آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 9:52 ص

الشيخ الخويلدي وحماية المجتمع

عبد الرزاق الكوي

العالم يعيش في أجواء عاشوراء ودورها في إصلاح المجتع يستمد منها الهداية والوعظ والإرشاد من أجل واقع اخلاقي يستمدها من قيم أهل البيت والتي تمثلت في نهضة الإمام الحسين

قال رسول الله ﷺ: ”من رأى منكم منكرا، فلينكره بيده إن استطاع، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فحسبه أن يعلم الله أنه لذلك كاره“

فالإصلاح وتوعية الأمة بالأخطار الماثلة والمستقبلية التي تتعرض لها الأمه الإسلامية بشكل عام والمجتمعات المحلية بشكل خاص من تحريف لمبادئ الدين والعودة للجاهلية كان لابد لدور الإمام الحسين الإصلاحي أن يفعل وخير تفعيل له هو دور المنبر الحسيني تحت راية رجال الدين المخلصين بقيادتهم المجتمع نحو الإصلاح من أجل السلم والسلام والأمن والأمان، بعيدا عن الفساد والانحراف في العقيده والأخلاق، فالمخطط كان القضاء على الدين وعودة الحياة إلى ماقبل بعثة النبي ﷺ وهذا المخطط كان من عهد النبي ﷺ وبعده في عهد أمير المؤمنين وبلغ اشده في عهد الإمام الحسين فالأمة أصبحت بحاجة الى هزة توقظ الضمير وترجع الحياة الكريمة للقلوب وتتحمل الأمة مسؤولياتها في وجه الفتن مهما كلف ذلك من مشاق وجهد.

من أجل الإصلاح خرج الإمام وهو عارف بمقتله مع أهل بيته وأنصاره البرره، فهذا عطاء لا مثيل له وتضحيه عظيمة من رجل عظيم.

فالحرب على الإسلام كانت في أشدها، وقتلت أنفس كثيره منذ وفاة الرسول ﷺ لتمسكهم بهذا الخط الإيماني، وحرفت المبادئ وزورت الأحاديث، فكان الموقف الشرعي يستلزم من الإمام الحسين أن ينهض للإصلاح حتى وإن كان الثمن أنفس طاهرة وعزيزة، فكان هذا هو هدف الرسول ﷺ من بعثته والحسين في كربلاء يتمم المسيرة ”حسين مني وانا من حسين“.

وعظ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الأمة ودافع في ساحات الجهاد عن مبادئ الإسلام، ونصح الإمام الحسن قومه وبين لهم سوء الحال، فكان خيار الإمام الحسين حماية مكتسبات جده ﷺ وإصلاح مايمكن إصلاحه، فلم يكن هدف أهل البيت الحرب يوما ما، بل كان دفاعا عن القيم السماوية.

قال الإمام الحسين : ”أنا أدعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه، فإن السنة قد أميتت، وإن البدعة قد أحييت، وان تسمعوا قولي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد“.

لم يتطرق إلى الحرب والقتال وسفك الدماء، فهو على طريق جده ﷺ رحمة للانسانية جمعاء، فكان وجوده الإمام الحسين في كربلاء تسجيل موقف ليبقى هذا الموقف خالد لكل زمان ومكان، للبشرية عامة من أجل حياه كريمة، هذا موقف الانبياء وخاتمهم المصطفى ﷺ فمعرفة الإمام الحسين بمقتله ومعرفته بالوضع في العراق والانحراف في المواقف وتبدل الولاءات لم يجعله سببا في عدم قيامه بواجب الإصلاح والتخلي عن المسوؤلية الملقاة على عاتقه، فأختار خيرة من رجال الأمة القلة القليلة الصابرة التقية من أجل مشروعه الإصلاحي في مرحلة من أسوأ المراحل التي مرت على الإسلام، فقد بلغ الانحراف مداه بالأمس القريب، تخلوا عن الإمام الحسن ومن بعده يخرجون لقتال الإمام الحسين ، ”قلوبهم معك وسيوفهم عليك“ كل تلك الظروف لم تثني الإمام في إصلاح أمة جده ﷺ فكان لابد من الشهادة ليبقى شهيد على أمة قتلت ابن بنت نبيها ومنقذها من الضلال، ”شاء الله أن يراني قتيلا، وأن يرى بنات الرسالة سبايا“.

