آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 9:00 م

لقب ”فتى رائد الاعمال“

المهندس أمير الصالح *

قبل عدة سنوات شاهدت فيلم ”The wolf of wall street“ وقد اثار في ذهني عدة اسئلة لان خيال المؤلف وصيغة السيناريو تدغدغ مشاعر كل موظف وشاب ان يفكر في الانطلاق في عالم الاعمال والتجارة ويتحرر من رق الوظيفة والانعتاق من سادية رئيسه المباشر المشوش او المعقد نفسيا. وحديثا، ارسل احد الاصدقاء مقال صحفي بعنوان ”... لماذا اصبح الجميع مهووسا بلقب مؤسس؟!“.

وكان المقال يتضمن جرعات موضوعية وفكرية في معالجة اسباب الاندفاع الكبير من قبل الشباب نحو مجال ريادة الاعمال وتأسيس الانشطة التجارية المغلفة بتطبيقات الذكاء الصناعي دون اي دراسة معمقة عن ميوله واستعداده النفسي وعن النشاط الذي سيزاوله واللوجستيات المتعلقة به. ”وهم الموهبة“ ”Talent Delusion“ كتاب يشخص نفسيا اسباب ودوافع ذلك الاندفاع العظيم نحو ريادة الاعمال لدى الكثير من الشباب مثل تطبيق حلم الحرية المالية والتمظهر البراق وسحر السفر حول العالم وفانتازيا ريادة الاعمال وابهة الاستقبالات والمؤتمرات. بينما الواقع ان رواد الاعمال الحقيقيون يمرون بمصاعب جمة وتحديات كثيرة ويبذلون من الجهد والوقت والمال الشي الكثير ليكونوا من القلة القليلة ممن ينجحون ويتألقون ويشار اليهم بالبنان. واما ما يقارب التسعون بالمائة، 90 %؜، في بعض الدول وفي ظروف ماقبل عصر الكورونا فانهم يتلاشون. واحصائيا لم اقف على ورقة احصائية متكاملة من مصدر رسمي عن نسبة النجاح في ريادة الاعمال ما بعد زمن جائحة كورونا الا ان التقارير العامة من البنك الدولي تشير بانكماش اقتصادي كبير.

المغامرة في عالم ريادة الاعمال ان لم تكن مدروسة بالقدر المعقول وحسب النماذج العلمية المتعارفة والا فانها ستكون مغامرة شبه لهو وعبث وخسارة وحسرة. تؤكد دراسات بحثية نشرها دكتور باحث يُدعى آدم غرانت في كتابه ”الاصليون“ ان بيل جيت وستيفن جوبز ولاري بيغ وسيرجي برين واخرون لم يقفزوا الى قارب اطلاق شركاتهم الخاصة الا بعد التأكد من وجود تمويل كامل وخطوط انتاج لاعمالهم. وبعضهم ترك وظيفته والتحق باعماله الخاصة بعد سنتين من بداية اطلاق مشروعه/ هم. لعل من الجيد ان نشدد بان المشروع الريادي في الاعمال يحتاج الى تفرغ ومتابعة وانضباط وتحديد اهداف قابلة لتحقق ووجود خبرة كافية والتهيئة النفسية للضغوط المتعددة وحسن قراءة للدورة الاقتصادية في البلد المقام به المشروع والقطاعات الناجحة ومزاج الانفاق المالي الشعبي العام لاقتناء للمنتج او الخدمة المقدمة.

في ظل ظروف الجائحة الحالية قد يكون من الحكمة بمكان زيادة رقعة الاطلاع على التجارب المحلية والخارجية والدولية في عالم ريادة الاعمال بشكل خاص والتجارة بشكل عام. وهناك عدة مواقع جادة وحريصة على اعطاء الحقائق كما هي متناثرة بين محطات البودكاست والانترنت واليوتيوب والصحف الاقتصادية المتخصصة والمحطات التلفزيونية الفضائية. الكل يعي بان الكرامة المالية ليست خيار وانما مصير يجب ان تبذل الجهود لاستحصالها. والبعض يعلم بان سوق الوظائف اضحى شرس المنافسة الا ان سوق ريادة الاعمال لا يقل ضراوة عنه ان لم يكن اكثر ضراوة. يقول البعض ”ان النجاح مسيرة نيرة وقد يتخللها بعض التعثر ولا بد من الاستمرار للوصول الى الدرجات المنشودة من قبل كل شخص“، وانا اشاطرهم ذاك.

المراجع:

1/ مقال ”إباحية ريادة الاعمال....لماذا اصبح الجميع مهووسا بلقب مؤسس؟!“ لمؤلفه عماد ابو الفتوح

2/ كتاب ”الاصليون“ للدكتور آدم غرانت

3/ موقع بي بي سي الاخباري

4/ موقع سي ان بي سي الاخباري الاقتصادي

5/ موقع ار تي التلفزيوني ”لقاء مع... سر النجاح.. مفكر اقتصادي عربي يقدم نصائح للنجاح“ بتاريخ 30 اغسطس 2020