آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

هموم زوجة طبيب طوارىء في زمن فيروس كورونا

عدنان أحمد الحاجي *

بقلم آنا ويكسلر، أستاذة مساعدة لأخلاقيات الطب في كلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا.

10 أبريل 2020

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 310 لسنة 2020

The trouble with calling health care workers ‘heroes'

When we call health care workers heroes، we’re failing to acknowledge they’re also human.

By Anna WexlerUpdated April 10,2020

المشكلة بشأن وصف العاملين في مجال الرعاية الصحية ب ”الأبطال“

عندما نصف العاملين في مجال الرعاية الصحية أبطالاً، فإننا نفشل في تقديرنا أنهم بشر كذلك.

بصفتي باحثًا علمياً في الأخلاقيات البيلوجية تدرس أخلاقيات التقنيات الناشئة، أقضي وقتي في محاولة التنبؤ بالمخاطر والتفكير في كيف تُتخذ القرارات السياسة في مواجهة عدم اليقين «الريب». لكن كوني زوجة طبيب طوارئ خلال أزمة مرض كوفيد-19 استحضر أسئلة مجردة عن إدارة المخاطر إلى بيتي مباشرة.

ناقشت أنا وزوجي الليلة الماضية الوضع الذي يواجه الأطباء بالفعل في مدينة نيويورك: الحاجة إلى وصل انابيب جهاز التنفس بمريض كوفيد-19 بشكل طارئ /مفاجيء بلا ارتداء معدات حماية شخصية مناسبة. على الرغم من أن زوجي أعترف أنه غير متأكد كيف سيكون ردة فعله، إلا أنني أعلم أنه، كجميع الأطباء، سيبادر وبوصل المريض بأنابيب التنفس، على الرغم من المخاطر الشخصية الكبيرة. فالقرار من شأنه أن يكون قرارًا نابعاً من الغريزة، يقدم عليه بلا تفكير.

لكن أسئلة أخرى من شأنها أن تؤدي الى المزيد من عدم اليقين. إذا تفاقم النقص في معدات الحماية الشخصية، والبديل الوحيد هو الاستمرار في العمل دون الحماية المناسبة، فهل سيأتي وقت على زوجي يقرر فيه أن حضوره إلى العمل لا يستحق المخاطرة؟ لدينا ابن عمره سنتان. وأنا حامل، وجهاز مناعتي ضعيف وقد يجعلني أكثر عرضة للعدوى، وآثار كوفيد-19 في الرحم، إن وجدت، لا تزال غير معروفة. أي خطر يتعرض له روجي في عمله يهدد بشكل مباشر صحة عائلتنا وطفلنا الذي لم يولد بعد.

حكايات الإعلام السائدة التي تحيط بالعاملين في مجال الرعاية الصحية كانت عن البطولة، عن أشخاص يضحون بأنفسهم - مهما كلف الأمر - لصالح الآخرين. وكلما كانت ظروف العمل أكثر خطورة، كلما قل عدد معدات الحماية الشخصية المتاحة، كلما صُبغوا بكلمة ”أبطال“ بشكل باذخ.

لكن العاملين في المجال الطبي لا يعرّفون أنفسهم أنهم كذلك [أبطال]. الكثير منهم، مثل زوجي، يشعرون وكأنهم خرفان يُرسلون للسلخ. وقد قوبلت محاولاتهم لحماية أنفسهم أو التحدث عن ظروفهم بردة أفعال انتقامية من المستشفيات.

