آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

السيد هاشم السيد عبد الرضا الشخص: شاعر الولاء وبحر العطاء

علي محمد عساكر *

بعد طول انتظار من عشاق الشعر والأدب، ومحبي الشاعر الأديب «السيد هاشم بن السيد عبد الرضا الشخص»، صدر مؤخرا ديوانه الأول «بلابل وأبابيل» عن «دار دراية للنشر والتوزيع» بتقديم الشاعر جاسم المشرف الذي سلط الضوء على تجربة الشاعر الولائية الدينية، وبتقريظ عدد من الشعراء والأدباء، هم مع حفظ الألقاب «السيد عدنان العوامي، وجاسم الصحيح، وناصر النزر، وعلي طاهر البحراني» وهي تقريظات قيّمة، فيها إضاءات براقة على بعض سمات الشاعر الشعرية والأدبية، أما الصف والتنسيق فقد تكفل به الشاعر إبراهيم بو شفيع، كما قام الشاعر السيد إبراهيم الحاجي بتصميم الغلاف، ويقع الديوان في «184» صفحة، ويضم بين دفتيه «43» مقطوعة أدبية، أو قصيدة شعرية، معظمها في النبي الأعظم وأهل بيته الأكرمين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، صاغها شاعرنا الولائي في قوالب أدبية بليغة، وبلغة شعرية عالية، تكشف عن تمكنه من فنه، وتعرب عن قدراته الشعرية والأدبية الكبيرة.

ومن الطبيعي جدا أن يكون لنبأ هذا الإصدار الأدبي الرائع الجميل صداه الواسع، وأن تستقبله الساحة الثقافية والأدبية بالفرح والبهجة، وذلك لما لصاحبه من مكانة خاصة في النفوس والقلوب، كونه من رواد الشعر وكبار الشعراء أولا، ومن أهم وأكبر الداعمين للحركة الثقافية والأدبية ثانيا، ولما يمثّله ديوانه هذا من إضافة أدبية قيّمة للمشهد الأدبي المزدهر في منطقتنا الشرقية الغالية من مملكتنا الحبيبة، والمتقدم على الكثير من المشاهد الأدبية المحلية والعربية ثالثا.

كما من الطبيعي أيضا أن يكون هذا الديوان ولائيا، وبصبغة دينية، فالشاعر - أولا وقبل كل شيء - مؤمن متدين، ومتيم بالحب والولاء للنبي وآله، وابن أسرة هاشمية، طيبة الأصل، شريفة المنبت، ذات إيمان ودين، وأخلاق وعلم، وثقافة وأدب.

• جده وأبوه:

الجد الأول للسيد هاشم الشخص هو آية الله السيد محمد باقر الشخص، الذي هو من كبار علماء وفقهاء عصره، وهو أبرز أعلام أسرة الشخص، وأجلّهم قدرا، وعنه يقول حفيده أديبنا المترجم السيد هاشم: «إن جدي السيد باقر يرحمه الله، والمدفون في مقام الإمام علي بالصحن الحيدري، كان قد بلغ منزلة علمية وأدبية مرموقة، فقد بلغ درجة الاجتهاد في العلوم الشرعية مبكرا، وله العديد من التلامذة الذين يشار لهم بالبنان في مستوياتهم العلمية والأدبية، مثل: المرحوم الشيخ باقر أبو خمسين، والشيخ عبد الحميد الخطي، والشيخ علي المرهون، والسيد محمد باقر الصدر، والمؤرخ الشيخ باقر شريف القرشي، والشيخ محمد جواد مغنية يرحمهم الله جميعا.

ولعلّي في هذا المقام أتذكر خلال إحدى زياراتنا إلى لبنان الحبيبة أن الشيخ مغنية رحمه الله قبّل يدي جدي السيد باقر وقال: تلك أول يد أقبّلها بعد يد والدي».

كما أن أباه السيد عبد الرضا بن السيد محمد باقر الشخص، أيضا من رجال الدين والعلم والأدب، ومن ثقاة كبار العلماء والمراجع، وعنه وفيه يقول نجله السيد هاشم: «نحن - وبكل شرف - من البيوتات العلمية والأدبية، بحكم أن والدي هو الآخر رجل دين، وكان من زملائه في الدراسة العلمية السيد علي الناصر، والشيخ حسين العمران، وكان يرحمه الله المتابع لأوضاع الطلبة الأحسائيين في النجف الأشرف، وهو الذي تقبل تزكيته لهم لدى كبار العلماء هناك، فالوالد كان دليلهم على العوائل الدينية...»

• مولده ونشأته:

ولد السيد هاشم عام 1956م في النجف الأشرف، وفيها نشأ وترعرع تحت ظل ورعاية جده الباقر وأبيه الرضا رضوان الله عليهما، وباعتبار أنه ولد ونشأ في بيت علم ودين وإيمان وأدب، وحظي بتربية دينية وأخلاقية عالية، وفي بيئة محافظة، ومشحونة بالعلماء والمتدينين بجوار الأمير ، فمن الطبيعي جدا أن ينعكس ذلك على شخصيته، لينشأ على الاستقامة والأخلاق العالية، والآداب الكريمة، إضافة إلى التوجه العلمي والثقافي والأدبي على حد سواء.