هذه النهضة الإصلاحية بقي أثرها خالدا وامتد مفعولها الإصلاحي للعالم أجمع مثالا صادقا ومخلصا من أجل الدفاع عن المبادئ.

سأل الامام زين العابدين من انتصر في كربلاء، فقال: ”إذا دخل وقت الصلاة، فأذن وأقم تعرف الغالب“.

كان أعظم جواب، خرج الإمام الحسين من أجل الصلاة وإعلاء كلمة الله، فبقيت الصلاة وبقى الدين وقيمه حتى قيام الساعة، إسلام عزيز بالروح الحسينية، بالحسين تعلمت البشرية أن الحق ينتصر وإن الباطل كان زهوقا.

فالعالم اليوم يدين بمكتسباته وعزته الى نهضه الإمام الإصلاحية، فقد وضع المبادئ من أجل مجتمع سليم ينعم بالعدالة ومحاربة الفساد والانحراف.

هذه الروح الإصلاحية تشاهد اليوم من على منابر الامام الحسين ، فللمنابر اليوم صوت من أجل الحق والإصلاح واتباعا لخطى أهل البيت والسير على طريق الامام الحسين ، فالمجتمع يتحدث عن كلمة فضيلة الشيخ حسن الخويلدي حفظه الله وهي كلمة حق باللسان لم يرفع فيها سيف ولم يشهر خنجر ولم يهدد أحد، فهب المجتمع تأييدا لسماحته كواجب أخلاقي ينم عن مجتمع فيه الخير والولاء لقيم أهل البيت .

الشيخ حسن بقامته العلميه وواجبه الشرعي وباعه الطويل كرجل علم وثقافه وفكر على خط أهل البيت قام بما يمليه عليه واجبه المستمد من الدين وضميره المحب لمجتمعه وما تعمله من قيم الإمام الحسين ، لم يجبر أحد على القيام بواجباته الدينيه بل واجبه إظهار الجانب الشرعي والاثم المترتب على ذلك وتقديم النصح والإرشاد.

فالاختلاف او الاتفاق حسب شخصية وفكر وثقافة الشخص حسب تربيته وتمسكه بأعراف وتقاليد المجتمع، مظاهر كثيرة طارئة على المجتمع تنتشر بشكل خطير وبعضها مخالف للدين والفطرة السليمة لمجتمع كالقطيف، ومهمة ليس فقط رجال الدين بالدفاع بل كل فرد في المجتمع يرفض مثل تلك الأفعال المسيئة بكل عقلانية واسلوب حضاري بالنصح والإرشاد منهم في غفلة وعلى غير جادة الصواب.

فالحرية الشخصية لها حدود وأعراف ومخالفة هذة القيم بحجة الحرية أمرا مرفوضا، بعض الحريات وإن كانت خاطئه محلها المنزل بعيدا عن أعين المجتمع والإساءة للأكثرية منه.

سماحة الشيخ تكلم عن هذه المخالفات الشرعية بشكل عام وودي، لم يرضي فئة صغيرة من المجتمع فصدر بيان ينتقد سماحة الشيخ، وهب الجميع مدافعا عن القيم التي تكلم عنها الشيخ الجليل مما يبين ان المجتمع لازال بخير، هؤلاء هم من تربوا تحت ظل المنبر الحسيني واستمدوا خلقهم من أخلاق أهل البيت وهذا المؤمل من الجميع أن يهب من أجل نصرة من يدافع عن قيم الحق وحفظ المجتمع والرجال المخلصين من يقومون بخدمة اهلهم ومجتمعهم. اكتشفت للقريب والبعيد مدى الرفض لأخلاقيات تظهر على السطح، تنعدم الحشمة وتظهر الرذيلة، ويذهب العفاف تصدى لذلك المنبر الحسيني وهذا دوره الذي انيط به وهو خط الدفاع الأول عن المبادئ والأخلاق والفضيلة ”انما خرجت لطلب الإصلاح“ فالانحراف والبعد عن القيم ليس من الحرية، أن يساء للدين ويهان المجتمع.

