آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

أيها الأمل الموعود

يشدها إلى ذلك النور المرتقب لأنه المسعف لها من آلام الزمن ومتاعبه ويرفع عنها شقاء السنين المضنية، إنها النفوس المتعطشة لراية العدل الاجتماعي الذي يدفع عنها بعيدا - وبلا عودة - عدوان الإنسان الجشع ونهشه للحم أخيه، بعد أن أخذ بريق الذهب وملمس المال الناعم مأخذه منه فأخذ يمارس ألاعيبه ومكره تجاه الآخرين وبلا هوادة، حتى اخترق نظام التوازن في العلاقات البشرية القائم على حفظ الحقوق واحترام الآخر في وجوده وكيانه وممتلكاته، بل زينت الدنيا الفاتنة في أعين طلابها كل الممارسات الشيطانية واللاأخلاقية في سبيل الحصول على كل شيء حتى اللقمة الصغيرة من فم الجائع المعتر، فأنى للإنسان في غيابك سيدي - يا صاحب الزمان - وللأمان والحصول على قسط من الرقاد الهانئ بعد أن أقض المضاجع الخوف بكل ألوانه وأشكاله، فأضحى القلق القاتل وهم السنين المقبلة مرضا فتاكا يسلب من الناس هناء اللحظات الجميلة القليلة أو النادرة في حياتهم، إنه اختلال نظام البشرية بتسلط روح الظلم والعدوان والسلب والنهب المفتوح على مصراعيه، دون مراعاة لنزعة إنسانية رحيمة ولا لنداء الفطرة الداعية لتلمس العطف ولا لقيم السماء الداعية لروح التراحم والشفقة بين الناس، ولكنه الإيغال في إسقاط نظام البشرية المؤسس على الكرامة واستبداله بطريق الغاب المتوحش الذي تقوده الغرائز، فلا يأمن أحد على نفسه من شيء إذ يشعر وكأنه قشة تتقاذفها الريح بكل اتجاه دون أن تعرف راحة أو استقرار!!

يتجدد في كل يوم ذلك الأمل بظهور منقذ البشرية الذي يعم ضياؤه المعمورة فتختفي دياجير الفساد والعدوان، يلوح في الأفق النور المبدد لكل اعوجاج وجهل ساد وجثم على القلوب فأفقدها نقاء السريرة، إنه المقدم المبارك الذي يترقبه الناس بكل لهفة وشوق ليعيد لهم الأمان والعدل فتزدهر البسيطة بظلاله الوافرة، فكل بؤر الفساد المنتشرة تحتاج في إزالتها إلى لمسات الطهارة من المصلح العظيم، فيعيد للأرض فرحتها وقد أنقذها من هلكة الروح الشريرة الحارقة لكل أتون الجور، فمهما طال الزمان واستعادة عقارب الساعة دورتها من جديد يبقى الأمل وقادا يستمد طاقته ونشاطه من ضياء الحقيقة المهدوية المصلحة الناصعة، فتنار الأرض الطيبة بتطبيق شريعة الله تعالى وتختفي كل معالم الشرك والاستبداد، تصفو النفوس بعد أن تتلقى جرعة من حنان الإمام المنتظر ورأفة قلبه وتوجيهاته المباركة، يسود العدل والرخاء والطمأنينة وتسترد البشرية لباس التوحيد والفضيلة والعفة.

الطلعة الغراء لمولانا صاحب الزمان هي ساعة تترقبها كل القلوب التواقة لعطر العدل والإحسان والأمان، فينقذها من براثن الجور الذي أضناها وسلبها راحة البال والهدوء النفسي، فأسوار الفضيلة والفكر الواعي قد حطمتها أنياب الغرائز المتفلتة، مما أدى إلى سيادة غير مسبوقة للأهواء والفتن المضللة، واسترخص الإغراء ليصبح لونا من ألوان التقدم ووجها مشرقا للحضارة، وأما التلون الاجتماعي ولغة الكذب في الحديث والتعامل فهو لب الفساد وعنوانه الأبرز، لقد سئمت النفوس هذا التلاعب في جينات الفطرة وخلع رداء الرشد العقلي والذي أدى إلى انهيار كبير في قلعة الفضيلة.

انتظار بطعم العمل الدؤوب والأمل الذي لا ينقطع لرؤياك سيدي وأنت تحمل لواء العدل وتطبيق أحكام الشريعة الغراء، فيصلح الله تعالى على يديك كل محطات الاعوجاج الفكري والسلوكي، فتنعم البشرية بظلال الإيمان والتقدم العلمي بكافة أشكاله على يديك.