• دراسته الأكاديمية:

واصل السيد هاشم دراسته في العراق إلى المرحلة الثانوية، وقيل إنه درس الابتدائية في النجف، والثانوية في مدينة الظهران في المملكة العربية السعودية، وفي عام 1975م عاد أبوه إلى وطنه الأصل «المملكة العربية السعودية» فالتحق سيدنا أبو ياسر بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن لدراسة الهندسة المدنية، ليتفرغ بعدها للتجارة والأعمال الحرة في المقاولات.

• اهتمامه الأدبي ونظرته إلى الشعر:

مع أن أبا ياسر قد وُلد ونشأ في أسرة وبيئة علمية بالدرجة الأولى، إلا أنه - ومنذ صغره ونعومة أظفاره - كان شغوفا بالشعر والأدب، وهو اهتمامه الأول، ولم يسمح حتى لتخصصه العلمي البحت، ولا لانشغاله بالتجارة والمقاولات أن يسرقاه من هذا العالم الأدبي الرائع الجميل.

وكما يقول عنه الأستاذان فؤاد نصر الله وسلمان العيد في افتتاح حوارهما معه لمجلة الخط: «جمع بين كونه مهندسا مدنيا، ويعمل في قطاع المقاولات، وبين كونه شاعرا مجيدا، ينظم القصائد ويحلّق في الخيال، بين الواقع الهندسي المدني الذي يسير وفق المقاسات والمعادلات الرياضية، وبين الخيال الخصب، الذي بدأ معه بحكم حياته الأولى ونشأته في النجف الأشرف»

فالسيد هاشم يرى نفسه خلق شاعرا، والشعر هو غذاؤه، ومصدر إلهامه وإبداعه، وأما عن كيفية جمعه بين الشعر والمقاولات فقد أوضحها بقوله: «الإنسان بحاجة إلى الغذاء المادي، وكذلك الغذاء النفسي، فالشعر له موقع لا يغطيه غذاء مادي، فالأمور تقاس بحاجات الإنسان، وأنا أقرض الشعر لأحيا كما آكل لأعيش، كما أن رجل الأعمال الناجح يحتاج لشيء من الشعر ليكون مبدعاً»

وفي بيان نظرته إلى الشعر يقول: «أنا فهمت الشّعر رسالة، على أنّه - كما يقال - خبز النّاس، وليس شعر المترفين، وقد حاولت - على منوال الشّعر العباسي - أن أقدم الشّعر السّهل الممتنع، حيث يبذل الشاعر الكثير ليفهمه الإنسان البسيط والأديب...»

ولأنه يرى الشعر رسالة، أصبح هو الرسول في شعره، يدعو من خلاله إلى القيم الفاضلة، ويحث على إصلاح النفس، وبناء الذات، وينقد الظلم، ويستنكر الطغيان، ويطالب بالعمل على تطهير العالم من كل شر وفساد، لينعم الإنسان بالعيش الكريم، والحياة السعيدة.

• عوامل بناء شخصيته الأدبية:

في حال أردنا الحديث عن عوامل صنع وبناء شخصية السيد أبي ياسر الأدبية، والتي ساهمت في صقل مواهبه الشعرية إلى أن خلقت منه شاعرا مبدعا، وأديبا مميزا، فيمكننا إرجاع ذلك إلى عوامل ثلاثة على النحو التالي:

1. الاهتمام الأدبي لأسرته.

2. الطابع الأدبي للنجف الأشرف.

3. ارتباطه بالجمعيات الأدبية.

ولا بأس أن نتحدث عن هذه العوامل الثلاثة، لنتعرف من خلالها على تلك البيئة الأدبية الخاصة والعامة التي نشأ فيها السيد هاشم، ونرى كيف وإلى أي حد أثرت في نفسه، وساهمت في بناء شخصيته الأدبية، حتى أصبح من رواد الحركة الأدبية، خصوصا في منطقتننا الغالية.

  العامل الأول - الاهتمام الأدبي لأسرته:

فكما أن السيد أبا ياسر ابن أسرة علمية، كذلك هو ابن أسرة أدبية، تهتم بالشعر، وتهوى الأدب، وخرّجت الكثيرين من الشعراء والأدباء، فمع أن جده آية الله السيد محمد باقر الشخص من العلماء المجتهدين، إلا أنه أيضا أديب وشاعر، وصفه ربيبه وابن أخيه الخطيب السيد محمد حسن الشخص بأنه «حاز على مضمار السبق في ميادين العلوم جمعاء، وضرب سهما وافرا في الأدب، ما أفهمنا أنه عالم شاعر، أتقن الصناعتين - وشذّ من أتقنها - فهو في الأدب كالأديب المتخصص، وفي العلم كالعالم المحقق»

وقد ذكر علي الخاقاني له ثلاث قصائد في المجلد السابع من كتابه «شعراء الغري» الأولى أرجوزة في رحلته إلى الحج، والثانية في مدح السيد محمد بن الإمام علي الهادي المعروف بسبع الدجيل، والثالثة في رثاء أستاذه آية الله السيد ناصر بن السيد هاشم السلمان.

