آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 8:44 م

ثلاثة لا غنى عنهم - سلسلة خواطر متقاعد

بعد أن تغادر العمل سوف تحتاج أن يكون لديك ثلاثة أخِلاّء تستعين بهم على الاستمتاع بالحياة والخلاص من الوحدة: امرأتك وصديق واحد وكتاب. والفكرة هي كالتالي: دلّل زوجتك وعاملها برقّة ولطف في الصّغر ترعاكَ في الكبر. اختر صديقك وأخلص له يكن لك وفيًّا في المِحن. وتخير ما شئتَ من الكتب فلا جهلَ ينفع ولا علمَ يضر!

عندما يطير الفراخ - الأبناء والبنات - من العشّ ويبقى العشّ فارغًا، هذا هو الوقت الذي تحتاج إلى صحبة زوجتك أو زوجك أكثر من أيّ وقتٍ وزمن مضى. هي عصاتك تتوكأ عليها وتُسندك وأنت كذلك لها، وتَعودان كما بدأتمَا أوّل سنواتِ الزواج. كلّ الرّجاء أن يبقى الوفاء ويدوم بين الأزواج في هذه المرحلة العمرية!

أما الصديق، فمن الغريب في هذا الزمان أن يكون لدى إنسان ألف صديق في وسائل التواصل ومليونا متابع، لكنه عندما يموت يسير خلف جنازته شخصان. وأن يكون لك صديق واحد مخلص، في مثل سنواتِ عمرك، فهذا يعطي للحياةِ طعماً أكثر حلاوة. ومهما كان عدد الأصدقاء فكلهم في كفَّة وذلك الذي تصطفيه وتتقي به رياحَ الوحدة في كفَّةٍ أخرى. من الجميل أن كثيرًا من المتقاعدين شدّتهم الصّحبة وعرفوا منافعها على صحّتهم النفسّية والعقليّة والجسديّة، فلا زلت أتذكر اثنين من جيراني كانا يجيئان معاً ويذهبان معاً، لا ترى أحدهما دون صاحبه ورفيق عمره إلا فيما ندر. وفعلًا امتدّ العمرُ بهما سنوات قبل أن يتوفَّاهما الله.

من أظرف المواقف ما رأيته من جدال وعراك الأصدقاء - كبار السنّ - حين تكون عواطفهم رقيقة وسريعي الزعل من بعضهم، لكنهم سرعان ما يعودون أصدقاء وكأنّ شيئاً لم يكن. هي الحياة نبدأها وعواطفنا هشّة وننهيها وعواطفنا ومشاعرنا أشدّ هشاشةً ورقَّة!

والثالث الذي لا غنى عنه هو الكتاب، فمهما كانت أوقات الصحبة مع الزوجة والصديق ممتعة، لابد أن تتخللها ساعاتٌ من الرغبة في الوحدة ومصاحبة صديقٍ صامت وهادئ الطباع. وكم نحن محظوظون الآن حيث باستطاعتنا أن نملك مكتبةً كاملةً، دون ثمن، بين أناملنا وفي جيوبنا، نقلبها كيف نشاء ومتى ما نشاء.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد مهدي
[ المدينة الفاضلة ]: 8 / 3 / 2021م - 5:35 ص
أحسنت في كتابة المقال وابدعت في تلخيص فكرة وحياة ما بعد التقاعد
مستشار أعلى هندسة بترول