المشكلة مع حكاية البطل في أنها تؤكد على ”الشجاعة“ لأولئك الذين يعملون في ظروف خطرة - لا الغضب من استمرار وجود مثل هذه الظروف، والظروف التي هي نتيجة مباشرة للاستجابات الفاشلة من قبل الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، وكذلك المستشفيات. حكاية البطل لم تترك مجالًا كبيرًا لرؤية العاملين في مجال الصحة كضحايا أصبحت معاناتهم واضحة الآن - مع ارتفاع معدلات الإصابة بمرض كوفيد-19 في جميع أنحاء العالم. في إيطاليا، توفي 94 طبيبا و26 ممرضة وأصيب أكثر من 12 ألف شخص حتى 7 أبريل 2020. والعاملون في مجال الرعاية الصحية في جميع أنحاء أوروبا يشكلون نسبة كبيرة بالمقارنة مع من أصيب بالفيروس. والكل تقريبًا يعرف قصة لي وين ليانغ Li Wenliang، الطبيب الصيني البالغ من العمر 34 عامًا الذي حاول في ديسمبر 2019 تحذير المجتمع الطبي من انتشار الفيروس، الأمر الذي أذعنوا له في أوائل فبراير 2020.

وبشكل أكثر إيذاءًا، فإن حكاية البطل تديم الفكرة الخاطئة للعاملين في الرعاية الصحية على أنها إيثار متأصل، كأفراد يقبلون المخاطر الشخصية الجامحة، مهما كان الثمن. ولكن في مواجهة الظروف الخطرة، قد تكون هناك نقطة قد لا يكونون فيها على استعداد بالقبول بما يهدد صحتهم، ولا صحة شركاء حياتهم أو أطفالهم أو والديهم. في حالة عدم وجود معدات الوقاية الشخصية الكافية، ما مدى المخاطر التي يمكن أن نطلب بشكل معقول من العاملين في مجال الرعاية الصحية أن يتحملوها؟

ضمن حكاية العاملين في مجال الرعاية الصحية كأبطال، فإن قرار عدم العمل - أو العمل بشكل أقل، أو العمل في مستشفى آخر، أو حتى بقدرات بديلة، مثل التطبيب «الاستشارة الطبية» عن بعد - ليس أقل من يكون من المحرمات. إنه مناقض لنكران الذات للعامل في الرعاية الصحية.

ومع ذلك، فإن العاملين في مجال الرعاية الصحية يفكرون في أسئلة مثل هذه، وإن كان ذلك تحت عباءة عدم الكشف عن الهوية على منافذ الإنترنت وحسابات تويتر. كتب أحدهم: ”لو ابتعدت عن هذا الكابوس، فسأتهم بإهمال المريض. وإذا لم اتركه، فأنا أخاطر بصحتي وحياتي. فهل هناك من يهتم؟“

العاملون في مجال الرعاية الصحية لم يوقعوا على المخاطرة بحياتهم مهما كلف الأمر. إن عملهم الذي يكسبون منه لقمة عيشهم بطولي، سواء في أوقات الأزمات أو خارجها، لأنهم كرسوا حياتهم للمساعدة في إنقاذ الآخرين. لكن لا يجب أن نطلق عليهم أبطالاً لأنهم أُضطروا للعمل في ظروف خطرة بلا معدات حماية مناسبة.

حكاية البطل تساعد على الحفاظ على فكرة أنه سيكون هناك دائمًا عدد لا ينتهي من العاملين في مجال الرعاية الصحية من الذين يساعدون الناس بالتضحبة بأنفسهم بغير أنانية من أجل الصالح العام - بغض النظر عن مدى سوء المعاملة التي يتلفونها. لكن العاملين في مجال الرعاية الصحية هم ناس، والناس لديهم حدود لمدى المخاطر الشخصية التي يتحملونها؛ كلما استمرت المستشفيات في معاملاتها الانتقامية من عمالها، وكلما استمرت السلطات في عدم حمايتهم، كلما تميزت هذه الحدود أكثر لتصبح أكثر وضوحًا.

وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام قد تثني على بطولاتهم، إلا أن العاملين في مجال الرعاية الصحية وعائلاتهم على الأرجح لديهم نفس الحوارات الهادئة كالتي بيني وبين زوجي، متسائلةً عما إذا كان - ومتى - سيأتي الوقت الذي يطفح فيه الكيل، ومتى يكون الخطر كبيراً لدرجة أنه لا يمكن تحمله، ومتى يحتاجون لأن يبرزوا أنفسهم كبشر لا كأبطال.