آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المبادرات التطوعية «أما أنا أو...»

حسن آل جميعان *

يتميز مجتمعنا بكثرة الأنشطة والعمل التطوعي، وهذا واضح للعيان بمجرد النظر والتأمل القليل سوف نشاهد ذلك على أرض الواقع، وهذه من السمات الجميلة التي يتسم بها هذا المجتمع المعطاء المحب لفعل الخير وتقديم المساعدة والتضامن المجتمعي. لا يبخل هذا المجتمع بمد يد العون والمساعدة متى استدعت الحاجة لذلك فهو بفطرته الطيبة يبادر بكل إمكانياته المادية والمعنوية من خلال دعمه للمشاريع والمبادرات الخيرية والتطوعية في المجتمع، وهذا من الخلق النبيل الذي يمتاز به أبناء هذا المجتمع المعطاء. وككل المجتمعات لا يختلف مجتمعنا عنها هناك الجانب المشرق، وهناك الجانب المظلم الذي يعكر صفو هذه المبادرات التطوعية.

لكنني ألاحظ أن بعض المبادرات يحصل بينها خلاف إلى درجة التسقيط والدخول في النوايا وهمز ولمز فيما بينها مع العلم أن هذه المبادرات هدفها، وهذا لا شك فيه هو خدمة المجتمع وتقديمه بالصورة الجميلة التي يستحقها. كان بإمكان أصحاب هذه الأعمال التطوعية الاستفادة من بعضهم البعض في اكتساب الخبرات وتطوير مهارات العمل التطوعي، وكذلك التنسيق فيما بينهم في تنظيم الفعاليات المشتركة التي تعزز الفكرة والعمل الذي يقومون به بتضافر الجهود والتعاون مع اللجان التي تشترك في ذات الهم، لكننا نرى عكس ذلك بحيث يصل الأمر إلى الخلاف وسعي كل طرف إلى تسقيط الطرف الاخر بحجج واهية يختلقها كل طرف عن الاخر، وهذا مؤسف أن يتم تشويه الأعمال النبيلة إلى نوازع هدامة ضررها أكثر من نفعها.

من الأشياء التي ينبغي على الفاعلين في المجتمع الاهتمام بها، ووضعها نصب أعينهم قيمة التعددية، والابتعاد عن الأحادية في التفكير بمعنى التخلي عن فكرة «أما أنا أو الطوفان»، حيث بإمكان الجميع المساهمة في العمل الاجتماعي، ولا يضر وجود أكثر من نشاط متشابه في الفكرة، بل هذا يخلق حالة من التنافس، والتميز، وبدل المزيد من الجهد في تقديم الأفضل. مجتمعنا يتسع لكل هذه المبادرات والأعمال التطوعية فلا نضيق من التنوع والتعدد الذي يثري الساحة الاجتماعية، وعلينا التخلص من الحالة الانانية والاحتكارية التي تنفر أبناء المجتمع من الانخراط في العمل التطوعي، وبهذا نحرم مجتمعنا من طاقات وكفاءات متميزة نفرت بسبب هذه العقليات الضيقة التي لا تستوعب المشاركة والتعدد والتنوع الذي يشكل غنى وثراء للمجتمع.

في الختام، قبول التنوع والتعدد، وتعزيز قيمة المشاركة كفيل بان يعيد الحيوية للمبادرات التطوعية في المجتمع، ويحيي التنافس، والتسابق على التميز والإبداع، وتقديم الأفضل هذا أولا. ثانيا خدمة المجتمع من خلال التطوع كل في مجاله والجانب الذي يبدع فيه يعزز قيم التضامن والتكافل والتراحم بين أبناء المجتمع. ثالثا العمل التطوعي مصدر من مصادر جلب السعادة والاستقرار النفسي للإنسان، فلا تحرموا أنفسكم من هذه المتعة التي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع على حد سواء.