آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

زوايا أسرية 13

محمد الخياط *

صدمة كبرى بين البداية والنهاية

ذاكرة الأيام ورحلة العبور،،

رغم قساوة العيش ومحدودية مستواه الدراسي ومدخوله المالي ووظيفته المتواضعة كان يحدثها قبل أيام عن شغفه وآماله وتطلعاته التي يأمل تحقيقها في حياتهما المستقبلية ورغبته باستئناف دراسته في الفترة المسائية ويطرح التساؤل على زوجته، هل غيابي لفترة طويلة في الوظيفة والدارسة سيكون له تأثير على علاقتنا الزوجية وعلى الأبناء وعلى وضعنا المالي؟

كانت الاجابة صادمة له وهي لا تعلم ما تخفيه الأقدار والأيام لها، مسترسلة بين تساؤل واجابة واستفهام وابتسامة تعلوا محياها وهي تحاوره وكأنها تقول له توكل على الله واعلم أن هناك أشخاص لم تتح لهم الحياة نعمة العقل والصحة والعيش بسلام لفقد منصبهم أو خسارة أموالهم أو حرمانهم من الحب والثقة المتبادلة والاحترام والتقدير أو إنجاب الأطفال والأمان والاستقرار النفسي وهناك أناس كان المال بين أيديهم وفي البنوك لكنهم لم يتمكنون من جلب السعادة لأنفسهم لوجود مرض نفسي أو عضوي جسدي وأن صرفوا جميع ما يملكون كما أنك تعلم هناك من ينجب الأبناء وهم يتبرؤون منهم وهناك من يحرمون ويتمنون فلا يحصل لهم ذلك لحكمة ربانية لا يعلمها إلا هو لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ «الطلاق: 2-3.» فنحمدك ونشكرك على ما نحن فيه يا رب.

بمرور أيام قلائل على ذلك الحوار حدث مالم يكن في الحسبان والأقدار تسير خلاف لتلك الأماني والآمال التي كانا يحلمان بتحقيقها معا في هذه الحياة الزائلة التي يتقلب فيها الانسان ويمر بمراحل متعددة من أفراح وأحزان ومحن مختلفة لكن حدث أمرٌ جلل ومصيبة كبرى أحاطت بها وأصبحت في حالة من الضياع النفسي والتيه، والتفاصيل مرعبة لها،،

ذاكرة الأيام

لاتزال في مقتبل العمر عاشت مستورة الحال في ظل زوج محب وحياة زوجية تكتنفها السعادة وتعبر عن زوجها بالوطن والحصن والحضن الدافئ لها وأن مرت أيام في حياتهما لم يتوفر لهما في كثير من الاحيان المال الذي يسد حاجتهما الأساسية وحاجة أبنائهما الثلاثة بعد إن اجتاح العالم فيروس «كفيد 19 كرونه» مما أثر على مدخولهما المالي حيث أُحيل الزوج من قبل الشركة الأهلية التي يعمل فيها إلى برنامج ساند فزادة ضائقتهم المالية مما أثقل كاهلهما الدين والإيجار وأقساط السيارة وأصبحت حالتهما حرجة فيجافيهما النوم وتحيط بهما الهواجس والإحباطات وتنخفض عندهما الروح المعنوية والخوف من مجابهة المستقبل، ماذا سيحل بهما وهي غير مكملة تعليمها وليس عندها من يحتوي أطفالها حتى تضيف دخلاً إلى دخل زوجها؟

لفتني صبرها لله درها من امرأة وحلمها ونضج فكرها على حداثة سنها وحلمها وروحها المتحفزة والمثابرة في السعي الدائم لمساندة زوجها دون تدمر، هذا النموذج الفريد من امرأة لم تتجاوز العقد الثالث من عمرها.

