آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

لماذا الحديث عن علامات الظهور

ورد عن الإمام الصادق : إن قدام المهدي علامات تكون من الله عز وجل للمؤمنين»[1] .

ما هو الهدف من تسليط الضوء على الإرهاصات الممهدة لتلك الحركة المهدوية الإصلاحية الكبرى، بالحديث عما وقعت فيه البشرية من انحراف فكري وأخلاقي أبعدها عن وجودها التكاملي قبل الظهور المبارك؟

الهدف الأسمى للتعاليم الدينية هو تربية الإنسان وإكسابه الفضائل الحميدة وتهذيب نفسه من العيوب والنقائص، وينعكس ذلك على إزدهار المجتمع وتقدمه وتحصينه من الانهيار أمام موجات التشويش وإلقاء الشبهات الفكرية والعقائدية ومداهمات الظواهر السلوكية المخالفة للقيم النبيلة، وتندرج حالة التوعية الثقافية بما يكون عليه حال الناس من اتحاد وسير في ركب الحركة المهدوية الإصلاحية، أو ابتعاد عنها بسبب مختلف العوامل والتي يعبر عنها بحالة الفساد والظلم والفتن الحارفة للناس عن حركة ولي الله الأعظم الداعي إلى الحق والفضيلة والعدالة.

علامات الظهور والحديث عنها في الروايات الشريفة ترسم الكثير من الغايات والمضامين في خط التبليغ الرسالي الوارد عن الرسول الأكرم ﷺ وأهل بيته ، فهي تمثل إشارة تحذير ربانية من الوقوع في خطر الفتن المضلة والتيارات المنحرفة عموما، فعلامات الظهور منهج كاشف عن تيارات الضلال وعلاماته وراياته والشخصيات الرمزية له، وفي المقابل فهي تمثل قبس هدى للمؤمنين بخط الإمام المهدوي وصفات أنصاره ليكتسبوها ويتصفوا بها، كما أنها ومضة أمل بالله عز وجل ترسمها صورة ظهور الإمام وتمكينه في الأرض ونشره راية الهدى والعدل، لذا فإن المنتظرين لظهوره لا يداهمهم اليأس أو ضعف الهمة في طريق الأمر بالمعروف، فانتظارهم يعني تحمل المسئولية والعمل الدؤوب في الإصلاح الفردي والمجتمعي حتى حين ظهوره .

فالخلاصة أن علامات الظهور تحمل بعدين مهمين، هما: التحذير والتبشير، فالتحذير هو بيان ما تكون عليه الفرق والرايات المعادي لنهج الإصلاح المهدوي على مستوى الانحراف الفكري أو السلوكي، إذ هناك من الفرق من تدعي زورا وبهتانا حمل الراية المهدوية لأهداف مصلحية، يراد منها إبعاد الناس عن توجيه بوصلة فكرهم نحو الراية المهدوية الحقة التي يحملها في زمن الغيبة الفقهاء العدول، ممن تصدوا لخدمة المؤمنين في إرشادهم وتبليغهم للأحكام الشرعية والمسائل العقائدية وتهذيب النفوس بمكارم الأخلاق من خلال عظاتهم ومؤلفاتهم ومحاضراتهم القيمة.

وأما الجانب التبشيري فهو يؤكد على اتباع راية الهدى المهدوية والإشارة لعلامات الظهور المبارك، وذلك ليبني المؤمن شخصيته في جانبها الإيماني والثقافي والعقائدي والاجتماعي بحيث يمتلك بصيرة في فهم الواقع المعاش والدعوات المختلفة بما تحمله من أفكار وتصورات، ويمتلك قوة وثباتا يسانده في مواجهة المظاهر والدعوات السلوكية المنحرفة والتي تنتشر بقوة في زمن ما قبل الظهور.

التمييز وتسليط الضوء على الرايات المهدوية الزائفة الضالة، والتي يتبناها أصحاب مصالح يزيفون بها الحقائق على الناس فيتبعهم الجهلاء والمفتونون بهم، يستدعي وضع تصور واضح وتفصيلي بدعواتهم وأهدافهم الخبيثة ليتحصن المؤمن من السقوط في أتونها، ومن جانب آخر تسلط الروايات الشريفة الضوء على صفات الممهدين للظهور ولنصرة الإمام المنتظر ، بما يستدعي انخراط المؤمنين في برامج عبادية وثقافية وأخلاقية تغرس فيهم قيم الإصلاح المهدوي مما يجعلهم مستعدين ومؤهلين ليكونوا من أعوانه ، بما ينشيء ثقافة مهدوية عالية تنير العقول وتبصرها بالأدوار والمخاطر، فتنشئة الشباب الرسالي المؤمن على ثقافة الانتظار الإيجابي والتمهيد للخروج المبارك بالاستعداد له، وتبيان حقائق الرايات والفرق قبل الظهور لهو ما حملته الروايات الشريفة العاملة على التحديث عن علامات الظهور بما تحمله من أبعاد عقائدية وأخلاقية.

[1]  «كمال الدين ص 649»