آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:38 ص

أن تبحر في الموج العالي.. تلك السعودية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

ترأست السعودية مجموعة العشرين في عام يكافح العالم فيه من أجل حياته، فمنذ تأسيس مجموعة G20 سبتمبر عام 1999 لم يمر عليها تحد كالأزمة المالية العالمية 2008 - 2009، حتى قدوم كورونا في العام 2020، فكانت الجائحة تهديدا شل الاقتصاد العالمي متجاوزا في تأثيره الكساد العظيم الذي عصف بالعالم قبل نحو 90 عاما في ثلاثينيات القرن الماضي، وفوق ذلك وقبله شكلت الجائحة كارثة صحية انهارت على أثرها منظومات رعاية صحية في دول متقدمة فضلا عن النامية، فنافست في آلامها وانتشار عدواها وفداحة أثرها الإنفلونزا الإسبانية قبل مائة عام. ورغم كل تلك التمخضات وتبعاتها وتداعياتها قادت السعودية التحدي باقتدار. فخلال الأشهر التي مضت لم يكن حال العالم كالمعتاد، لا صحيا ولا اقتصاديا ولا اجتماعيا، فقد أخضعت إجراءات الحظر التي شملت 90 دولة نحو أربعة مليارات نسمة للبقاء في منازلهم، بتكلفة اقتصادية قدرها 28 تريليون دولار للفترة 2020 - 2025، أما صحيا فقد أصاب الفيروس نحو 56 مليونا منهم 1,34 مليون توفوا.

وهكذا، فالقضية ليست مجرد استضافة لقمة العشرين، فهذه القمة أتت في عام أبحر فيه العالم في أمواج متلاطمة، فلم يكن الإبحار كالمعتاد، كانت هناك منعطفات صادمة وأخرى لنوازل مستجدة، خرجت السعودية من كلتيهما باقتدار، فاجتازت بالمجموعة الصعاب رغم التحديات، كل ذلك ولم تنس السعودية للحظة إصرارها - وفي وقت متزامن - على مبادأة رعاية سكانها صحيا واقتصاديا ضد تبعات الجائحة، دون التراجع في جهد التحول من اقتصاد قائم على استخراج ما في الأرض من خبايا، إلى اقتصاد قائم على استخراج ما في الإنسان من عطايا الإبداع والإنتاج.

وليس من شك، أن تكون في ناد للقوى الأكبر، فهو نجاح يسجل لما تحقق من إنجازات متراكمة، وحافز للإصرار على الارتقاء فيما هو مقبل. وخلال عام رئاستها مجموعة العشرين أثبتت السعودية قدرتها على أخذ زمام المبادرة بصياغة أولويات الأجندة العالمية على أكثر من صعيد: اقتصادي، ومالي، واجتماعي، وبيئي، وفكري، وتقني، ولم تنس أبدا الدول النامية، فدفعت بإحدى أهم المبادرات وهي تأجيل ديون الدول الأكثر فقرا، كما بينت السعودية قدرتها على إدارة الملفات العالمية رغم إرباك جائحة كورونا دول العالم على أكثر من صعيد، بما في ذلك كيف ينبغي أن تعقد الاجتماعات، ومع ذلك أطلقت السعودية مبادرة لتوفير اللقاح والبحوث لمكافحة كورونا بمبلغ قدره 21 مليار دولار، أسهمت فيه دول المجموعة ودول أخرى.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى