آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 1:13 م

مخلّفات العواصف بين الغربِ والشّرق - سلسلة خواطر متقاعد

انحشرتُ وسطَ عاصفةٍ ممطرة على أطراف مدينة هيوستن في الولايات المتحدة الأمريكية في شهر أغسطس 1983 لمدّة يومين. كانت العاصفة قويّة جدّا لدرجة أنها قتلت كثيرًا من الناس وخرّبت الكثيرَ من الممتلكات. وأنا نجوتُ بنفسي بعد خسارة زجاج السيارة الذي تحطّم بفعل شدّة المطر.

عندما انتهت العاصفة كان معظم مخلَّفاتها الأشجار المتطايرة والسيّارات المتضرّرة، وبعض أجزاء المنازل التي في العادة تكون من الخشب وليس من الاسمنتِ المحصّن. ولم يكن في مخلَّفاتها القمامة والأكياس وقناني المياه وأغلفة الأطعمة. وذلك ببساطة لأن النَّاس لا تترك في العادة هذه الأشياءَ في العراء ولا تنبذها في الشَّوارع.

وقبل يوم أمس جاءتنا عاصفةٌ رملية، الحمدُ لله لا أظن أن خسائرها تعدت الإزعاج لمن في الخارج ولمن يسبّب له الغبار مضاعفات صحيّة. وكان لازمها تنظيف الأحواش والمساكن من بقايا الرمال. لم يكن في مخلّفاتها عندنا لا أشجار ولا اسمنت، بل كان كثيرًا من القمامة المتطايرة بكلّ أنواعها، أكياس، بلاستيك، أغلفة أكل وأعقاب سجائر، وقائمة من القمامة السّائبة.

كان في الماضي الباعة يرشون الماءَ على أبوابِ الدّكاكين للنظافة واستزادة الرزق، والنساء أو الرجال يكنسون أمام منازلهم عنايةً بها، مع قلّة الموارد واستحالة نظافة الأرض الطينية. أما الآن فالقليل من الناس يعتني بنظافة داره أو دكانه من الخارج، وكل ذلك متروك شأنه لعمّال النّظافة العامّة!

نحن الآن - بحمد الله - مميَّزين في مظهرنا، ومن الجميل أن نكون أيضًا مميَّزين في بيوتنا وشوارعنا ومدننا، ونعطي للدّين الوجهَ الجميل الذي لطالما قال لنا: النّظافة من الإيمان، دون أن يحكي واقعنا صورةً مختلفةً من حيث ندري أو لا ندري. ومن الجميل أيضًا أن لو كان أمامَ كل بيتٍ شجرة أو اثنتان، تنتشر الخضرة وتتحسن البيئة وتقل عوالقُ العواصفِ الرمليّة.

أعتقد أنه آن الأوان ونحن في سنة 2021م لكي تختفي بعض المظاهر التي كانت عاديّة قبل سنوات، أن نعتني بنظافة شوارعنا والبيئة من حولنا. ويكون سلوكًا يمارسه الصَّغير والكبير، والمقيم والوافد. وآن الأوانُ أن نعطي لأجيالنا صورةً نقيًة وصافية من السّلوكيات العامّة ومنها النّظافة في الخارج.

مستشار أعلى هندسة بترول