آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 5:37 م

دورات ميلانكوفيتش

عدنان أحمد الحاجي *

المترجم: عدنان احمد الحاجي

المقدمة: المهندس عادل عبدالله البشراوي

المقالة رقم 350 لسنة 2020

Milankovitch Cycles


 

مقدمة المهندس عادل عبد الله البشراوي

دورات ميلانكوفيتش هي نظرية تتناول ثلاث دورات فلكية صاغها الصربي ميلوتين ميلانكوفيتش في عشرينيات القرن الماضي ليوضح عبر هذه الدورات المسببات التي تتحكم بتغير المستوى الإشعاعي الشمسي الواصل للأرض وبما يؤثر على مناخها ومن ثم طبيعة الحياة عليها. وقد عبر ميلانكوفيتش عن هذه الظاهرة بالدورات لأن لكل منها دورة زمنية معينة.

الدورات المعنية بالنظرية والمقدمة في التقرير الذي ترجمه الأستاذ عدنان هي:

1» الإنحراف المداري Orbital Eccentricity، وهي دورة تستغرقها الأرض في تغير مدارها حول الشمس من الشكل شبه الدائري نحو المدار الإهليجي ثم تعود مجددا للشكل شبه الدائري، وتتم الأرض هذه الدورة خلال حوالي 100 ألف سنة. في هذه الظاهرة يتغير بعد الأرض عن الشمس عبر مراحل دورانها، فكلما زادت قيمة الإنحراف نحو الشكل الإهليجي ازداد معه تباين حجم الإشعاع الشمسي الساقط على الأرض عبر شهور السنة. ففي مراحل موسمية تكون الأرض قريبة من الشمس بينما تبتعد عنها في مراحل أخرى. أما حين يقترب المدار من الشكل الدائري فبعد الأرض يكاد أن يكون ثابتا طوال السنة.

2» ميلان محور الأرض Adial Tilt، وهي الدورة المعنية تماما بحدوث فصول السنة الأربعة، ولولاها لاستمر طقس الأرض ثابتاً طوال السنة. درجة ميلان محور الأرض اليوم هي 23,44 درجة، ولكنها هذه القيمة متغيرة حيث تراوح بين 22,1 و24,5 درجة مئوية في دورة تتمها الأرض خلال 40 ألف سنة. ففي حالات المحور الأقل ميلا يقل فيها اختلاف الطقس بين الإنقلابين الشتوي والصيفي، والعكس صحيح عند ازدياده. وقد اعتبر العلماء هذه الدورة بين الظوهر الأهم في التسبب بانطلاق الفترات الجليدية. هم يقولون بأنه في حالات المحور الأقل ميلا أي 22,1 درجة تسود الأرض فصولا صيفية أقل حدة ممايقلل من نسب ذوبان الجليد ويسمح بتراكمه بحيث تزيد رقعته عبر عشرات السنين، وأن زيادة الرقعة الجليدية البيضاء على سطح الأرض من شأنه عكس مقدار أكبر من أشعة الشمس ليكون سببا آخر في تقليل احتفاظ الأرض بالحرارة إلى أن ينتهي الحال أخيرا بانطلاق مد جليدي جديد.

3» المبادرة الحركية Precession، وهي واقعا خاصية فيزيائية تتأثر بها الأجسام المتحركة في الفراغ، أما فلكيا وبما يخص الأرض فالظاهرة لها مصطلح خاص يسمى Precession of the Equinoxes، وهو تعبير عن محصلة قوى الجذب الواقعة على الأرض الصادرة وبشكل رئيسي من الشمس ذات الكتلة الأكبر في المجموعة الشمسية وكذلك من كوكبي المشتري وزحل وهما أكبر كواكب المجموعة، إضافة لجاذبية القمر الذي كان لقربه الشديد من الأرض سببا في مساهمته الفاعلة في منظومة الجذب.

منظومة الجذب هذه تجعل من الأرض تتحرك بحيث ترسم برأس محورها الشمالي دائرة في الفراغ، وهو ما يجعل هذا المحور يشير إلى أجرام سماوية مختلفة عبر دورانه. فكما نعلم اليوم أن قطب الأرض الشمالي يشير نحو نجم الشمال، ولكن الأمر لم يكن دائما كذلك.

ولو أردنا التفصيل، فمنظومة الجذب لا تقتصر فقط على هذه المكونات، بل تتسع لتطال كل مؤثرات الكون وخصوصا منها القريبة والهائلة الكتلة، كالثقوب السوداء والمجرات. وهو سبب قد يشرح لنا ألغازا طبيعية تتعلق بتغير مناخ الأرض عبر حقب زمنية طويلة، كالمتغير المناخي الذي واكب حلول فترة البلايستوسين Pleistocene قبل 2,6 مليون سنة. حيث الإنتقال من المناخ الدافيء الذي ساد فترة البلايستوسين السابقة للبلايستوسين نحو النمطية الجليدية.

