آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

لم يفت الأوان بعد

عبدالله الحجي *

فات الأوان.. كبرنا.. راحت علينا.. الصحة لاتسمح.. كلمات وعبارات يرددها الكثير منا كمبرر لتوقفه عن تحقيق طموحاته وأحلامه عندما يتجاوز عمر معين وعندما يصاب بمرض ويكون جليس الدار.

كثيرة الأهداف التي تبقى عالقة في الذهن لم تر النور ولم تتحقق على أرض الواقع بسبب الانشغال أو عدم التركيز على الأولويات وحسن إدارة الوقت، أو عدم ملاءمة الظروف ووصول الوقت المناسب لها. من يتطلع من حوله ويبحث في الشبكة العنكبوتية سيجد العديد من قصص النجاح والتألق - تحت هذا العنوان - للكثير من النماذج المتميزة من الذكور والإناث في مختلف المجالات، والتي لم تؤطِّر نفسها ولم تجعلها حبيسة مكبلة داخل سياج، ولم تضع أمامها سدا يمنعها من التقدم واستثمار طاقاتها، ولم ترسم خط النهاية وتستسلم وتكتفي بما وصلت إليه وحققته.

نعم القناعة كنز لايفنى ولكن عندما يكون المرء يملك طاقات وامكانات ويتمتع بالحيوية والنشاط والعطاء فلا ينبغي أن يتوقف ويغلق جميع الأبواب في وجهه، ويسلي نفسه ويبرر لها قعودها بسبب العمر أو المرض. روما لعدم الإسهاب في ذكر الأسماء سأكتفي بالإشارة إلى بعض المجالات بشكل عام. فمن النماذج التي برزت وكان للبعض منها نصيب في موسوعة غينيس للأرقام القياسية نجد المشاركين في الماراثون من الرجال والنساء وقد تجاوزت أعمارهم 90 عاما ولكنهم أبوا إلا المشاركة والوصول إلى خط النهاية، فذلك يعتبر فوز ونجاح بحد ذاته حتى وإن لم يكونوا في عداد الحاصلين على المراتب الأولى.

فئة أخرى قد كان ميولها مختلفا فتوجهت للتدريب وكسب مهارات جديدة وطلب العلم واستطاعت الحصول على الشهادات العليا في أعمار متأخرة والبعض قد تخرج في السنة التي تخرج فيها أبناؤه. ومن النماذج من كان توجهه وميوله في العمل فأسس مشروعه الخاص ولقي نجاحا باهرا وامتد وتوسع وأصبح من أشهر المشاريع في مختلف دول العالم. ومنهم من اشتغل بالكتابة والتأليف لتوثيق تجاربه وقصص حياته ونال شهرة لم يحلم بها، ومنهم من تولى القيادة والزعامة في عمر متأخر ولم يمنعه ذلك من مزاولة نشاطه بكفاءة ومهارة عالية.

كل هذه النماذج لم تكن لتصل إلى ماوصلت إليه ولم تحقق ما كانت تطمح إليه لو أنها وضعت العقبات التي تعيقها في طريقها. وإنما تحلت بالهمة والإرادة القوية والعزيمة والإصرار وأخذت على عاتقها التغلب على جميع التحديات التي واجهتها، ولم تستسلم للفشل من المحاولات الأولى بل حاولت مرارا وتكرارا بكل تفاؤل ونظرة إيجابية، ولم تستمع للأصوات السلبية المحبطة والمثبطة التي ترسم نهاية العالم عند بلوغ عمر معين أو الإصابة بمرض معين. لقد نجح غيرك وحقق أهدافه بنجاح في مجاله، وليس شرطا بأن تستنسخ تلك النماذج بل أن تبحث بإبداع عما يتناسب مع ميولك ورغباتك لتدرك بأنه لم يفت الأوان بعد، وتسجل اسمك مع تلك النماذج المشرفة بكل فخر واعتزاز.