آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

لله جنود من كورونا!

فوزي صادق * صحيفة اليوم

سواء اعتقدت بوجود كورونا بنظرية المؤامرة أو هو نتاج أخطاء إنسانية، فلقد أصبح واقعا فرض نفسه، ونحن في كر وفر بساحة المعركة، وقد استطاع الغازي من اقتحام الأرض والسيطرة عليها ممتطياً حصان طروادة من بني جلدتنا، والمخجل أنه يمكن احتواء جيوشه بقبضة طفل بشري، ولنعترف بأن الأرض ضاقت بالإنسان وهي في حالة الدفاع عن النفس.

قال تعالى: «ظهر الفساد في البر والبحر» و«قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها». الفساد بمفهومه العام هو التغيرّ من الحالة المثالية إلى حالة دون المثالية، أي إلى الأسوأ، أي أننا أسأنا استخدام الأمانة، فالإنسان هو الفاسد، وكورونا هي الطوفان المصلح والمطهر، الذي ألقى بنا عنوة على سفينة المحك والتفكير للبحث عن شاطئ النجاة دون نبيّ مخلّص يرشدنا! والذي أثبت لنا ضعفنا مع ما نملكه من تكنولوجيا وعبقريات وغزونا للفضاء.

إنها أشبه بعملية تدوير للعقل البشري وتصفير لغروره وجموحه المتفاقم والمتراكم. شيء بداخلنا يحتاج للتطهير والتجديد، وشيء بداخلنا يحتاج إلى وقفة لإعادة الحسابات، وبدء صفحة جديدة مع أنفسنا ومع مَنْ حولنا، ونبذ الفرقة والعنف والإقصاء - حتى لو لم نحب بعضنا بعضا - فنحن أحوج لتباعد الأحقاد قبل تباعد الأجساد، وهذا ما أجبرنا عليه كورونا «وتعاونوا على البر والتقوى» حتى مع الخصم!

الخوف القادم ليس من معرفة نتيجة المعركة مع كورونا، التي سنتعاضد بإذن الله لدحرها، بل من أنفسنا التي لم تستغل وتتعلم من الأزمات وتأخذ الدرس جيداً كما فعل أسلافنا، والتي من المفترض أنها عززت فينا قيم الإنسانية وإحساس العدل والرحمة تجاه شركائنا في الأرض وإعطائهم حقوقهم، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو الشعوب، فربما سيغفر الله لنا أخطاءنا معه، ولكن هل سيغفر لنا أخطاءنا مع الآخرين؟

كاتب و روائي - الدمام