يطلق العلماء أيضا على هذه الدورة اسم ال wobble effect لأن الدورة تتسبب في أرجحة لموضع الأرض في الفراغ ينشأ عنها انزياح لمكون غلافها الجوي. وهذا هو المسبب الأكبر للتحكم بالمدى التي تغطيه الرياح الموسمية وأهمها رياح المونسون ذات العلاقة المباشرة بظاهرة التصحر الواقعة على مداري الجدي والسرطان. أي أن الطابع الصحراوي التي تعاني منه منطقتنا وعموم امتداد مدار السرطان وما يسمى بالشريط الصحراوي الممتد من صحراء غوبي غرب الصين ومارا بشمال شبه القارة الهندية وأراضي جنوب إيران وشبه الجزيرة العربية والصحراء الكبرى ومنتهيا في الغرب الأمريكي، هو عائد لهذه الظاهرة.

ورغم أن الدورة تتطلب من الأرض إكمالها في 26 ألف سنة، إلا أن الدورة التصحرية لا تلتزم تماما بهذا الرقم حيث تستكمل دورتها خلال 21 ألف سنة. وذلك لأنها تتأثر بقوى كونية أخرى كدورتي ميلانكوفيتش الأخريين إضافة لقوى أخرى.

الموضوع المترجم

ما هي دورات ميلانكوفيتش؟ يُعتقد أن دورات ميلانكوفيتش هي التي تبدأ ارتفاع وانخفاض درجة حرارة الكرة الارضيّة الطبيعية. هذه الاختلافات المدارية والمحورية تؤثر على بدء تغير المناخ في الدورات الطبيعية البعيدة المدى ”للعصور الجليدية“ و”الحقب الدافئة“ المعروفة باسم ”الحقبة الجليدية“ والحقب البينية بين الحقب ”الجليدية“. العوامل التي تؤثر «1» على مناخنا الحالي تبين أننا خارج نطاق العوامل المؤثرة على الدورة الطبيعية

أين نحن حاليا في دورة ميلانكوفيتش الطبيعية؟

الدورة الطبيعية التي يشير اليها الناس بشأن تغير المناخ على نطاق واسع هي الفترة بين العصور الجليدية والفترات الدافئة. الدورة الزمنية الطويلة تبلغ حوالي، مائة الف سنة. يمكننا أن نقضي حوالي 20٪ من الدورة في فترة من مناخ معتدل تقع ما بين حقبتين جليديتين وحوالي 80٪ في العصر الجليدي، وهذا يتوقف على أين نحن في هذه التأثيرات الدورية.

ما الذي يسبب هذه الدورات الطبيعية التي تؤثر على مناخ الأرض - هل هي دورات ميلانكوفيتش؟

دورات ميلانكوفيتش تسببها التغيرات التي تطرأ على شكل مدار الأرض حول الشمس وميل محور دوران الأرض، وأرجحته wobble. كتلة وحركة الكواكب الأخرى في نظامنا الشمسي تؤثر في الواقع على مدار الأرض تماماً كما تؤثر كتلة الكواكب على مداراتها.

كلما تغير مدار الأرض، تتغير كمية أشعة الشمس أيضا التي تسقط على خطوط «دوائر» العرض المختلفة وفي المواسم. ويبدو أن كمية ضوء الشمس التي تسقط في الصيف على خطوط «دوائر» العرض الشمالية العالية [الدائرة القطبية الشمالية] تبدو انها ذات أهمية خاصة لتحديد ما إذا الأرض هي في العصر الجليدي أم لا.

عندما تكون شمس الصيف الشمالي قوية، فإن الأرض تميل لأن تكون في الفترة الدافئة. وعندما تكون ضعيفة تميل لأن تكون في العصر الجليدي. وتحن نخرج من العصر الجليدي، يرتفع مستوى سطح البحر حوالي 400 قدم «حوالي 122 متر»، نستمتع بفترة دافئة 'كالتي نحن فيها الآن. وهذه هي الدورة الطبيعية، فترات دافئة قصيرة يعقبها عصر جليدي في كل 100 ألف سنة.

هناك ثلاثة عوامل عامة تحدد التغيرات المؤثرة في دورات ميلانكوفيتش

  • اختلاف المراكز «التغيرات البيضاوية في مدار الارض حول الشمس»
  • الانحراف «ميل محور الأرض تجاه او بعيداً عن الشمس»
  • المبادرة الحركية «أرجحة محور الأرض تجاه وبعيداً عن الشمس»

المصطلحان اللذان تريد أن تكون على دراية بهما في دورات ميلانكوفيتش هما الحضيض والأوج. هذان المصطلحان يتعلقان بالقرب / أو العوامل المؤثرة على المناخ climate forcing «انظر 1» من الطاقة الشمسية.

الحضيض هو عندما تبقى الأرض على مقربة من الشمس لوقت أطول، أو في حالة الميل والدورات التأرجحية عندما تكون كتلة اليابسة في نصف الكرة الشمالي المواجه للشمس هي الأقرب إلى الشمس، متسببةً في ارتفاع حرارة الارض.

الأوج هو العكس، عندما تبقى الأرض وقتاً أطول خلال العام بعيدةً عن الشمس، أو في حالة الميل ودورات الأرجحة عندما تكون كتلة اليابسة في نصف الكرة الشمالي المواجهة للشمس هي أبعد عن الشمس، متسببةً في انخفاض حرارة الارض.


