آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

الشايب: نسعى لتجديد الفكر الديني ونقاوم الانغلاق والتعصب

جهات الإخبارية على فايع - صحيفة عكاظ

أكمل منتدى الثلاثاء الثقافي في القطيف 20 عاماً من عمره الثقافي، كواحد من أهمّ المنتديات الثقافية الأهلية التي أحدثت حراكاً ثقافياً وفكرياً بارزاً، إضافة إلى هيكلته المؤسسية المختلفة على مستوى الوطن.

وراء هذا المنتدى يقف الكاتب والحقوقي جعفر الشايب، الذي عمل على نقل المنتدى من جلسات أسبوعية يتناقش فيها مثقفو المنطقة إلى محاضرات مبرمجة وجلسات مفتوحة لمشاركين من داخل المملكة وخارجها.

عن المنتدى ومسيرته العشرينية التقت «عكاظ» جعفر الشايب، للتعرّف إلى المنتدى وأهدافه والتحديات التي واجهها خلال الأعوام العشرين الماضية، إضافة إلى المستقبل وجديد المنتدى.. فإلى نصّ الحوار:

دعنا نبدأ من فكرة منتدى الثلاثاء.. كيف برزت؟

بدأت فكرة منتدى الثلاثاء الثقافي كمبادرة أهلية عام 2000؛ انطلاقا من الشعور بالحاجة لخلق بيئات تجسر التواصل بين المثقفين وكسر الحواجز لخلق التفاعل البيني من خلال اللقاءات والحوارات، وهو ما كان ينقصنا في الفترة السابقة.

ما الرسالة التي انطلق منها المنتدى وحاول تطبيقها؟

ركزت رسالة المنتدى على بناء منصات حوار تفاعلية بناءة تساهم في طرح مختلف القضايا والمواضيع المشتركة ومناقشتها برؤية وطنية جامعة ومواجهة كل أشكال التشدد والانغلاق. ويركز المنتدى على مجموعة من الأهداف، من أهمها تجسير العلاقة بين النخب المثقفة داخل المملكة وخارجها، ونشر الوعي الثقافي في المجتمع حول مختلف القضايا، وتعزيز الحوار التفاعلي البناء ومناهجه، وتفعيل ودعم المبادرات الثقافية والاجتماعية.

هذه البرامج والخطط من يقف عليها؟

يضع خطط برامج المنتدى مجموعة مختارة من المختصين في الشأن الثقافي والإعلامي كهيئة استشارية للمنتدى، ويدير أعماله لجنة تنفيذية مكونة من سبعة أعضاء موزعين على عدة لجان لمتابعة برامج المنتدى وتنظيمها.

ماذا عن الجانب القانوني أو اللائحة المنظمة لعمل المنتدى.. هل هو نفس القانون الذي ينظم عمل مؤسسات المجتمع المدني؟

هناك عدة مؤسسات وجهات ثقافية لها مرجعيات مختلفة بناء على تأسيسها، والمنتديات الثقافية الأهلية لا تزال غير منضوية تحت قانون أو نظام محدد، وهناك نقاشات قائمة حاليا لتنظيم عمل المنتديات من خلال تسجيلها كمؤسسات ثقافية، ويقابل ذلك رأي آخر لإبقائها كمبادرات أهلية تتعاون وتتكامل مع المؤسسات الثقافية الرسمية لتشكل منظومة جهود ثقافية أهلية/‏ رسمية مشتركة.

ما الآلية التي يعتمد عليها المنتدى في اختيار أعضاء مجلس إدارته؟

يتم اختيار أعضاء مجلس الإدارة من الأشخاص الذين تكون لديهم اهتمامات ثقافية جيدة وتفهم لأهداف المنتدى واستعداد للمشاركة ضمن فريق عمل جماعي، وتستمر دورة العضوية في المنتدى ثلاث سنوات ويتم انتخاب رئيس لمجلس الإدارة بصورة دورية من بين الأعضاء، ويتقاسم الأعضاء مسؤوليات العمل بينهم.

ماذا عن التمويل المالي، لأنّ السؤال الملح والمتكرّر الذي تواجهه دائما المنتديات الثقافية ومؤسسات المجتمع المدني هو سؤال التمويل والذي تبرز من خلاله قناعة الممول تجاه العمل الثقافي الذي ينظر إليه على أنه عمل ثقافي للنخبة؟

أعتقد أن حسن إدارة أي مؤسسة من المؤسسات يستلزم التفكير في قضايا التمويل والوضع المالي للمؤسسة والتخطيط لاستمرارية عملها من خلال ضبط وتدقيق الجانب المالي؛ سواء من ناحية توفير التمويل اللازم أو ضبط المصروفات ووضع خطة مالية تتناسب مع أهداف المؤسسة. وبعض رجال الأعمال والممولين لديهم اهتمامات بالعمل الثقافي ودعمه والمساهمة فيه استنادا على توجهاتهم، على الرغم من صعوبة ذلك مقارنة بمجالات العمل التطوعي والخيري والإنساني الأخرى. وقد برزت أمامنا تجارب نموذجية في منطقة الخليج كمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية في الكويت، والشيخ عبدالمقصود خوجة في السعودية وغيرهما ممن عملوا على الاستثمار في المجال الثقافي بسخاء. ولأن معظم الأنشطة الأهلية الثقافية لدينا هي نابعة من صميم المجتمع ومتماشية مع قضاياه لهذا لا ترى تعارضا بينها وبين اهتمامات الداعمين، فكل منهم يدعم ما يتوافق مع توجهاته.

