آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 12:26 م

تأثير النهاية السعيدة ”يمكن أن يحابي القرارات المستقبلية“

عدنان أحمد الحاجي *

19 أكتوبر 2020

تكشف الدراسة عن آليات الدماغ الكامن وراء اتخاذ قرار غير منطقي

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 383 لسنة 2020

‘Happy ending effect’ can bias future decisions، say scientists

19 Oct 2020


 

البشر مجبولون على تفضيل التجربة [التجربة تعني الحدث الذي يمر على المرء ويترك انطباعًا أو تأثيرًا عليه بحسب ما ورد في 1] التي تنتهي بنهاية جيدة، تأثير التجربة السابقة يتراجع كلما طال الزمن عليها. هذا يعني أننا لا نستطيع أن نثق دائمًا في أن الخيارات التي نتخذها بناءً على التجربة السابقة ستخدم مصالحنا الفضلى في المستقبل.

بحث جديد «1»، نُشر في مجلة علم الأعصاب Neuroscience «انظر 2» كشف أن جزأين مختلفين من الدماغ يُنشّطان، ويتساجلان مع بعضهما البعض، عندما نتخذ قرارات بناءً على التجربة السابقة. يمكن أن يجعلانا نبالغ في تقييم التجربة التي تنتهي بنهاية سعيدة على الرغم من بدايتها السيئة، والتقليل من قيمة التجربة التي تنتهي بنهاية سيئة على الرغم من بدايتها الجيدة - حتى لو كان كلا التجربتين قيّمتان بشكل عام.

"عندما تقرر أين تذهب لتناول العشاء، على سبيل المثال، تفكر في المكان الذي تناولت فيه وجبة جيدة في السابق. لكن ذاكرتك بخصوص ما إذا كانت تلك الوجبة جيدة لا يمكن التعويل عليها دائمًا - فدماغنا يقيّم الحظات القليلة الأخيرة من التجربة بدرجة أكبر من باقي التجربة. كما قال الدكتور مارتن ڤيسترغارد Vestergaard، الباحث في قسم الفسيولوجيا والتطوير وعلم الأعصاب في جامعة كامبريدج والذي قاد الدراسة.

”إذا لم نتمكن من التحكم في انجذابنا الفطري إلى النهايات السعيدة، فلا يمكننا التعويل على خياراتنا لخدمة مصالحنا الفضلى.“

جزء الدماغ المسمى باللوزة الدماغية تهيء ”القيمة الموضوعية“ لتجربة ما «لحدث ما» - الطعم الكلي لوجبة مكونة من ثلاثة أطباق، على سبيل المثال. وفي الوقت نفسه، منطقة دماغية تسمى الجزيرة الأمامية قد أُثبت أنها ”تقلل“ من تقييمنا للتجربة إذا ما أصبحت هذه التجربة تدريجيًا أكثر سوءًا بمرور الوقت.

كلما طال الوقت على حدوث التجربة، حتى لو كانت لا تزال حديثة جدًا، كلما قلت قيمتها في التأثير على اتخاذ القرار التالي. يسميها الباحثون ”تأثير النهاية السعيدة“: نحن نميل إلى اتخاذ قراراتنا بناءً على التجارب السابقة التي انتهت على بنهاية حيدة، بغض النظر عن مدى جودة التجارب بشكل عام.

في هذه الدراسة، طُلب من سبعة وعشرين متطوعًا من الذكور الأصحاء اختيار أي الإناءين اللذين فيهما عملات معدنية، عرضا على شاشة واحدًا تلو الآخر، له أكبر قيمة إجمالية. لقد شاهدوا عملات معدنية بأحجام مختلفة - حيث حجم العملة يمثل قيمتها - وهي تتساقط من الإناءين في تتابع سريع، حينها كان التصوير الوظيفي بالرنين المغناطيسي «fMRI» يكشف عما يدور في دماغ المتطوعين. كُررت المهمة عدة مرات بتسلسلات مختلفة من العملات المعدنية.

اختار المتطوعون بشكل ممنهج الوعاء الخطأ عندما انخفض حجم العملات في نهاية التسلسل. هذا يكشف أن الدماغ قد فرض جزاءً «عقوبة» على التسلسل بأكمله، بغض النظر عن قيمته الإجمالية، عندما لم تكن النهاية جيدة. التأثير يختلف من شخص لآخر، لكن القليل منهم فقط كانوا قادرين على تجاهل هذا التأثير تمامًا واتخاذ قرار عقلاني تمامًا.

النتائج أكدت نماذج اتخاذ القرار النظرية، وعارضت الاعتقاد السائد بأن اتخاذ القرار دون المستوى الأمثل يمر من خلال اللوزة - واللوزة هي الجزء البدائي من دماغنا - بينما يحدث الاستدلال المنطقي الأكثر بعدًا للنظر في الجزء الأكثر تطورًا من الدماغ «الجزيرة الأمامية». المتطوعون أثبتوا أن تقييمنا للتجربة طويلة الأجل مرمزة «راسخة» بشكل منيع في اللوزة.

يقول الباحثون إن الانجذاب إلى اللحظات الأخيرة من التجربة هو آلية أساسية في دماغ الإنسان ومن المهم أن يكون المرء على دراية بها. في حين أن هناك مزايا واضحة لإيلاء الانتباه إلى ما إذا كانت الأمور تسير في مسار تصاعدي أو تنازلي، فإن قراراتنا يمكن أن تخذلنا عندما نحاول تقييم تجربة شاملة بعد ذلك.

في حين أن اتخاذ القرار السيئ في سياق تناول الطعام في خارج البيت «في المطاعم» قد لا يكون كارثيًا، إلا أن هذا التقييم غير الدقيق في اختصار «اختزال» الأحداث الماضية قد يؤدي إلى خيارات سيئة عند استخدام المعلومات لاتخاذ قرارات على المدى الطويل - على سبيل المثال، اتخاذ قرار لصالح أي سياسي ستصوت.

”انجذابنا إلى قيمة اللحظة الأخيرة من التجربة قد تُستغل من قبل السياسيين الذين يسعون لإعادة انتخابهم؛“ هؤلاء السياسيون دائمًا ما يحاولون الظهور بمظهر قوي وناجح في نهاية فترة وجودهم في المنصب"، كما قال ڤيسترغارد. إذا وقعت في حبال هذه الحيلة، وتجاهلت عدم جدارة السياسي وفشله في الماضي، فقد ينتهي بك الأمر إلى إعادة انتخاب شخص غير لائق.

”في بعض الأحيان من المفيد أن تتوقف وتأخذ وقتًا كافٍ لتتأمل وتفكر. تبنيك لمقاربة هي أكثر تحليليةً كرديف متمم لقرارك الحدسي الشخصي «أي غير الموضوعي وغير الواعي» يمكن أن يضمن أنك تتخذ قرارًا عقلانيًا“.