نزل الحق

﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَالأعراف 34

صبرها لمْ يدم طويلاً فحدث أمرٌ بعد إن كان خارجاً لقضاء بعض المستلزمات المنزلية، أثكلها بالعزيز والمحب لم يكن حلماً ولا كابوساً هو الأمر المحتوم والحقيقة المطلقة، وصلها الخبر فضاق بها الكون الفسيح وكأنها هوت من مكان مرتفع تخنقها العبرة تدخلها في ظلام تفقد امكانية الصراخ للحظة، لم تستوعب الخبر فتهوي ممددةً في إحدى زوايا الصالة على الأريكة تتنفس بصعوبة دون احساس تصرخ غيبه الموت سريعاً وأدمى قلبي وأصبحت وحدي خذوني إليه لعله يسمعني ويحدثني ويوصيني ويسامحني آه..آه.. من سيربي أطفاله وأنا وحيدة في هذه الحياة.. أي جلل أصابني! أنا مؤمنة بك يا رب لكني ضعيفة امرأة ليس لي أحد أتكئ عليه وأبث شكواي وهمي ليس كفراً بك يا رب لكني مخنوقة العبرة في صدري، ربي دلني على الطريق وارحمني أنا امرأةٌ مفجوعة بزوجها وظلها وسندها وأبٌ لأبنائها الثلاثة، فأنى لي الصبر إلا من عندك؟ فارحمني يا رب فأنت تعلم ما أنا فيه من هول وشدة الفاجعة مع علمي إنه الحق وإن هذه رحلة الحياة بين مولود ومفقود.

صدمة كبرى

الموت هو الحق المطلق الذي لم تختلف عليه البشرية منذُ نشأتها الأولى مع اختلاف أجناسها وقيمها ومعتقداتها إلا أن شدة تأثيره على الاشخاص تختلف باختلاف القرب والبعد.

1/ مقدار قرب المفقود من الفاقد فكثير ما نحزن ونتأثر ونبكي على من هو ليس من ذات النسب وليس من ذات العرق والمعتقد أو البلد لا لشيء سوى أنه قريب لحسن العشرة من خلال العمل أو الدراسة، وهناك تأثير عام لحدث مجتمعي انساني تتأثر به وتتفاعل وتتعاطف معه بالحزن والبكاء وأحيانا بدفع المال.

2/ أن يكون المفقود من ذات المعتقد والدين والعلم والجاه أو النسب أو يكون من أهل الايمان والعطاء والعمل الصالح.

3/ الأكثر تأثيراً على الفاقد حين يكون من الرحم ومن الدرجة الأولى كفقد الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت وفي ذات الدائرة يدخل فقد الزوجة أو الزوج، ففقد أحدهما يصيب الكثير بالصدمة التي تحتاج استيعاب آلية التعامل مع الفاقد وكثير من الأحيان نتصرف بطريقة عفوية ونتناسى الجانب الإنساني الفطري والطبيعي ونطلب من الآخر عدم الحزن أو البكاء دون علم إن هذا الأمر سيكون له أثر كبير على نفسية الشخص مستقبلاً خصوصاً إن كان المفقود له من المكانة الكبيرة وفي مقتبل العمر ولم يكن يعاني من أمراض ما نطلق عليه موت الفجأة وهو من الصدمات الكبيرة خصوصاً على المرأة «الزوجة» لِمَ تمر به من معاناة وويلات يجعلها تدور في خلجاتها عشرات التساؤلات يسبقها الإحساس بفقد الأمان والاستقرار المصحوب بالمشاعر النفسية والاجتماعية والخوف من المستقبل لاسيما وإن كانت أم لأبناء فيكون العبء ثقيلاً في الشأن التربوي للقيام بدور الأب والأم معا في ظل ظروف وحياة متسارعة والصراع على توفير سبل المعيشة.

معضلة الفراق والحزن

يواجه الأشخاص الفاقدين دائماً أوقات عصيبة لهول الفاجعة مما يجعل البعض ينتابهم شعور وقتي يتمنون الموت لشدة الحزن والألم والعذاب ومرارة الفراق مع علمهم أن حياتهم عبارة عن أحداث بعضها من صنعهم، وبعضها لا يملكون لها من الأمر شيئا كالموت لقولة تعالى ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ «2» الملك

ومن يتساءل لماذا حدث لي أنا ذلك؟ فهو يعيش خارج الواقع فالحياة بين مولود وفاقد ومفقود، ومن دلائل الحياة السعادة والحزن وتعاقب الليل والنهار والخروج من الظلمة إلى النور فمسيرة الحياة تستمر وكل ما فيها معلق بقدرة الباري وإرادة الإنسان في تحقيق ذاته المتجذرة بين الأمل والرجاء والحزن والشقاء.