ما التحديات التي واجهت منتدى الثلاثاء الثقافي وبالتحديد خلال الفترة الأولى من تأسيسه؟

بطبيعة الحال فإن أي نشاط اجتماعي أو ثقافي مهما كان يواجه عدة تحديات قد تكون كبيرة ومعيقة أحيانا، أي أنه لا يوجد عمل دون تحديات ومصاعب، لكن الدراسة المتأنية لهذه التحديات والاستعداد لمواجهتها ومعالجتها تجعل منها محطات في مسيرة تجربة العمل. ومنتدى الثلاثاء كأي تجربة ثقافية واجه تحديات عديدة تتعلق بالقدرة على الاستمرارية والمواصلة، والخروج من حالة الرتابة عبر التجديد والإبداع في البرامج، والمحافظة على منهجية التوازن في الطرح والمعالجة، وتحدي قراءة آراء الجمهور والمتابعين، والالتزام بأهداف عمل الثقافي، وفتح المجال للحوار والنقاش حول مختلف القضايا، والانفتاح على مختلف الاتجاهات الفكرية، وإشراك المرأة في برامج المنتدى. هذه كلها تحديات حقيقية تم العمل على صياغة برامج مناسبة تأخذ بعين الاعتبار هذه التحديات وتتعامل معها في إطار الظروف المحيطة والإمكانيات المتاحة.

ماذا عن برامج المنتدى الأسبوعية والشهرية والسنوية؟

لدينا في المنتدى ندوات ثقافية أسبوعية تعنى بالتنوع في موضوعاتها وطرق طرح القضايا التي يعمل عليها ويعرضها أمام جمهوره ومتابعيه بطرق متعددة ومتنوعة، فيعمل مثلا على توظيف المعارض الفنية وعرض الأفلام القصيرة الهادفة والاحتفال بالأيام الحقوقية العالمية وتوقيع كتب لمؤلفين محليين. كل نشاط من هذه الأنشطة الثقافية له مريدوه والمهتمون به، مما يجعل اللقاء الأسبوعي ثريا ومتنوعا وشاملا كوجبة ثقافية متنوعة. كما ينظم المنتدى حفلا سنويا كبيرا لأحد المثقفين البارزين على المستوى الوطني ويحتفي بإنجازاته الثقافية والاجتماعية.

في أيّ الموضوعات يجد رواد المنتدى أنفسهم؟

موضوعات تجديد الفكر الديني على سبيل المثال، وموضوعات التعايش المذهبي والحوارات في القضايا السياسية والاقتصادية الراهنة تجد اهتماما كبيرا لدى الحضور والمتابعين عبر مختلف قنوات التواصل الاجتماعي التابعة للمنتدى، وبعض هذه اللقاءات أثارت نقاشات طويلة في المجتمع برزت في الصحافة المحلية وفي مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

المؤسسات الثقافية تعاني من قلّة الحضور.. هل تعانون في منتدى الثلاثاء الثقافي من هذه المشكلة؟

في الغالب لا نعاني من ذلك، ولعل هذا هو أحد أسباب الاستمرار، والسبب في اعتقادي أن هناك اهتماماً كبيراً في محافظة القطيف بالشأن الثقافي والأدبي، مما يعزز التفاعل والحضور المستمر ويجعل من هذه الفعاليات وسيلة من وسائل الجذب، حتى لمن هم من خارج المنطقة، وخصوصا عندما يتقن اختيار الضيف والموضوع. وهذا لا يعني بالطبع عدم ضعف الحضور في بعض الندوات عندما تكون مكررة أو لا يتم الوصول بصورة سليمة ومناسبة إعلامياً إلى الحضور والمتابعين. ولاحظت أنه حتى مع توفر البث المباشر عبر القنوات المختلفة، إلا أن الأغلبية يتفاعلون مع اللقاءات المباشرة بصورة جيدة ولعلهم يفضلونها لما يلقونه من تفاعل إنساني وحواري مباشر.

أكمل منتدى الثلاثاء الثقافي 20 عاماً من العمل المستمر والمتواصل.. هل ترى أن المنتدى استطاع بعد هذه السنوات أن يحقق الأهداف التي أنشئ من أجلها؟

لا أدعي أن المنتدى حقق كل أهدافه، لكنه تمكن من مواصلة العمل والمسيرة ضمن الأهداف والخطة التي وضعها وحقق نسبة عالية منها، حيث إن الطموح لا يتوقف عند حد معين، فهنالك الكثير من الأدوار التي يمكن للمنتدى ولغيره من المبادرات الثقافية أن تساهم فيها. في اعتقادي أن المنتدى استطاع أن يرسم لنفسه مسارا وسطيا مقاوما للجمود الفكري والتعصب الثقافي وكسر حواجز الانغلاق والتقوقع وانفتح على مختلف الآراء التجديدية والوحدوية، وساهم في طرح قضايا جديدة على الساحة الثقافية في ظل ظروف كانت صعبة ومتشابكة.

ما أبرز مشاريعكم القادمة؟

هناك العديد من الأفكار لمشاريع قادمة للمنتدى، من بينها العمل على تحويله لمؤسسة ثقافية مرسمة ذات مقر متكامل حتى يتمكن من تقديم أعماله بصورة أكثر مهنية وحرفية، وكذلك طباعة الأرشيف الكبير الذي تم جمعه طوال العشرين سنة الماضية؛ لأنها تمثل مخزونا لتجربة المجتمع وما يدور فيه من قضايا ومواضيع، وهي مادة تستحق الدراسة والبحث، كما يتوفر لدى المنتدى بيبلوغرافيا شاملة لمثقفين وأكاديميين متخصصين وكتاب وفنانين وشخصيات اجتماعية متنوعة من داخل المملكة وخارجها.