آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

ادم وأول مدرسة للبنات

حسين نوح المشامع

أول مدرسة للبنات في سيهات كانت في وسط مدينة سيهات، وفي حي الحالة، على سبيل الدقة سابقاً، والديرة حالياً.

وحي الحالة لمن لا يعرفه، كان يحده شرقاً شارع عمر بن عبدالعزيز، القادم من خالدية الدمام جنوباً، والمتجه إلى القطيف شمالاً. أما جنوباً فيحده الشارع الفرعي الممتد من تقاطع شارع عمر بن عبدالعزيز شرقاً حتى يتلاقى مع تقاطع شارع مكة غرباً. أما غرباً فيحده زقاق يمتد من عين فنيطيس «أم البلابل» جنوباً قبل أن يمحى أثرها، إلى أن يتقاطع شمالاً مع الزقاق المؤدي إلى سوق الذهب. وزقاق سوق الذهب يعود شرقاً ثم ينحرف شمالاً عند «دكان شومان» سابقاُ إلى أن يتقاطع مرة أخرى مع شارع السوق.

وعين فنيطيس لمن لا يعرفها، وقبل اندثارها وغياب أثرها، كان بها بلابل «حنفيات» تستعملها النساء للاستحمام وغسيل الملابس وتنظيف أواني المطبخ. كانت العين جنوب حيي الحالة والديرة، ويحدها حي الديرة من الجهة الغربية، ومزارع السيهاتي من الجهة الجنوبية. أما من جهتها الشرقية فيحدها بيوت آل مدن. أما الآن فهي أرض بياض، يقام على جزء منها سوق الجمعة الأسبوعي الشعبي.

كان مبنى المدرسة محاطاً بالبيوت من جميع الجهات، كأنها الجبال الرواسي التي تحيط بالواحات لتحميها من عاتيات الزمن. ولا يفصل المدرسة عن البيوت التي كانت حولها إلا ممرات قصيرة وأزقة ضيقة. وفي الماضي السحيق كان يحدها بيت محمد سالم السيهاتي من الجهة الغربية، وبيت شعبان من الجهة الشمالية، وبيت باقر الزاكي وبيت مهدي المشامع من الجهة الجنوبية، وبيت شويخات/ «خواهرة» من الجهة الشرقية.

عرضت المديرية العامة لتعليم البنات في تلك الأيام الخوالي على آدم مبلغاً ضخماً لا يقاوم، بملغ يسيل له لعاب الكثيرين من أمثاله، بمقاييس ذلك اليوم من أجل استئجار بيته.

كان آدم رجل أعمال بامتياز، وإذا لم يكن من الدرجة الأولى، فهو قطعاً من الدرجة الثانية. رجل أعمال يعرف من أين تأكل الكتف، ولا يفوت أي الفرصة إذا ما أقبلت عليه.

ورغم انه لم يتردد في اغتنام الفرصة، واقتنصها اقتناص الذئب لفريسته، لكن كان عليه البحث عن مسكن آخر لإسكان عائلته الكبيرة.

كان ادم وعائلته ينتقلون من بيت إلى آخر، ومن حي إلى آخر، ومن مدينة إلى أخرى. حسب وضع البيت المستأجر، وحسب مزاج مالكه، وحسب درجة تقبل عائلته للبيت المستأجر وللمنطقة التي يتوجب عليهم سكنها.

وبقي وضعهم هكذا ولمدة ليست بالقصيرة، كالبدو الرحل الذين ينتقلون من واحة إلى أخرى، ومن ارض إلى أخرى، طلباً للماء والكلاء، حتى بات ادم مضطراً إلى شراء ارض وبناء بيت العائلة عليها.

لم يطل العمر بأدم كثيراً حتى بدأت الحكومة بإشادة مبانيها الخاصة، ولكن بعد أن شيد ادم بيت العائلة الجديد في حي العمال «الطابوق»، واسكن فيه عائلته. فاسترجع بيته القديم، وبما إنه لم يعد بحاجة إليه، أضطر إلى بيعه إلى أحد سكان الحي القديم.