 

دورة الانحراف عن المركز «الدورة البيضاوية»

هذه هي الدورة الأطول. وتحدث حوالي مرة في كل مائة الف سنة، عندما يكون مدار الأرض بيضاوياً نبقى وقتاً أقل على مقربة من الشمس في فترة السنة الواحدة. وهذا يعني أننا نحصل على كميات أقل من الطاقة الشمسية على أساس سنوي، وتؤدي إلى خفض درجة حرارة الأرض.

ووفقاً لرالف كيلينغ، مدير برنامج ثاني أكسيد الكاربون في معهد سكريبس Scripps لعلوم المحيطات: ”تذوب الصفائح الجليدية عندما تتعرض لمزيد من أشعة الشمس في الصيف. يحدث هذا عندما يحاذي الصيف في النصف الشمالي نقطة هي اقرب بين الأرض والشمس. وهي تعرف بنقطة الحضيض. نقطة الحضيض للأرض / الشمس تعتمد على مدى بيضاوية المدار. كلما كان اكثر بيضاوية كلما كان اكثر قرباً“.

دورة الانحراف «ميل المحور»

ميل المحور، أو الانحراف، يتفاوت بالنسبة إلى مستوى مدار الأرض. هذا الميل، والذي يبلغ عادة حوالي 23,5 درجة، يمكن أن يتفاوت بين 22 و. 24,5 درجة. وهذا يعني أنه يمكن ان يتغيير ب 2,5 درجة على مدى فترة تصل إلى 41 ألف سنة. الزيادة في الانحراف يمكن أن يتسبب في ان يكون الصيف أكثر حرارة والشتاء أكثر برودة.

لذلك عندما يكون مدارنا بيضاوياً ونصف الكرة الشمالي، والذي هو في معظمه كتلة يابسه، مائلًا نحو الشمس، يمكننا أن نخرج من عصر الجليد سريعاً جدا، وفي الواقع لا يستغرق الأمر سوى بضعة آلاف من السنين. كلما حصلنا على مدار أكثر دائرية والآثار المجتمعة للإمالة والأرجحة يعملان مع بعض في دورتهما الطبيعية فان الأرض لديها فرصة لتخفض حرارتها مرة أخرى ونعود إلى العصر الجليدي.

وبالعكس، فان انخفاض الانحراف يمكن أن يسبب أصيافاً باردةً التي بالاقتران مع عوامل أخرى، يمكن أن تساعد في دفع نظام المناخ نحو العصور الجليدية، عندما تكون الدورة مواتية لهذا الحالة.

ونحن حالياً في مرحلة التناقص، والتي في ظل الظروف العادية، وبدون الزيادة في الغازات الدفيئة، فإنها ستؤدي الى تبريد النظام المناخي.

دورة المبادرة الحركية «الأرجحة»

الدورة التالية هي دورة المبادرة الحركيةprecession، أو الأرجحة Wobble. تحدث هذه الدورة كل 26 ألف سنة. هذه الأرجحةالجيروسكوبية لمحور الأرض مدفوع بقوى المد والجزر التي تتأثر بالشمس والقمر. الأرض هي في الواقع ليست دائرية تماما مما يجعل الجاذبية تسحب بقوة المحور بمرور الوقت مسببةً دورة الأرجحة.

هذه الأرجحة يمكن ان تؤدي الى اختلاف في أنواع المواسم الذي يمر به احد القطبين «الشمالي والجنوبي» دون الآخر. نصف الكرة في منطقة الحضيض «أقرب إلى الشمس» سيتمتع بزيادة في الإشعاع الشمسي في الصيف ولكن في فصل الشتاء سيكون أكثر برودة، في حين أن نصف الكرة الآخر سوف يكون فيه الشتاء أكثر دفئا والصيف أكثر برودة.

حاليا نصف الكرة الجنوبي في الحضيض، ولذا يتمتع بأصياف دافئة، ولكن فصول شتاء باردة، مما يؤدي الى تساقط الثلوج في نصف الكرة هذا على الأرجح.

انحراف الدورة الطبيعية

الدورة الطبيعية هي دورة محدودة المدى ومفهومة جيدا، ومقيدة إلى حد كبير بدورات ميلانكوفيتش. منذ بداية العصر الصناعي، فقد تسببت البشرية في مثل هذا الإنحراف الدراماتيكي عن الدورة الطبيعية، من الصعب أن نتصور أي شخص يفكر بأننا لا نزال في الدورة الطبيعية.

العوامل المؤثرة الطبيعية مقابل العوامل المؤثرة الحديثة

هذا الإنحراف دراماتيكي جدا إلى الحد الذي أدى الى عهد جديد. ووفقا لبعض الدراسات، هناك ما يكفي من الأدلة للقول أننا قد غادرنا الهولوسين ودخلنا الأنثروبوسين. ببساطة، استنادا إلى الأدلة، البشرية قد أجبرت نظام مناخ الأرض على الخروج من العوامل المؤثرة الطبيعية في دورته.