هنا لابد أن نشير وراء كل سلوك بشري دوافع وتصرفات خصوصاً عند ما تكون هناك مواجهة حادة لحدث كبير كالموت والحزن المصاحب له بشدة والاكتئاب والبكاء والشعور بالوحدة والخوف والقلق والإحباط وهم مركز الظلمة ومصدر التعاسة على نفسية الانسان وضياع مقدرته على التوازن وفقده للحس السليم في مواجهة صعوبات الحياة ووضع حدود ورسم بياني لإعادة الانطلاق من جديد وإن كان الأمر لا يخلو من تحديات لمن يراها خيالية وهناك من ينظر لها بتجاهل دون مراعات لما يختلج في نفوس الفاقدين من حزن وأسى بعيداً عن الجدل وتوجيه أصابع الاتهام بالتعبير عن المصلحة الشخصية ولتجاوز هذه المرحلة نحتاج العبور من:

مرحلة التيه:

عندما يكون الشخص في حالة صدمة تتشكل عنده ردة فعل أساسية على الوضع الذي حدث وهو في أمس الحاجة لتحديد مسارات مختلفة الاعادة التفكير في هذه المرحلة وإن كان هناك تباين وعدم اتزان في المشاعر والمعطيات لفقد التركيز وعدم القدرة على كبح المشاعر واستحضار الصور القاسية نوجزها في الأبعاد التالية..

البعد الاول: رفض الحقيقة

لاشك إن الرافض لحقيقة الحدث «كصدمة الموت» هو يعيش حالة من الإنكار ويسعى للهروب من صعوبة الموقف كما يسعى بكل الوسائل لحظة سماع الواقعة أن لا يواجه الحقائق والعواقب المحتملة الحدوث، هو في الحقيقة يبحث في عقله اللاوعي عن استيعاب الحدث والتأقلم معه وهذا ما يطلق عليه بالإنكار قصير الأجل للهروب من ألآلام والضعف الشخصي لفترة ثم يكون استيعاب الموقف الذي يشكل ردود أفعال أساسية للحدث يكون الشخص استوعب أبعاد الصدمة وهو في أمس الحاجة إلى مواجهة الحدث بعد أن تم توفير جميع المعلومات التي يحتاجها، كما يجب الانتباه والتركيز على قيمة التواصل الايجابي الفعال مع بعض الأشخاص والمحيطين به على أن يكون تواصلهم مع المفجوع بطرق تغدية نفسية بشكل دفعات في رفع المعنويات واستيعاب ما هو فيه.

البعد الثاني: ممارسة الاستنكار

الاستنكار هو بلا شك أمرٌ غير صحي على نفسية الانسان فيما نحن بصدده إلا أن هناك رأياً آخر يقول مطلوب أن نتعايش مع من هو مفجوع وحزين بإعطائه فرصة وإن كانت قصيرة لممارسة الاستنكار والتعبير بالصراخ وتكذيب الخبر حتى يتمكن من امتصاص هول المصيبة والفاجعة والصدمة الباعثة على الخوف والاحباط والقلق وقد تكون سرعة نقل الخبر وعدم القدرة على الاستيعاب صادمة وتؤدي بالبعض للانهيار النفسي ويكون الوضع سيئاً على الجميع.

البعد الثالث: الغضب

يتصرف بعض الاشخاص بطريقة يشعرون فيها بالغضب مما يجعلهم يتشددون فيقاومون التغير بمزيد من الحداد والانغلاق العاطفي والشعور بالغربة وممارسة البكاء والصراخ والهلع، وقد يشعر البعض بالخوف من عواقب التعبير عن مشاعرهم فيرددون عبارات بطريقة مأساوية كقولهم.. أنا سأفقد الحياة بعد فقد الحبيب وسوف أُجن ولن أتمكن من تحمل العيش أشعر بالغربة والغثيان والآلام تجعلني أفقد مقدرتي على النوم والعيش بسلام.

البعد الرابع: الارتباك

حين تفقد الزوجة زوجها تحيط بها سلسلة من الأعراف المجتمعية تجعلها محدودة الحركة وإن كانت تعيش في بيئة تقيد المرأة وتحد من ممارسة مسؤوليتها، هذا الابتلاء يزيدها ألماً وخوفاً من المستقبل مما يدخلها حالة ارتباك واكتئاب ضعيفة إلى متوسطة، ومع مرور الوقت إن لم تتجاوزها يتحول هذا القلق وعدم الاستقرار إلى آلام جسدية نفسية وتزداد حدة الاكتئاب والاضطراب المزاجي نتيجة الشعور المستمر بالحزن الذي يحتاج إلى علاج نفسي سلوكي .