القطيف العزيزة من صفوى شمالا حتى سيهات جنوبا ومن تاروت شرقا حتى الأوجام غربا كانت وستبقى برجالها المدافعين عن قيمها يستمدون القوة والإصرار على القيم بولائها لأهل البيت ، فالوعي والإرشاد إذا لم تستخدم فيها القوة والعنف والإرهاب والحمد لله هذا ليس من طباع المجتمع المتدين صاحب الأخلاق، وعدم الحشمة والاختلاط والسفور كذلك ليس من طباع المجتمع، بل عدم قيام المشايخ ورجال الدين وفضلاء المجتمع عن القيام بواجب النصح والوعظ هو المرفوض، ”العلماء ورثة الأنبياء“.

قال تعالى:

«لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ماكانو يصنعون».

هذا ماخرج الإمام الحسين من أجله عندما عم المجتمع الظلمِ والفساد والمعاصي، فالمنبر هو صوت الحق والكرامة ”ليتمم مكارم الأخلاق“ فالسكوت عن الباطل مزيد من الانحدار والتخلف وليس من التحضر في شيء، تقليد أعمى في أسوء الأعمال، القطيف متحضر بولائه لأهل البيت بعلمائه المخلصين وأبنائه الشرفاء، نسأل الله الخير والسداد والعزة لهذا المجتمع.

بلغ سماحة الشيخ واجبه الشرعي وله كل الاحترام والتقدير ونرجو من جميع العلماء والمشايخ ان يحدو حدوه في الدفاع عن قيم المجتمع والوقوف صفا واحدا وراء كل من يسعى لنشر الفضيلة ومحاربة كل انحراف بنقد بناء وسلمي.

روي عن رسول الأكرم ”كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر، فقيل أو يكون ذلك يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم نعم، فقال: كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر، فقيل له: يارسول الله ويكون ذلك؟ فقال: نعم وشر من ذلك بكن إذا رأيتم المعروف منكرا، والمنكر معروفا،“

المنبر الحسيني صوت الإصلاح ونداء الفضيلة منذ استشهد الإمام ، فكان خروجه من أجل إصلاح الأوضاع الفاسدة والمنبر هو امتداد لهذا الطريق المشرف لفعل الخير وليس فقط ذكرى عابرة لذرف الدموع وتذكر الأحزان وهو عمل عظيم، لكن الواجب الشرعي ان يكون للمنبر دورا فعال في إيصال مبادئ الإمام والتي هي مبادئ الرسول ﷺ يستلهم منها مكارم الأخلاق، فالمنبر الحسيني اليوم واجبه إيقاظ ضمير الأمة لينتصر الحق ويحارب الفساد بحياة كريمة لايخالف فيها شرع الله ولا تقاليد وأعراف المجتمع، ففي عهد الحسين حرفت الأحاديث وعم الفساد وبدأ الانحراف يعم المجتمع فكان الواجب الشرعي يقتضي ان يقدم الإمام نفسه الزكية من أجل مجتمع فاضل بدون ذلة ومهانة الانحراف في شتى جوانبه وامتهان كرامة الإنسان.

انتصر مشروع الإمام الحسين الإصلاحي واستمر هذا النجاح وانعكس هذا الدور على كل المجتمعات كلا حسب طريقته وأخذ مايناسبه من أجل إصلاح مجتمعه فقد منًّ الله تعالى على أتباع أهل البيت بالمنبر، فكان خير رافد لقيم الحق ومحاربة الفساد وارتباط وثيق بأهل البيت فكان خروج الامام الحسين سيد شباب أهل الجنة من أجل حياة كريمة، والمنبر على امتداد التاريخ مصدرا للبناء وتربية النفس وتقوى القلب، يرتشف منها المبادئ والرؤى المثالية من أجل خير الإنسانية.

انتصرت قيم الحسين ع وهزم مخالفيه وسوف ينتصر كل اتباع الحسين بقيادة المنبر في إيصال كلمة الحق وكشف الزيف ليعيش الجميع تحت مظلة الولاء بكل خيراتها.