كما أن أباه السيد عبد الرضا شاعر أيضا، وقد نقل نجله الدكتور السيد عدنان نماذج من شعره في ترجمته له «السيد عبد الرضا الشخص: فقيد عائلة أم فقيد مجتمع» بل وناقد أيضا، وصفه ابنه السيد عدنان بأنه «كانت لديه حافظة قوية، وقدرة بارزة في النقد الأدبي، وكثيرا ما كنت أسمعه ينقد قصائد لشعراء من أصحابه وأصدقائه، مثل السيد مصطفى جمال الدين، والأستاذ محمد العلي ”الهجري“ والأستاذ صالح الظاملي، وغيرهم، حيث كنت ألاحظ رغبة بعض هؤلاء الشعراء وغيرهم بقراءة قصائدهم له قبل نشرها، أو قراءتها في الاحتفالات، متطلعين إلى رأيه النقدي، لتقديرهم بأن ملاحظته ثاقبة، وتكون عادة في الصميم»

كما كان السيد عبد الرضا - وبحسب ما يذكره ابنه الدكتور السيد عدنان - يشجع أبناءه وبناته على الاهتمام بالأدب، وحفظ القصائد وإلقائها حتى أمام كبار الشعراء، ويحفزهم على ذلك بالهدايا والمكافآت، ولهذا أكد السيد هاشم أن والده هو ملهمه وأستاذه الأول في الشعر والأدب.

بل حتى والدة السيد هاشم كانت تهتم بالشعر، ونظمت بعض الأبيات، وربما القصائد، كما أكد ذلك ابنها الدكتور عدنان بقوله: «ساهمت الوالدة في النظم، بالرغم من كونها لم تأت من بيئة أدبية، لكنها بحكم اقترابها من ذلك الجو تشجعت على أن تنظم» كما نقل لها بعض الأبيات اللطيفة في بعض الحوادث الظريفة.

أما البيت الذي نشأ فيه الأخوان «أبو فراس وأبو ياسر» فقد تحوّل إلى منتدى أدبي لكثرة من يرتاده من الأدباء والشعراء، وكثرة ما يعقد فيه من الحلقات الأدبية الشعرية، وقد أشار الأخوان السيدان «هاشم وعدنان» إلى ذلك، ونحن نكتفي بما يقوله أبو ياسر: «إن بيتنا كان موئلاً للخطباء والعلماء والشعراء، وكان في كل عام وبشهر رمضان المبارك تعقد جلسات تقفية أدبية، وكان هذا المجلس مطمحاً لأكثر الشعراء بأن يفوزوا بالجوائز التقديرية التي تمنح لهم بالفوز بالتقفية، والتي هي بمثابة شهادة اعتراف لما بلغوه من مستوى علمي وأدبي، وكان يقصد هذا المجلس الشاعر السيد مصطفى جمال الدين، والشاعر محمد العلي، وجماعة من شعراء جبل عامل من لبنان، من أمثال سيد هاني فحص، والسيد محمد حسن الأمين، والسيد عبد الله الأمين، والشيخ عبد اللطيف بري، والشيخ عبد الله المديحلي، والشاعر صالح الظالمي، ومحمد حسين الصغير، والبرقعاوي عبد الصاحب.

إنني - في الحقيقة - نشأت في هذه البيئة، وتربيت مع هؤلاء الناس... لك أن تتصور أن وقتا ما يحضر في منزلنا 20 إلى 30 شاعرا، يدخلون في مسابقات في التقفية الشعرية ومساجلات شعرية، والفائز يخرج بكتاب ثمين من الوالد، فكان يقدم كل يوم كتابا لشاعر طوال شهر رمضان المبارك، أليس غريبا أن دخل الوالد ثمانية دنانير في الشهر، يدعو عددا من الشعراء والأدباء على مأدبة غداء تكلفه خمسة دنانير! ذلك لمحبته للعلم والأدب، والفكر وأهل الفكر»

 العامل الثاني - الطابع الأدبي للنجف الأشرف:

كان الطابع العام للنجف الأشرف هو الطابع الأدبي، فكأنما الناس هناك أدباء بالفطرة، مما ساهم مساهمة كبيرة جدا في إثراء الحركة الأدبية إلى حد أنها انتقلت من الخاصة إلى العامة، وانتشرت في الوسط الاجتماعي العام إلى درجة أن أصبح الأدب عموما والشعر على وجه الخصوص - سواء العربي الفصيح أم باللهجة الدارجة - هو سمة النجف وعنوانها.

والإنسان - كما نعلم - ابن بيئته، يتفاعل معها، ويؤثر فيها كما تؤثر فيه، وبما أن السيد هاشم الشخص عاش هذه الأجواء وعاصرها، فلا شك أنه تفاعل معها، وتأثر بها، فكان لها أبلغ الأثر في توجهه الأدبي وصنع شخصيته الأدبية، كما أشار هو إلى ذلك بقوله: «في هذه الأجواء نشأت وتربيت، حيث قيل إن من الصعب أن تجد عشرة في النجف يجتمعون وليس من بينهم تسعة منهم شعراء، والعاشر ليس أديبا، حتى أن أحدهم دخل اختبارا في الجامعة وسألوه مسألة نحوية لم يستطع الإجابة عليها، فقالوا له: أنت من النجف والفلاح عندكم يتغنّى بألفية ابن مالك!!