البعد الخامس: الانكار المستمر

من مظاهر الإنكار المستمر:

• عدم القدرة على النوم

• انخفاض الروح المعنوية

• ضعف الثقة بالنفس

• الاكتئاب

• الغضب

• الانعزال

• الاحباط

• التوتر

إن استمرار المفجوع في حالة انكار الواقع والحزن والأسى والغضب وتهكم المشاعر وعدم قبوله الحدث مع مرور الوقت قد يصاب بما يعرف بالحزن المعقد أو ما يسمى باضطراب الفقد وهو حالة الاستمرار في الحزن وعدم قبول الحقيقة، لذلك من الضروري جداً يسعى المحيطين به إلى استشارة المختص النفسي أو الطبيب النفسي مع الدعم الدائم بالحوار والتواصل الايجابي من قبل العائلة والمحيطين.

مرحلة: الصمت والخوف

لمْ تفق من حزنها وصدمتها المفجعة، جاء طلب العائلة بصيغة الأمر دون نقاش وبعيدا أ ن يكون لها حرية الاختيار، وعليها العودة إلى بيت العائلة وترك شقتها لتعيش في غرفة مع أبنائها الثلاثة يكبرون دون حراك بلا حريه، يعيشون طفولتهم التي تتمنى أن تربيهم كما كان المرحوم يخطط لذلك.

هي الأعراف والتقاليد عند البعض التي ترفض أن تكون المرأة «الأرملة أو المطلقة» تسكن في بيت مع أطفالها الصغار، علماً من تصدى لها في الإصرار على إرجاعها إلى بيت العائلة هو من تم تعينه بالوصي والولي الشرعي على الابناء وتُكرر طلبها له في محاولة حصول أبنائها على الدعم من الجهات المانحة كالضمان الاجتماعي وكفالة الأيتام والجمعيات دون جدوى لعذر أقبح من ذنب.. ليس عنده وقت ولا يفهم في الاجراءات..و لن يقبل على نفسة الاستجداء، زادها ذلك وأثقل نفسيتها وصدمها عدم مساندة ومساعدة أعمام أبنائها بدعمهم المالي علماً أن وضع بعضهم الوظيفي والمادي مستقر وميسور الحال.

قد تجبرها بعض المواقف لبرهة من الزمن على الصمت للخوف من المجهول أو نقص في حرية الاختيار فيتجرأ الآخر بإجبارها على مواقف يعتقد أنها ستطول وهو لا يعلم حين يكثر الصمت تكون الهيبة ولن يطول هذا الصمت عن الحق.

مرحلة: القرار

ستقود سفينة مستقبلها العائلي بنفسها وعدم الاتكالية على الآخر مع وجود الكثير من القلق لعدم خبرتها وتنشئتها الحياتية إلا أنها ستحمل مسؤولية الاب والام في وقت واحد مع صعوبة الحياة المادية والسلوكية فممارسة الحوار مع العائلة وأعمام الأبناء بالعقل والحكمة والواقع والعطف وقوة الارادة والعفة والشرف كلمات مشحونة بالانفعالات والعبارات ذات الطابع والمدلول الايجابي والسلبي والتحدي في ذات الوقت.

هي كلمات قصيرة متداخلة مع البكاء وبحة الصوت والحزن، تفهم منها جزء ويغيب عنك الكثير من المفردات لنبرة الاستياء ونبرة التحدي والقوة وتصلك إلى نتيجة بقرارها، إنها ستحمل أثقالها بنفسها وتشق طريقها مع ما فيه من عثرات..

أولا: أخبرت العائلة أنها ستبقى في مكانها «شقتها» مع أبنائها لضمان تنشئتهم بتربية بعيداً عن الشعور باليتم والاحسان من أحد، لبناء طفولة سوية متوازنة وصولاً بهم لساحل الأمان النفسي والسلوكي والتربوي والأخلاقي.

ثانيا: استخرجت كل الوثائق التي تحتاجها وأنهت اجراءات طلب الدعم من الضمان الاجتماعي وكافل اليتيم والدعم القليل من التأمينات الاجتماعية لفقد زوجها.