قال أمير المؤمنين: ”اللهم انك تعلم لم يكن الذي كان منا منافسه في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام ولكن لنرد المعالم من دينك ونظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطلة من حدودك“

هذة المبادئ دعوة خير حتى لاتعود الأمة لجاهليتها وانحطاطها الأخلاقي، هذا هو خط أهل البيت الباقي بكل عزة ببركة عاشوراء الإمام وهو مايجب على علماء الدين المحافظة على هذة المكتسبات بشتى الطرق بشكل عام وعلى المنبر الحسيني بشكل خاص وهو النواة العظيمة لاستمرار النهج الحسيني، فالوضع بدأ يسير ولو بشكل محدود الى حالة من السوء يلاحظ ذلك في المجتمع الذي اشتهر بالمحافظ، ظهرت أفعال خارجة عن أعراف وتقاليد المجتمع من سفور وتبرج واختلاط وميوعة وعدم مسؤولية ومخالفات شرعية وخروج عن العادات والتقاليد المتعارف عليها في المجتمع.

ظهرت جرأة وعدم حياء غير مسبوق في المجتمع تصل الى حد الوقاحة وعدم التربية، ”شين وقوي عين“ فالحياء سمة أهل البيت وأتباعهم وهو شعبة من شعب الإيمان جعله الرسول ﷺ ملازما للإيمان، والحياء لا يأتي الا بخير وعدم الحياء معناه الابتعاد عن أوامر الله، والابتعاد عن كل ما يسيء للأخلاق والمجاهرة بالفساد والحياء من خلق الرسول ﷺ.

إذا لم تخشى عاقبة الليالي **ولم تستحي فاصنع ماتشاء

فلا والله مافي العيش خير**ولا الدنيا اذا ذهب الحياء

يعيش المرء ما استحيا بخير **ويبقى العود مابقي اللحاء

فالحياء قيمة أخلاقية لها تأثيرها الكبير على الحياة وعلى شخصية الفرد، وعدمه يخلق وضع فاسد واستهتار بقيم وأخلاقيات المجتمع وهو من قلة الأدب وعدم التربية.

فالمستهترين وعديمي الحياء لن يتركوا ليعبثوا بقيم واخلاقيات المجتمع وبث الفساد، وصل الحال للتفاخر بعمل المحرم وفعل القبيح، اجعل قبيحك في منزلك اذا أصررت على فعل القبيح والأمل لك بالهداية وسلوك طريق الرشاد، لن يطرق الباب أحد من أجل الإزعاج، فليرحم من حوله ويستتر فالأمة ترفض مثل ذلك الانحراف، والقيادات الدينية المخلصة أدلت بدلوها ولاقت التأييد المشرف من المجتمع والباقي دور المجتمع من أجل صيانة وحماية المكتسبات ان تضيع تحت أيدي عابثة ومريضة ”كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته“ قليلا من الحياء والضمير والاحساس حتى لا ينخر الفساد المجتمع، وينتشر الانحراف تحت مظلة وأجندات خفية وعابثة لاتريد الخير لهذا المجتمع الطيب وأهله..

فالمنبر الحسيني كان ولايزال صوتا للحق والكلمة الطيبة وتطهير النفس بالروح الحسينية المعطاءة والمضحية، يجب أن تتكافل الجهود من السباب الطيب أصله والمحافظة على أمل المستقبل من كل ما يضره وينعكس على مجتمعه، بالحب والكلمة الطيبة والعزيمة والصبر كل ذلك طريق للخير ومستقبل مشرق.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
عبدالله الحجي
[ الأحساء ]: 17 / 9 / 2020م - 6:40 ص
أحسنت أخي عبدالرزاق وفقك الله لكل خير... وأحسن الله إلى شيخنا العزيز الأب الحنون المربي لأبنائه الشيخ حسن الخويلدي وأنار الله طريقه ووفقه للمضي على هذا النهج وقول كلمة الحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خصوصا إذا تفشت في مجتمعاتنا المحافظة بعض التصرفات والسلوكيات السيئة التي لاتليق به لكي لايجرف التيار الأجيال القادمة وتضيع القيم التي من أجلها ضحى الإمام الحسين عليه السلام بدمه وأهل بيته وأصحابه.