لذلك ليس غريبا علي أن أحفظ الكثير من أبيات الألفية عن ظهر قلب، وقد كنت أصرف من مصروفي اليومي 10 فلوس للمواصلات كي أدرس النحو على يدي أحد الأساتذة مقابل أن أدرّسه دروسا في الكيمياء والفيزياء، وكان عمره 50 عاما، ولديه طموح أن ينال شهادة الثانوية العامة الفرع العلمي، فكنت أذهب إليه وأدرسه الكيمياء والفيزياء والرياضيات، ويدرسني شرح الألفية بالنحو»

 العامل الثالث - ارتباطه بالجمعيات الأدبية:

مما امتازت به النجف على غيرها هو كثرة الحلقات والديوانيات والمجالس والجمعيات العلمية والأدبية التي يعقدها العلماء والأدباء والشعراء، مما كان له أبلغ وأعظم الأثر في صقل المواهب الشعرية، وتنشيط الحركة الأدبية في النجف الأشرف، ومن هذه الجمعيات «جميعة الرابطة الأدبية» التي تأسست سنة 1351 هـ ، وهي أول جمعية علمية أدبية رسمية تمّ تأسيسها في النجف، ومن أنشطتها «مهرجان الأدب الحي» كما أنها - حسب ما يقوله العلامة الفضلي -: «ساهمت مساهمة فعّالة في بعث الحركة الأدبية في النجف الأشرف، فكانت رائدة الحركة الأدبية الحديثة فيها، وقلّ أن يوجد أديب نجفي محدث - شاعر أو ناثر - إلا وهو نتاج ندواتها ومجالسها الأدبية»

والسيد هاشم الشخص كان منفتحا على هذه الجمعيات، متفاعلا معها، متأثرا بها، خصوصا «جمعية الرابطة الأدبية» كما يؤكد هو بقوله: «لقد كنت أيضا متأثرا بالرابطة الأدبية في النجف، التي من بينها الشاعر محمد حسن الصغير، الذي هو مرافق لسماحة السيد السيستاني، هذه الرابطة التي كنت أحضر جلساتها وبرامجها بدون انقطاع، خاصة وأنها تستقبل شعراء من كافة محافظات العراق، مثل بغداد والبصرة، وأذكر منهم نازك الملائكة، وعبد الوهاب البياتي، وبولند الحيدري، وسعدي يوسف، وكانت تقيم مهرجاناتها الشعرية سنويا موزعة على المحافظات، ولمدة خمسة أيام، تدعو 100  150 شاعرا، وأديبا، تبدأ بالنجف وتمر بالمحافظات، مثل البصرة وكربلاء وبغداد والحلة وتختم في النجف.

ولعل أبرز وأهم مهرجان أدبي تقيمه الرابطة هو عن الإمام الحسين، حيث تدعو له 16  18 شاعرا، أو صاحب كلمة، ويقام المهرجان في المسجد الهندي، وأبرز من شاركوا السيد محمد بحر العلوم، والشيخ عبد الحميد الخطي، ومحمد جمال الهاشمي، وعبد الرسول الجشي، والشيخ عبد المنعم الفرطوسي، ومحمد العلي.

وأتذكر أن الشيخ الفرطوسي وقف أمام السيد محسن الحكيم في وقت أوج المعركة مع الشيوعيين، أعقاب الفتوى الشهيرة التي أطلقها يرحمه الله ”بأن الشيوعية كفر وإلحاد“ فقال الفرطوسي:

بالأمس قد هتف الرفاق لماركس واليوم حزب البعث مجّد عفلقا

وكلاهما كفرا بدين محمد وكلاهما بسما الغواية حلّقا

وهنا رد الحكيم بعد البيت الثاني قائلاً: هذا شعر يسمع من وقوف، فإذا بالفرطوسي يرتجل البيت الثالث مخاطباً الحكيم:

لا تعجبوا قلم الحكيم بكفه سيف على هام الطغاة تسلّقا

لعل هذه أهم العوامل التي ساهمت في بناء وصنع شخصية السيد أبي ياسر الثقافية والأدبية، إضافة إلى عوامل أخرى، كالاهتمام بالقراءة، وتكوين العلاقات مع النخب الثقافية والأدبية، والمشاركة في الفعاليات والأمسيات والندوات، وإلى ما هو شبيه ذلك مما يطول الحديث بذكره.

• نظمه الشعر منذ صغره:

نظم السيد هاشم الشعر وهو في سن الطفولة المبكرة جدا، وكان أول نظم له في رثاء دجاجة في حادثة طريفة ذكرها السيد نفسه فقال «أول مقطوعة شعرية نظمتها وكان عمري 12 عاما في رثاء دجاجة، فقد قمت بتربية الدجاجة، وعرضت عليّ الوالدة مبلغا ماليا لشرائها، فرفضت، حتى ماتت من البرد ولم أكن أعلم، وحينما قلت لأمي برغبتي في بيعها، قالت: ”نحن لا نشتري الأجساد الميتة“ فقلت في الرثاء:

خسرت الربع والدرهم خسرت الربح والمغنم

خسرت البيض غالية فهمت ولم أعد أفهم

خسرت الكف يا ليلى خسرت اليد يا مريم

خسرت الفن والإبداع والإلهام بل أعظم

فيا عزاً به فخر يعيد البؤس مستلهم

أأنسى ذلك المنقار والوجه الذي برعم

أأنسى ذلك الصوت المغني والهوى البلسم

فكيف البرد يصرعها وكيف الموت لا يرحم؟!