مرحلة العبور

منذُ بدء الخليقة لم تختلف البشرية إن كل مولود على وجه هذه البسيطة سيموت وإن اختلفت المعتقدات والأسباب إلا إننا نتفق أن الفقد يبدأ كبيراً في النفوس ويصغر مع الأيام لطبيعة الحياة ومشاغلها وهمومها والمسؤوليات الحياتية وعوامل النسيان في مرحلة العبور ضرورة لتستمر الحياة وهناك مستويات ممن يتمكنون تجاوز الحالة النفسية وسرعتها، وهناك من تطول بهم الفترة الزمنية على قدرة استيعاب ما حدث وعودتهم للحياة الطبيعية، وتختلف حدة ذلك من شخص لآخر فهناك من يستمر الأسى والحزن والصدمة إلى أكثر من سنه وذلك نتاج دائرة المحيطين بهم وظروف بيئتهم، إلا أننا لا نخفي حجم الأثر عند فقد أحد الزوجين وهي تجربة مريرة للجميع، تصل حدتها على البعض بالمدمرة مالم يتصالح مع نفسه والواقع وبدعم المحيطين في بدل قصارى جهدهم في المواساة والمؤازرة وتحمل الواجب الانساني قبل أن يكون واجباً دينياً واخلاقياً، فالأحياء الدين يودعون أحباباً لهم يستوحشون ويتألمون ويحزنون ويجزعون وأن السواد الأعظم من الناس يتقبلون الحدث مع مرور الأيام ونعمة النسيان إلا أن حالة القلق المرتفعة حيال الخوف من المجهول تبقى شاخصة أمام البعض لمستقبلهم الاجتماعي والاقتصادي والشعور بالغربة النفسية والاجتماعية عند البعض ممن يعيشون في وسط اجتماعي متشدد ومفكك فلا تواصل ولا تراحم، وعلى الأرجح في مثل هذه الحالة يكون واقع الحدث أكبر تأثيراً على المرأة لانخفاض مستوى الاهتمام من قبل المحيطين.

بداية النهاية

بدعم ايجابي من قبل المستشارة الأسرية النفسية استطاعة تفكيك كثيراً من خطوط خارطة الطريق المجهول وتكوين رؤية ومسارات بشكل متسارع بعض الشي نحو بناء الحياة المستقبلية عبر..

1/ استيعاب وضعها الاجتماعي بعد فقد الزوج وتعزيز الثقة بالنفس وتنمية المهارات المعرفية وتحقيق الرغبة والشعور الملح بالتغيير

2/ معرفة قدراتها وتحديد الأولويات وإزالة جميع عقبات النجاح والاهتمام بنفسها وتربية الأبناء ومواصلة الدراسة بالانتساب في الجامعة

3/ وضع خطة زمنية متماشية مع الجدول المعد لدراسة جميع الفرص المتاحة ووضع آلية للوصول من تشكيل علاقات اجتماعية وروابط أسرية للدعم والمساندة في تربية الأبناء

4/ معالجة هموم ومخاوف الأبناء بالدعم المتواصل والحب والتربية السليمة وتوفير الاحتياجات الأساسية.

لقد أوجزت اليزبيث كلوروس الحزن عند فقد محبوب في خمس مراحل :

1 - مرحلة الإنكار

2 - مرحلة الغضب

-3 مرحلة المساومة

4 - مرحلة الاكتئاب

5 - مرحلة التقبل.

ويخطئ الكثير من الأشخاص الدين يحاولون بحماس تفسير الواقع الناتج عن صدمة الفقد بمقياسهم الشخصي ومقدرتهم على التحمل معتقدين أن أمور الصدمة والعلاج يسير بعبثية، إلا أن الأمر ليس كذلك هي حالة حزن يعانق السماء لهول الآلام والعاصفة التي تمر بها المرأة في مرحلة الشباب وعندها أطفال، ولدراسة هذه الحالة هو ما ينطبق على دراسة باقي النظريات العلمية والاجتماعية لم نصل بكم إلى نهاية الطريق في هذا المقال لعلنا نحظى في مقالات أخرى بالتوسع عن أثر الصدمة على الأبناء وباقي أفراد العائلة.

كاتب سعودي ومدرب في شؤون الأسرة