آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 7:06 م

التلاعب بالجراحات

محمد أحمد التاروتي *

يتلذذ البعض بالرقص على جراحات الاخرين، من خلال استخدام شتى أساليب النصب والاحتيال، بهدف استنزاف الجيوب وزيادة المكاسب المالية، فهذه الفئة لا تتورع عن انتهاج الطرق الملتوية، وغير المشروعة في سبيل الوصول الى جيوب الاخرين، فتارة باستخدام المفردات الخادعة للتلاعب بالعقول، وبث ثقافة غير صحية في الوسط الاجتماعية، وتارة أخرى باستغلال الثورة التكنولوجية، ووسائل التواصل الاجتماعي، نظرا لانتشارها وسهولة الوصول لاكبر شريحة خلال فترة قصيرة.

الضرب على الوتر الحساس لعبة شبكات النصب والاحتيال، فهي تعمد لدراسة الاحداث بشكل دقيق، من اجل استغلالها بالطريقة الاحتيالية، مما يدفعها لغزو وسائل التواصل الاجتماعي بالرسائل ”المغلومة“ والوهمية، بهدف اصطياد الزبائن والعمل على الاستيلاء على البيانات الشخصية، مما يمكنها من ممارسة الضغط والابتزاز، بالإضافة لذلك فان عمليات النصب والاحتيال لا تقتصر على الجوانب المالية، ولكنها تحاول الدخول عبر الكثير من القنوات، بهدف الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعية المتاحة، والعمل على توظيفها بطرق مختلفة.

النجاحات السريعة في تحقيق الاختراق في العقول، والاستجابة غير الواعية من قبل البعض، تشكل عناصر أساسية وراء ابتكار العديد من الأساليب والطرق الجديدة، لاسيما وان التشبث بطريقة واحدة لا يغذي طموحات النصب والاحتيال، الامر الذي يتمثل في محاولة استغلال جميع المناسبات، والعمل على تجيير الاحداث على اختلافها، بهدف الوصول لاكبر شريحة اجتماعية، خصوصا وان المراهنة على تفاوت الوعي يمثل المحرك الأساس، وراء السير قدما في لعبة التلاعب بالجراحات.

اكتشاف عمليات النصب والاحتيال المختلفة، ليس رادعا في وقف مسلسل التلاعب بالعقول، والعمل على الاستيلاء على ”حصيلة العمر“، فالاغراءات المترتبة على الاستمرار في سرقة الاخرين، تتجاوز العقوبات المترتبة عليها، بالإضافة لكون عملية اصطياد هذه الشريحة بحاجة الى جهود كبيرة، مما يحفز على مواصلة مشوار ”التلاعب بالجراحات“، خصوصا وان الكثير من عمليات النصب والاحتيال تتم احيانا بطريقة ”مشروعة“، عبر استخدام القنوات الرسمية، واستثمار قلة الوعي لدى بعض الشرائح الاجتماعية، فضلا عن كون تلك الشبكات تمارسها نشاطها بواسطة قنوات الكترونية، والتحرك بطريقة غير مرئية، مما يجعل عملية مراقبتها ليست سهلة في كثير من الأحيان.

شبكات النصب والاحتيال تمتلك الأدوات، والإمكانيات اللازمة لتجاوز الكثير من الأنظمة، من خلال استغلال الثغرات المتاحة في القنوات الالكترونية، مما يمكنها من الوصول الى الأهداف بسهولة، لاسيما وان عمليات اصطياد الزبائن تكون عشوائية وغير مقصودة، فالعملية مرهونة بمدى استجابة الأطراف المستهدفة بالدرجة الأولى، وبالتالي فان الحذر واتخاذ كافة الإجراءات الاحترازية، عملية أساسية لتجاوز فخ النصب والاحتيال، لاسيما وان تلك الشبكات ليست قادرة على الاستيلاء، على الأموال بدون الاستجابة الطوعية من لدن بعض الناس.

الاستفادة من الأسماء المشهورة في وسائل التواصل الاجتماعي، احدى الطرق المستخدمة في سبيل الوصول لاكبر شريحة اجتماعية، فعملية الاستفادة من تلك الشخصيات المشهورة ليست صعبة على الاطلاق، نظرا لوجود مصالح مشتركة فيما يتعلق بتعظيم الثروة الشخصية في بعض الاحيان، وبالتالي فان التوافق يسهم في ”غسيل مشروع التلاعب بالجراحات“، حيث يتم عبر بعض الإعلانات الخادعة، ومحاولة تصريف الكثير من المواد، مما يصب في خانة ”النصب والاحتيال“ بالدرجة الأولى.

التلاعب بالجراحات عملية مدروسة، باعتبارها واجهة مغرية لاستكمال مشاريع النصب والاحتيال، وبالتالي فان التلون والتأقلم مع التطورات والمستجدات على الصعيد الاجتماعي، تمثل احدى السمات الأساسية لدى شبكات النصب والاحتيال، فتارة للتواري عن الملاحقة القانونية عبر استخدام القنوات الرسمية، والاستفادة من الغطاء القانوني، وتارة للتحرك بالاتجاهات المختلفة بما يسهم في التقرب من المزاج الاجتماعي، مما يستدعي وضع تلك الخيارات في الاعتبار، والاستمرار في عمليات اصطياد الزبائن، وتفريغ الجيوب بشكل متقن وسريع.

كاتب صحفي