وقد أعجب والده السيد عبد الرضا بها، وطلب منه أن يلقيها أمام الحاضرين من الشعراء والأدباء، فألقاها «وتلقّى التّشجيع والثّناء، وهذا الرثاء كان شرارة البداية الأولى لوميض شعلة لا تخبو جذوتها على مدى سنوات وسنوات من الإبداع الشعري»

وفي مرحلة الدراسة الثانوية شارك في عدة مسابقات شعرية، كان نصيبه فيها الفوز وحصد الجوائز، كما أشار أخوه الأكبر الدكتور عدنان إلى ذلك بقوله: «أذكر أن أخي هاشم شارك في مسابقة على مستوى طلاب المدارس الثانوية بالنجف، وكان من الفائزين فيها، وقد شاركت أنا في كتابة القصة، ولذلك نالني شيء من التقدير والتنويه من قبل إدارة المدرسة، التي رأت أن القصة التي كتبتها ذات مستوى أدبي رفيع.

شاهدي من هذه الذكريات أن أقول: إننا نشأنا في بيت يهتم بالأدب، ويعطي قيمة لطلب العلم، وبيئة ترعى هذا التوجه وتحث عليه.

عندما أشير إلى البيئة فهذا معناه أن الحوافز المبدئية، كالمسابقة الأدبية التي كانت تقيمها المدارس الثانوية، شهدت قبولا مجتمعيا لائقا، فقد اهتم بحضورها كبار الأدباء والشعراء، وكان من المحكمين في هذه المسابقة الشاعر المعروف الدكتور السيد مصطفى جمال الدين، وهو شاعر كبير، ولم يمنعه كبر منزلته وارتفاع مقامه الأدبي أن يرعى الفتيان في ذلك الوقت، فنحن عندما نقول طلاب الثانوية نحدد شبابا يافعين في سن 16 أو 17 سنة، والدكتور لا يجد غضاضة في الاهتمام بهم ورعاية أدبهم، إنه يقتطع من وقته الثمين لكي يحكم وينقد ويوجه ويشارك في عملية التكريم.

هذا ما قصدته من وجود بيئة تساهم في الارتقاء الثقافي، والاهتمام بهذا النوع من الهوايات، وتلك النزعات المبكرة لرعاية الإبداعات»

ولعل من أبرز مشاركاته في هذه المسابقات مشاركته بقصيدته عن فلسطين، التي كانت - بحسب تعبيره نفسه -: «تحاكي الأحلام العربية» ومن قوله فيها:

لا تهزي قرائح الشعراء والمسي الجرح باليد الحمراء

واسكبي في دمي اللهيب وصبّي في حناياي صاعقات الفناء

وهي قصيدة تكشف عن وعيه المبكر، وحمله لهموم أمته وقضاياها الكبرى، وتوظيف شعره في خدمتها منذ أن كان في مقتبل عمره.

• سمات شعره وأغراضه:

يتسم شعر السيد أبي ياسر بجزالة اللفظ، وسمو المعنى، ودقة وجمال التصوير، بعيدا عن الإسفاف والتكلف، ولعل هذا ما جعله يصفه بالسهل الممتنع.

وهو شاعر ولائي، أكثر شعره في المناسبات الدينية، ومدح النبي والعترة العلوية، وكأنه أراد بذلك التعبير عن التزامه الديني، وتمسكه بحبل الله المتين، وصراطه المستقيم، وولائه الصادق للنبي الأعظم وآله الأكرمين، ودعوته إلى التزام نهجهم، نهج الخير والفضيلة، والعزة والكرامة.

وإضافة إلى شعره الديني والولائي الكثير، نجد لديه قصائد الإخوانيات والوجدانيات التي جعلته من شعراء الإنسانية بكل ما للإنسانية من معنى، كما أنه شاعر رسالي، وظّف كلمته الأدبية، وقصائده الشعرية في خدمة الأمة الإسلامية، وقضاياها الكبرى والمصيرية.

وكما يقول الشاعر الجميل والأديب الرائع الأستاذ جاسم المشرف في كلمته الانطباعية، أو دراسته النقدية «الشاعر هشام الشخص ورسالة الأدب» المنشورة في ص15-20 من كتاب «والجود ساحله» الذي أصدره «ملتقى ابن المقرب الأدبي» بمناسبة احتفائه بالسيد الشخص، وتكريمه وتقديره للحركة الأدبية بصورة عامة، ودعمه للملتقى بصورة خاصة: «... لا يكفي أن تجيد صياغة العبارة الشعرية، والصورة والتركيب، لا يكفي الوعي بالنغم والقدرة على تطويعه ما لم تكن لدى صاحبها رؤية ورسالة لا تنفك عنه، ولا يحيد عنها.

الشاعر هاشم الشخص واحد من الشعراء القلائل الذين سكنتهم روح الأنبياء، ورسالة السماء، فهو الشاعر الذي تشعله الغيرة على الإنسانية المنكوبة في أكثر من صعيد وآخر، يوجعه واقع الأمة التي تداعت عليها الأمم وما زالت في فرقة وشتات، ويؤلمه ذلك الظلم الطاغي، والتنكر لكتاب الله وترجمانه.

هذا الوجع نجده طافحا في شعره، يزأر كالأسد الهصور، ليحرك تلك الضمائر التي ألفت الذل والهوان فخمدت وماتت وخوت عزيمتها.

