آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

تأملات رمضانية 4

محمد أحمد التاروتي *

معيار الزمن في شهر رمضان المبارك يختلف عن بقية الأشهر، فالفيض الإلهي يشمل الصائم في كل لحظة من لحظات النهار والليل، ”وما من يوم وليلة من الشهر إلا والبر من الله تعالى يتناثر من السماء على هذه الأمة“، مما يحفز الصائم على استغلال هذه الساعات القليلة، بما يرفع من شأنه في الاخرة، عبر اقتناص كل فرصة لنيل الثواب الجزيل.

اختلاف معايير الزمن في شهر رمضان المبارك، يكمن في الاليات المتخذة لحث الصائم على المبادرة في فعل الخير، من خلال فتح أبواب السماء لاستقبال عبادات المسلم المتعددة، فتارة تكون ذات اطار شخصي عبر الاكثار من الصلاة والادعية، وتارة أخرى بواسطة تحسس معاناة الاخرين سواء في المحيط القريب او البعيد، ”أيها الناس ان شموس شهر رمضان لتطلع على الصائمين والصائمات وان أقماره ليطلع عليهم بالرحمة“، خصوصا وان تلك الاعمال تدخل في باب نيل رضوان الله، والحرص على توفير المناخ لتوسيع قاعدة عمل الخير، على الصعيد الشخصي.

الزمن في شهر رمضان بالقياس الطبيعي لا يختلف عن بقية الشهر، فالساعات لا تتجاوز 24 ساعة، وكذلك الامر بالنسبة لايام الشهر، بيد ان الحفاوة التي يحظى بها تجعله في قمة الأشهر، سواء بالنسبة لنوعية الاعمال التي يتسم بها بالمقارنة مع الأشهر الأخرى، او الأجواء الايمانية التي ينشرها في سماء المجتمعات الإسلامية، الامر الذي يفسر الاهتمام الكبير الذي يحظى به سواء قبل دخوله او اثناء، فضلا عن الحسرة التي تدخل النفوس بعد انتهائه، نظرا للبركات الكبيرة التي يشعر بها الصائم، منذ اللحظات الأولى لرؤية هلال الشهر الفضيل، ”إن شهركم ليس كالشهور أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات“.

الانقلاب الكبير في المجتمعات الإسلامية، منذ اللحظات الأولى لاطلالة شهر رمضان، يعطي انطباعات واضحة بخصوص معيار الزمن الذي يحدثه الشهر الفضيل، سواء على الاطار الشخصي او الاجتماعي، فالصائم يجتهد في سبيل لنيل مرضاة الملك الديان، الامر الذي يكشف التحول الواضح في البرنامج اليومي للصائمين، فالاجواء الايمانية تبرز في كافة مفاصل الحياة، فالشهر الكريم يلقي بظلاله الايمانية على الجميع، ”هو شهر يزيد الله فيه الأرزاق والآجال ويكتب فيه وفد بيته وهو شهر يقبل أهل الأيمان بالمغفرة والرضوان والروح والريحان ومرضاة الملك الديان“.

التعامل مع شهر رمضان المبارك باليات مختلفة، ينم عن وعي الصائم بضرورة الاقبال بكل جوارحه، لاعطاء الشهر الفضيل ما يستحقه، لاسيما وان التعامل بطريقة سطحية يكشف الضعف الكبير، في القدرة على اكتشاف بركة شهر رمضان، فزمن الشهر الكريم يتطلب التعاطي بطريقة مختلفة، بحيث تنعكس على الممارسات العبادية في النهار او الليل على حد سواء، الامر الذي يكشف الاختلاف الكبير في مستوى التغير الشخصي لدى الصائمين، فالبعض يجد تحولا كبيرا بشكل تدريجي، فيما التغيير لدى البعض يكون طفيفا، نظرا لاختلاف التعاطي مع معيار الزمن، لدى كل فئة من الفئات الاجتماعية.

شهر رمضان فسحة زمنية قصيرة، ولكنها استثنائية بكل المقاييس، نظرا لقدرتها على صياغة المفاهيم العبادية لدى الصائم، جراء قدرة الامتناع عن الاكل والشرب، في تحفيز العبد نحو زيادة الجرعة العبادية، الامر الذي يساعد في صقل الشخصية الايمانية، عبر الالتزام بالاعمال التعبدية المختلفة، انطلاقا من كونه ”هو شهر الشياطين فيه مغلولة محبوسة هو شهر يزيد الله فيه الأرزاق والآجال ويكتب فيه وفد بيته“

”أيها الناس ان شموس شهر رمضان لتطلع على الصائمين والصائمات وان أقماره ليطلع عليهم بالرحمة وما من يوم وليلة من الشهر إلا والبر من الله تعالى يتناثر من السماء على هذه الأمة فمن ظفر من نثار الله بدرة كرم على الله يوم يلقاها وما كرم عبد على الله إلا جعل الجنة مثواه عباد الله إن شهركم ليس كالشهور أيامه أفضل الأيام ولياليه أفضل الليالي وساعاته أفضل الساعات هو شهر الشياطين فيه مغلولة محبوسة هو شهر يزيد الله فيه الأرزاق والآجال ويكتب فيه وفد بيته وهو شهر يقبل أهل الأيمان بالمغفرة والرضوان والروح والريحان ومرضاة الملك الديان“.

كاتب صحفي