آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:19 م

قوارب الصيد تلوث الشواطئ!

مع اقتراب نهاية فصل الصيف، بدأت حركةُ المشاة وصيادي السمك الهواة تنشط على شواطئ البحر في الساعاتِ الأولى من النهار. ومع هذه الحركة لفت انتباهي صباح هذا اليوم منظران، الأول في غايةِ الجمال والثاني ليس فيه من الجمالِ ما يذكر.

الأول: قوارب الصيد الرابضة في البحر على بعد أمتار من الشاطئ؛ خشبٌ بني اللون وحبال متناثرة وشباك، ومهنة تدل على العراقة والقدم والإصرار على ركوبِ أمواج البحر في طلبِ الرزق مما تجود به البحار.

الثاني: ما حول هذه القوارب من مخلفات بلاستيكية وأشياء تساهم في خنقِ البيئة وقتلها، وتقليل المساحاتِ الباعثة على البهجة للمرتادين.

ظُلمنا للبحار والشواطئ وتلويثها يستدعي المثلَ العربي: ”لا ترمي حجرًا في بئرٍ تشرب منها“، وهذا ببساطة لأنك سوف تعود وتشرب من هذا البئر. وسوف نعود - نحن وقوارب الصيد - نحتاج هذا البحر وما يعطيه لنا من ثروة غذائية، وما يعطيه لنا أيضًا من جمال وصحة وحضارة!

من المؤكد أن الشواطئ سوف تكون مهربًا ومتنفسا في هذه السنة، بعد اعتدال الأجواء وانخفاض درجة الحرارة، وبعد أن كانت المنازل والدور المكان الأنسب والأصح للاحتماء من الوباء. وسوف يكون منظر قوارب الصيد من أروع مناظرِ الصباح والمساء إذا ما كان ما حولها نظيفًا أيضا.

ملاحظة تستدعي السؤالَ عما تتعرض له البحار البعيدة والمحيطات من تلوثٍ بيئي قد لا تراه أعيننا، لكنه يتمظهر في نفوق الأسماك وقلة الصيد وغيرها من التأثيرات السلبية التي لا يمكن لغير المختصين حصرها. ولهذا تبقى مسؤولية عدم تلويث البحار والشواطئ على عاتق من يستفيد منها، ومنهم الصيادون، فيجب عليهم معرفة القوانين التي تقتضي عدم تلويث البحار بالمخلفات التي تترك آثارا ضارة وسلبية على المدى القصير والبعيد.

مع تزايد عدد سكان المنطقة والطلب على الأغذية البحرية انتهى عصر والدي رحمه الله، البحار الذي كان ينصب جريدَ النخل في البحر ويسميه ”حضرة“، يصطاد بين المد والجزر - بالمسلاة - دون تلويث للبيئة. يصطاد الأسماك الكبيرة الحجم فقط، وتهرب الأسماك الصغيرة من بين فتحات جريدِ النخل، ووقود وسيلة مواصلاته ليس مشتقات البترول بل ما تأكله - أكرمكم الله - الحمارة. ونحن ندرك أن لكلِّ شيء ثمنًا، لكن لا يجوز أن يكون الثمن هو بيئة وصحة الإنسان!

مستشار أعلى هندسة بترول