في نبرة صوته، وفي وهج حرفه شعوران متوازيان: وجع ورفض، استنكار وعزّة، وعيّ وعزيمة»

• من أنشطته الأدبية:

للسيد هاشم الشخص نشاط أدبي فاعل ومؤثر لا يمكننا الحديث عنه تفصيلا، وإنما نشير إلى بعضه على نحو الإجمال، فمن ذلك ما يلي:

  أولا - تأسيسه لبعض الأندية الأدبية وعضويته في بعضها الآخر:

بعد عودته برفقة والده من العراق إلى وطنه الأصل، والتحاقه بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، أسس - برفقة بعض الأدباء - «جماعة شعر» بهدف الاهتمام بالجانب الثقافي والأدبي، كما أشار هو إلى ذلك بقوله: «حينما عدت إلى البلاد التحقت بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، وكان من زملائي الشاعر علي الدميني، وأسسنا جماعة شعر، وكان معنا الدكتور عدنان الشخص، وهدفنا هو الاهتمام بالحركة الثقافية والشعرية بالتحديد، وقد دعونا شاعرنا الكبير محمد العلي للافتتاح، ومن خلال هذه الجماعة نشأت علاقة حميمة بين الشاعرين المبدعين علي الدميني ومحمد العلي، وكان يحضر معنا علي با فقيه من جدة، وغيرهم، وما إن أنهيت الدراسة الجامعية في تخصص الهندسة المدنية توجهت إلى العمل بالمقاولات، دون أن أتخلى عن هوايتي في الشعر والأدب»

كما أنه عضو في «منتدى الكوثر الأدبي بالقطيف» الذي تأسس عام 1426 هـ ، وله حضوره القوي في المشهد الأدبي من خلال أنشطته الأدبية المتنوعة، التي ربما أبرزها «مسابقة رئة الوحي الدولية» التي يقيمها المنتدى على مستوى الوطن العربي كل سنتين.

وأيضا هو من أبرز أعضاء «ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام» الذي تأسس بتاريخ 15 شعبان 1430 هـ ، ويُعد اليوم من أهم وأكبر الملتقيات الأدبية على مستوى المملكة إن لم نقل على مستوى الدول الخليجية، وربما العربية، لما يقدمه من برامج وأنشطة أدبية جدا كبيرة.

وفي جوابه لسؤال الأستاذة ربى حسين عن المحطّة الألمع في مسيرته الشعريّة الحافلة بالإنجازات؟ أشاد السيد الشخص بهذا الملتقى بقوله في إجابته: «لا شكّ أن البدايات جميلة، والعراق محطّة غذّتني بالشّعر الجميل، ولكن الآن لدي محطة جميلة، فقد أنشأنا ملتقى أدبيًّا باسم ”ملتقى ابن المقرّب“ أحد شعراء الأحساء الكبار، والمنتسبون إليه ينشدون في حاضرة الدّمام الحالية، ونخوض في شتى أنواع الشعر العربي، ونحن ندعى إلى مهرجانات ثقافية داخل البلاد، وشاركنا مع النادي الأدبي، أمّا خارجيًّا فقد شاركنا في مهرجانات في الكويت ومصر، ونأمل أن تفتح لنا جميع أبواب العالم العربي لنكون مؤثرين ومتأثرين نحمل آماله وأحلامه، وكما أنّنا عقدنا مسابقات شعرية في أمير المؤمنين في السّت سنوات الماضية، وجمعنا هذا الشّعر في كتاب ”فراشة على كتف الغدير“ من ثلاثة أجزاء قاربت الألف صفحة من الشّعر في مديح الإمام علي بأسلوب راقٍ جدًّا»

  ثانيا - إحياء الأمسيات الأدبية:

أحيى السيد الشخص العديد من الأمسيات الأدبية، ومن ذلك أمسيته الأدبية برفقة الأديب الشاعر الأستاذ فريد النمر، والتي أقامها ملتقى ابن المقرب الأدبي في «مجلس الشواف» مساء يوم الخميس 23 ذي الحجة 1438 هـ  14 سبتمبر 2017م، بإدارة الشاعر الأستاذ زكي السالم، وقد افتتحت بقصائد السيد الشخص، التي تنوعت ما بين الدينية والإخوانية والوجدانية، وختمها بقصيدته في رثاء والدته.

وكذلك أمسية «واعتصموا» أيضا برفقة الشاعر الأستاذ فريد النمر، والتي أقامتها «اللجنة الشبابية الاجتماعية بالعوامية» في «حسينية وحوزة البتول» مساء يوم الأربعاء 10 رمضان 1437 هـ ، وإلى غير ذلك من الأمسيات التي كان فيها نجما متألفا.

 ثالثا - المشاركة في الاحتفالات والمهرجانات الدينية:

شارك السيد الشخص في الكثير من الاحتفالات والمهرجانات الدينية، ومن ذلك مشاركته في «المهرجان الشّعري الحسيني» الّذي أقامه السّيد محمد بحر العلوم بمناسبة ولادة الإمام الحسين في النجف الأشرف، وشارك أبو ياسر فيه بقصيدته التي يقول في مطلعها:

عراق أنت في ثغري نشيدُ ومجدك أوحد وتر فريدُ

ومن ذكراك أجلو ألف لحن أغنيه فيسكرني القصيدُ

عراق الروح يا وطني المفدى ويا نجفا به تثوي الجدودُ

وكذا مشاركاته المتكررة في «برنامج التكليف الشرعي» الذي يقيمه «مركز الهدى للتعليم والتنمية البشرية بالقديح» ومن ذلك مشاركته في البرنامج الذي أقيم للمرة الثامنة، حيث احتفى هذا المركز بتخريج «90» مكلفاً في حفل بهيج أقيم في «قاعة المملكة الذهبية بحلة محيش» مساء يوم الثلاثاء 7 جمادى الآخرة 1440 هـ  وكانت مشاركته بعنوان «عيد الشبيبة» ومطلعها:

