آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

تأملات في مكارم الأخلاق

عبد الله أمان

لعل إلتزام سِمات الأخلاق الحميدة، وانتهاج توجُّهات النوايا الحسنة دعامتان أساسيتان؛ لتخليد ذكرى السيرة العطرة؛ وتمجيد مُعطيات المَسيرة العملية للإنسان؛ وتطويع زِمام نفسه الجموح إلى نهج الاستقامة؛ وإخضاع مِقودها الشموس إلى سبيل الاعتدال أينما وُجِد؛ بغض النظر عن عرقه، ودينه، وانتمائه…

وهنا تطفو على صفحة السطح القريب سِمة رائحة ”المَخبَر“ الفواحة النفاذة؛ لتئد تحت حَضيض سطحها السحيق نقيضتها البغيضة الوجه في قتامة ”المَنظر“ المُتمثلة في: الظلم والفجُور والعدوان، وسوء العِشرة…

وسِرب نظائرها الجائرة الممارسة بين بني البشر… وإن بدا الفرد المُمارس لها للناظر العيان مَرة في قالب الوسامة، وأحاطه ساعة بإطار الوجاهة! وتظل مملكة الأخلاق السامقة متألقة؛ وقد أقرَّها وأشاد بها ديننا الإسلامي الحنيف؛ وأيَّدها بمفهوم رباني؛ وزانها بأداء تعبدي؛ لتتجسد زهوًا، بمحاسنها الضافية المبجَّلة، شمَّاء متربعة على عرش سُموها المتألق؛ وجالسة وادعة على استواء جلال نبلها القويم، ومتجانسة متآزرة، مع ما يندرج في جوف سلتها الحُبلى من حَفدة طائفة أترابها المتماثلة: كالاحترام المتبادل، والصدق في القول والعمل، وحماية الحقوق، ومساعدة الآخرين... كلها، وأفراد مَحفل أخواتها الحِسان، سمات إنسانية عُليا، وممارسات اجتماعية راقية، كفيلة بأن تضفي بامتياز، لمسة ”كارزمية“؛ وتهب باقتدار مَسحة ريادية في عزيمة مسيرة مُنتهجها القيادي، إذا ما عُرف بها، مَسلكْا ومَسعى؛ وتمسك صادقًا بأهدابها القويمة: قولًا وفعلًا وعملًا؛ وجعلها سيرة عَطرة، واتخذها مَسيرة جَلية، وصَيَّرها دَيدنًا مُلازمًا في رحلة حياته الكريمة، يُعرف بانتهاجها الحكيم، في سِيماء شخصيته المنضبطة، أينما حل، أو ارتحل!

ولنا في رسولنا الأكرم، عليه وعلى آله الطاهرين، وأصحابه الميامين، أفضل الصلاة، وأتم التسليم: «وإنك لعلى خُلقٍ عظيم». وقد ربط بعثته النبوية الشريفة بإتمام وإكمال مَكارم الأخلاق، ممزوجة بمزايا الشمائل النبوية النبيلة: «إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

هذا، وفي غمرة الشد والجذب في مُعترك ميدان المعاملات الاجتماعية اليومية، بين أفراد المجتمع الواحد، تستوقفنا المقولة المأثورة: «الدين حُسن المعاملة». ولا أكاد أنسى في، ضيافة حضرة مكارم الأخلاق الحميدة، نظم الشاعر العراقي، معروف الرصافي:

هي الأخلاقُ تنبتُ كالنبات… إذا سُقيت بماء المَكرمات

فكيف تظُن بالأبناء خَيرًا… إذا نشأوا بحُضن السافلات؟!

ومما يثلج الصدر، أن انتهاج واتباع مبادئ وسلوكيات الأخلاق الحميدة - قلبًا وقالبًا - في خضم الحياة اليومية أينما اتجه الفرد، وأنّى استقر، لأمر يبعث على الراحة والاطمئنان، ويحقق سمات اجتماعية مثلى: كالانتماء، والسكينة، والطمأنينة، والتآخي، والتكافل الاجتماعي المحمود...!