتبة والمتحف، من حيث معرفتهم العملية عن قرب من خلال الشرح فيخرجون بحصيلة علمية عن ماضي الآباء والأجداد.

في المكتبات الكبيرة يوجد بها حوارات عن آخر الإصدارات أو محافل توقيع لبعض الكتب هل يتم مثل ذلك في جدل؟

نعم تقام في المكتبة بين وقت وآخر ندوات وحوارات وقراءة في بعض الكتب، أو بعض المؤلفين يقوم بتوقيع كتابه بين نخبة من المثقفين.

كلمة أخيرة لمن عزف عن القراءة المعمقة إلى القراءة المقتضبة من أدوات الاتصال أو غيرها؟

كلمتي حول القراءة: البعض يظن أن قراءة الوسائط الاجتماعية تغنيه ثقافيا عن قراءة الكتب، هذه الوسائط تعطيك معلومة وليست ثقافة، تعطي القارئ ثقافة سطحية لا ثقافة معمقة، فرق بين المعلومة والثقافة، أنا من خلال هذه الزيارات لمكتبة جدل متفائل بهذا المجتمع هذا ما لمسته من خلال شغفهم الذي ألمحه على محياهم. دمتم سالمين...

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 8
1
عبدالباري
[ تاروت ]: 24 / 6 / 2020م - 12:25 م
حوار جميل ومفيد
2
Kamal Ahmed Almuzel
[ Saudi Arabia ]: 24 / 6 / 2020م - 1:22 م
الله يعطيه العافية استاذ علي ، هذه المكتبة منارة من منارات الوطن عامة والقطيف خاصة ، جهد طيب وعمل جبار ، أتمنى له المزيد من التوفيق .
3
ابراهيم علي الشيخ
[ أم الحمام ]: 24 / 6 / 2020م - 1:46 م
بداية شكراً للكاتب الصحفي والمؤلف الأستاذ: عيسى العيد على إجراء هذا اللقاء، والذي سلط الضوء من خلاله على شخصية قهرت بل وكسرت عن عنوة صندوق المستحيل وأثبتت أنّ الإرادة هي من تسبق الرغبة بل وتصنعها..

لن أضيف شيئاً ذا بال إذا ماقلت بأنّ مكتبة
( جدل ) أضافت للجدل معنى أسمى وأرقى في ميدان الثقافة، وباتت قبلة للباحثين ومن يتّسمون
ب ( جوع المعرفة ) تجربة فريدة حديرة بالعناية والثناء .. شكراً
4
حسن ابو حسين
[ تاروت سنابس ]: 24 / 6 / 2020م - 2:05 م
حوار جميل يبوهادي ???
5
بدر الشبيب
[ ام الحمام ]: 24 / 6 / 2020م - 2:06 م
حوار جميل.. يستاهل أبو حسين
6
أبو علي
[ صفوى ]: 24 / 6 / 2020م - 3:20 م
القراءة هي الحياة . وكما قيل من بعض الوصايا أن كل أنسان حبذا لو كانت في منزله مكتبة ولو صغيرة . وفقكم الله تعالى .
7
قطيفي ج
[ القطيف ]: 25 / 6 / 2020م - 11:44 ص
حوار جميييل ابوهادي
والاجمل اجابات ابوحسين
8
عبدالباقي
[ القطيف ]: 25 / 6 / 2020م - 8:00 م
جميله جداً المقابله والمفروض أن يحظى الاستاذ علي بفرصة للظهور إعلامياً للتعريف بمشروعه الثقافي على مستوى المنطقه والوطن.