عيد بأنوار الشبيبة مسفر وصداه من صخب البشائر أكبر

مرحى وينتفض السنا متبختراً وإزاءه خطو العلى يتبختر

 رابعا - تقديمه للعديد من الإصدارات الأدبية:

قدم السيد أبو ياسر لعدة إصدارات أدبية بطلب من أصحابها خشية التطفل والإحراج، وهو ما أشار إليه السيد نفسه بقوله: «خلقت شاعرا، ولكن لدي اهتمام بالنثر إذا طلب مني ذلك، فبعض الأصدقاء يطلبون منّي تقديما لبعض إصداراتهم فأستجيب لذلك»

ومن الإصدارات التي قدم لها: الجزء الثاني من كتاب «روائع الحفل الفاطمي» إعداد الأديب الملا محمد صالح المطر، بإشراف السيد عبد المجيد الموسوي، والصادر عن «مركز تبارك الثقافي» 1440 هـ  2019م، وديوان «أعمال شعرية» للشاعر العملاق الأستاذ جاسم الصحيح، والذي يجمع الدواوين الثلاثة «كاتب الوحي الأخير، وألنا له القصيد، وأعشاش الملائكة» وقد صدر عن «مركز تبارك» سنة 1439 هـ  2018م، وفي هذه التقديم المطرز ببلاغة الكلام، وجودة السبك، وجمال الأسلوب، أشاد السيد الشخص بالشاعر الكبير «جاسم» وأعماله إشادة كبيرة، تليق به كما يليق بها، ويستحقها كما تستحقه.

  خامسا - تكريم الشخصيات العلمية والثقافية:

قام السيد الشخص بتكريم شخصيات علمية «دينية وأكاديمية» كثيرة، وهي تكريمات كبيرة في كل شيء، ومن ذلك تكريمه - باسم مركز نبأ - للعلامة السيد منير الخباز تقديرا لجهوده العلمية والمنبرية، وذلك في مجلس الرضا مساء يوم الخميس 11 شوال 1434 هـ  26 يونيو 2013م، والعلامة السيد هاشم بن السيد محمد الشخص، تقديرا لجهوده الكبيرة التي بذلها في ترجمة أعلام المنطقة في موسوعته الكبيرة «أعلام هجر» أيضا في مجلس الرضا مساء يوم الأربعاء 26 جمادى الأولى 1433 هـ  18 أبريل 2012م، وتكريمه للدكتور السيد محمد رضا بن السيد عبد الله الشخص، في حفل بهيج أقامه شعراء خيمة المتنبي «جاسم الصحيح، وجاسم عساكر، وناجي حرابة، والسيد عبد المجيد الموسوي، والسيد إبراهيم الحاجي، وحسن الربيح، وإبراهيم بو شفيع» مساء يوم الجمعة 27 جمادى الآخرة 1441 هـ  21 فبراير 2020م، برعاية السيد هاشم الشخص، وذلك لتدشين ست إصدارات للسيد الدكتور محمد رضا، هي: «مفهوم الغرابة ومصطلح الاستعانة، وأبحاث نقدية وبلاغية وأدبية، وتوظيف المحسنات البديعة في الشعر، والحركة الثقافية والفكرية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، ومن بلاغة القرآن الكريم: الدقة في التوظيف الدلالي للألفاظ، وبلاغة أسلوب الحذف في القرآن الكريم» وتكريمه «38» فنانا لمشاركتهم في معرض «ومضات إسلامية» ب «42» صورة فوتوغرافية بمقر المعرض، وذلك مساء يوم الثلاثاء 18 رمضان 1435 هـ  15 يوليو 2014م، ومشاركته أهالي الأحساء والقطيف وسيهات في تكريم الخطيب الحسيني الكبير الملا أحمد بن خميس، يوم الجمعة 2 جمادى الآخرة 1436 هـ  11 مارس 2016م.

 سادسا - شراء نسخ كثيرة من الإصدارات:

ومن دعمه للكتّاب والباحثين والشعراء والأدباء أنه يشتري مجموعة كبيرة من بعض إصداراتهم ويقدمها هدايا للمهتمين، ومن ذلك أنه قام بشراء «150» نسخة من كتاب «معجم شعراء الينابيع الهجرية» لمؤلفه مؤسس منتدى الينابيع، الشاعر الكبير الأستاذ ناجي داود الحرز، وعلى المستوى الشخصي فمن دعمه لي أنه يشتري «100» نسخة من كل إصدار جديد لي، وما قام بشرائه من إصداراتي إلى اليوم قد يزيد عن الأربعة، وقد طلبت منه الكف عن هذا الشراء المتكرر، فرفض ذلك بشدة، مؤكدا لي أنني بذلك أقدم له خدمة كبيرة ينفع بها المهتمين، وينتفع هو بها ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

 سابعا - تكفله بطباعة نتاج الآخرين:

