آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

أحدث إصدارات المكتبة

المهندس أمير الصالح *

لو سألت فتى أو فتاة من أبناء الجيل الحالي عن اشهر مكتبة في مدينتهم لما أختلفت الأجوبة عن ذكر مكتبة محددة على انها الأشهر والأكثراستقطابا لهم. وعندما تذهب الى فروع تلكم المكتبة في ندن عدة لتتحقق من أسباب ترشيحها وذياع صيتها، تفاجئ ان الشباب والفتيات ينكبون ويتحلقون حول آخر اصدارات اجهزة الاتصال الذكي واجهزة الحواسيب والعاب ”البلايستيشن“ وحقائب المدارس وقرطاسية الدفاتر في تلكم المكتبة وليس الكتب. اذا كيف انصرف ذهن الشباب بان معنى مكتبة تعني لهم مكان بيع الاجهزة الحواسيب والقرطاسية والالعاب الالكترونية.

تعيد كرة الاستفتاء على نفس الأشخاص، وتعيد تأكيد السؤال عن أشهر مكتبة تبيع الكتب وليس مكتبة تبيع الهواتف الذكية والحواسيب والألعاب الالكترونية وتحمل اسم مكتبة.. فتسمع ذات الإجابة!!

قد تذهب كما ذهبت أنا لاتحقق للمرة الثانية عن مصاديق الاجابات على ارض الواقع، وافاجئ أن الأغلب من الكتب المعروضة والمتصدرة هي عبارة عن روايات بوليسية أو عاطفية غرامية أجنبيةو كتب مترجمة لكتاب انجلوساكسونيين «متحدثي اللغة الانجليزبة» في حقول علوم الإدارة وتطوير الذات وإدارة الوقت ومبادئ علم الإدارة ونصائح في الاستثمار ودليل التجارة الناجحة وقصص نجاح تجارية ملهمة وكتب باللغة الانجليزية عن مذكرات أفراد وقليل من الكتب العلمية الإكاديمية وكتب أدب وتاريخ باللغة العربية لمؤلفين قدماء.

تساءلت إن كانت صيغة السؤال عن أفضل مكتبة في مدينتك هي صياغة سؤال صحيح أم أن مفهوم المكتبة تغيير مع تغيير الزمان، أم إن نماذج التسويق والترويج لانماط المكتبات المُستجلبة من العالم افرزت هذا النموذج المتصدر في استفتاء أجوبة جيل اليوم.

حتما، لقد تغيير مفهوم المكتبة مع مرور الزمن من مكان مخصص لبيع الكتب الى فن ترويج كل ما يتعلق بعالم القراءة الجادة والترفيه المعرفي والراحة المكتبية وعالم الاتصالات وانواع القرطاسية الحديثة وبيع الحواسيب والجوالات وترويج الانتاج الموسيقي الى جانب انماط بيع الكتب المتعارفة في كل الحقول المعرفية ولكامل الفئات العمرية. هكذا تغيير في المصطلحات وتنمية لانماط سلوكية في المستهلك تحتاج إلى استيعاب واعادة توظيف لتكون مواكبة من أبناء جيلي زمنيا وحسن تجسير مع أبناء الاجيال الصاعدة. فمفهوم التسوق والأكل في المطعم والسفر والأنشطة والفعاليات آخذ في التمدد أو التجديد أو التنوع.

لو سألت ذات العينة المستفتاه عن: آخر اصدارات الكتب الجديدة في مكتبته المفضلة والتي نتوقع إنه اطلع عليها في ذات المكتبة التي أشار إليها في جواب الاستفسار السابق، فإن الأجوبة تتمرجح بين:

- عدم مرور المستفتى على قسم الكتب اطلاقا

- مرور المستفتى على قسم الكتب دون المرور على رف آخر اصدارات الكتب الجديدة

- متابعة المستفتى لأخر اصدارات الكتب الجديدة.

ومن المعلوم بالمنطق الاستنتاجي ان حراك آخر اصدارات في الكتب الجديدة ينم عن تدفق الانتاج الثقافي داخل المجتمع ويعكس مواكبة الاحداث وزيادة مساحة الوعي كما ينم عن تشخيص ميول رواد المكتبة في اقتناء انواع معينة من كتب معرفية محددة او فلسفة ادارة المكتبة في تبني كتب ذات صبغات فكرية معينة.

عند بحثك في ارفف قائمة ”آخر اصدارات الكتب“ أو ”وصلنا حديثا“ أو ”كتب لحياة افضل“، فانت فعليا تجد نفسك تتصفح كتب ”انجلوسكسونية“ مترجمة مع العلم انه صدر بعضها قبل عقد من الزمن وسعرها مازال باهض التكلفة. الامر الملفت هو انه يطرق مسامعك ان هناك مؤلفين محليين وان عددهم في تزايد ولكن لا ترى صدى او احتضان لانتاجهم الفكري والعلمي في المكتبات المفضلة لدى جيل اليوم. امر محزن ان ينكفأ المؤلف المحلي أو يكون مجهول بين اوساط من يفترض بانه محتضن منهم.

هل أضحى أهل الكلام يستوردون كل الكلام من الانجلوسكسونيين ويغرقوننا به في المكتبات كما يستوردون أجهزة الاتصالات.