وهذا حدث عنه ولا حرج، فأكثر مطبوعات «مركز نبأ» ثم «مركز تبارك» ومطبوعات «ملتقى ابن المقرب» كلها بتكفله وعلى نفقته الخاصة، وهذا عدى ما يتم طباعته عن طريقه مباشرة بعيدا عن هذه المراكز والملتقيات، وبعض الذين طبع لهم ذكروا ذلك في مؤلفاتهم، معبرين به عن فائق شكرهم وتقديرهم، كما هو الحال بالنسبة لأخي العزيز الشاعر الأستاذ جاسم عساكر في ختام ديوانه الأخير «أغنية لهذا المأتم» ص163 تحت عنوان «شكر خاص» حيث كتب يقول: «بطاقة شكر وعرفان محبّرة بدماء القلب أقدمها إلى راعي الأدب بإحساسه المفعم، وشاعريته المحلقة دائما، جناب السيد الفاضل هاشم الشخص على تبنيه طباعة هذا الديوان» والملا محمد صالح المطر في ص19 من الجزء الثاني من كتاب روائع الحفل الفاطمي، حيث قال: «لقد تكرم الرجل الوجيه، الشاعر الكبير، والأديب القدير، السيد الأستاذ هاشم الشخص بطباعة الجزء الثاني من الحفل الفاطمي، ضمن ما يقدمه من الدعم الولائي في الخيرات والمبرات، خصوصا في نشر فضائل أهل البيت ومسيرتهم ، وإحياءً لفكرهم وأمرهم وذكرهم، وذلك من خلال مخزون حبه العميق لهم، فله منا جزيل الشكر والثناء والامتنان، ومن الله وأهل البيت الأجر والثواب، ونسأل الله له التوفيق في المزيد إنه سميع مجيب»

كما أنه يعمل الآن على جمع نتاج عمه الخطيب الشهير السيد محمد حسن الشخص، بقصد تنقيحه وتحقيقه ليعمل بعدها على طبعه، وهو نتاج كثير وتكلفته المادية ستكون كبيرة جدا من غير شك.

وإكمالا لهذا المشروع الكبير كان لي شرف تأليف كتابي «السيد محمد حسن الشخص: تاريخ مشرق وحياة حافلة» بتكليف منه، وقد استجبت لهذا الطلب بكل فرح وسرور، واعتبرته تشريفا وليس تكليفا، على أمل أن أرد من خلاله بعض فضائله الكثيرة عليّ وعلى سائر المثقفين والأدباء والشعراء، إلا أنه أصر على تكريمي بهدية مالية كبيرة قبلتها تحت إلحاحه وإصراره، إضافة إلى هدية مالية أخرى من ابن الخطيب السيد محمد حسن «محمد علي الشخص - المحامي» بعد أن أخبره الدكتور السيد محمد عبد الله الشخص عن تأليفي لهذا الكتاب عن والده، حتى أحرجوني بكرم أخلاقهم، وبحر جودهم وسخائهم، لكنهم من أهل بيت الجود طبعهم، والكرم أصلهم.

• لماذا كل هذا الدعم؟:

الحديث عن دعم السيد الشخص للحراك الأدبي لا يكاد ينتهي، فهو فعلا «شاعر الولاء وبحر العطاء» ولا أظن أن هناك من يجاريه في ذلك كله.

والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي دعاه ويدعوه إلى كل هذا البذل في دعم هذا المثقف، ومساعدة ذاك الأديب، وطبع هذا الديوان، وتكريم تلك الشخصية؟!

دعونا نسمع جواب ذلك منه، فحين سأله نصر الله والعيد عمّا يتطلع إليه من خلال هذا الدعم أجابهما: «أنا أدرك أهمية الكلمة كرسالة، واحتضاني وتشجيعي لبعض الأدباء والشعراء جاء من حبي لهذه المنطقة ولأهلها، وتكريمي لأي شاعر هو تكريم لهذا المجتمع، وبالتالي هو تكريمي لنفسي، حيث أن الإنسان يرتقي من خلال أهله ومجتمعه، فالشعر الصادر من هذه المنطقة - بفضل الله ثم بفضل هذه الجهود التي تبذل هنا وهناك - صار شعرنا موجودا في العراق ولبنان وسوريا والمغرب العربي، وكافة أقطار الخليج، ومصر، فالكثير من الشعراء هناك يريدون الاطلاع على شعرنا، ويبدون إعجابا منقطع النظير.

أنا أريد أن أقول كلمة شكر لرجل الأدب والشعر والفكر بأني أقدر وأحترم فيك هذه الموهبة، وأثمن فيك هذا الجهد...»

والمثقفون والأدباء والشعراء بدورهم يقدرون لك هذا الدعم يا أبا ياسر، ويسجلون لك هذه المواقف الرائعة بكل إجلال وإكبار، ويسألون الله العلي القدير أن يجعلها في موازين أعمالك، وأن ينفعك به في الدنيا والآخرة.

ومما أغبط نفسي عليه أن سنحت لي فرصة لتكريم متواضع للسيد أبي ياسر باسمي واسم المثقفين والكتّاب، تقديرا منا لدعمه للحراك الثقافي والأدبي، وذلك على هامش «حفل عيد الغدير» عام 1440 هـ  أو 1441 هـ  في «حسينية الإمام علي بالجفر» حين شرفنا وأسعدنا بمشاركته الأدبية الرائعة في أمير المؤمنين ، كما كان لي شرف تكريمه باسم «إدارة مهرجان الزواج الجماعي بالجفر» مساء يوم الأربعاء 28 ذو القعدة 1440 هـ  31 يوليو 2019م في منزل الوجيه حسن النمر بالدمام، أثناء تكريم الداعمين للمهرجان










 

 Z