آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 5:41 م

من الأمعاء إلى الدماغ: الخلايا العصبية تستشعر ما نأكله

عدنان أحمد الحاجي *

الخلايا العصبية في العصب الحائر تؤدي مهمتين متعارضتين

2 يونيو 2021

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

راجعه الدكتور حجي ابراهيم الزويد، استشاري طب أطفال

المقالة رقم 159 لسنة 2021

Gut to brain: nerve cells detect what we eat

JUNE 02,2021


 

تتواصل الأمعاء والدماغ مع بعضهما البعض لملاءمة مستويات السكر في الدم والشبع أثناء تناول الطعام. العصب الحائر هو وسيلة تواصل هامة بين هذين العضوين. ألقى باحثون من معهد ماكس بلانك لأبحاث الأيض في كولونيا ومجموعة التميز لأبحاث الشيخوخة CECAD في جامعة كولونيا ومستشفى جامعة كولونيا نظرة فاحصة على وظائف الخلايا العصبية المختلفة في مركز التحكم في العصب الحائر. واكتشفوا شيئًا مدهشًا للغاية: على الرغم من أن الخلايا العصبية تقع في نفس مركز التحكم، إلا أنها تعصّب «تزود بالأعصاب» مناطق مختلفة من الأمعاء وتتحكم أيضًا بشكل مختلف في مستويات الشبع والسكر في الدم. هذا الاكتشاف قد يلعب دورًا هامًا في تطوير استراتيجيات علاجية مستقبلية ضد السمنة ومرض السكري.

عندما نتناول الطعام، المعلومات عن هذا الطعام المهضوم تنتقل من الجهاز الهضمي إلى الدماغ لغرض التكيف مع أحاسيس الجوع والشبع. وبناءً على هذه المعلومات، يقرر الدماغ، على سبيل المثال، ما إذا كنا سنستمر في الأكل أو نتوقف عنه. بالإضافة إلى ذلك، يقوم الدماغ بتكييف «ملاءمة» مستوى السكر في الدم. يلعب العصب الحائر، الذي يمتد من الدماغ وصولًا إلى الجهاز الهضمي، دورًا أساسيًا في هذا التواصل. في مركز التحكم في العصب الحائر، ما يسمى بالعقدة العقداء nodose ganglion، توجد خلايا عصبية مختلفة، بعضها يعصّب المعدة بينما يعصب البعض الآخر الأمعاء. بعض هذه الخلايا العصبية تجس المنبهات الميكانيكية في الأعضاء المختلفة، مثل تمدد المعدة أثناء الأكل، بينما يجس البعض الآخر من الخلايا العصبية الإشارات الكيميائية، مثل العناصر المغذية من الطعام الذي نأكله. لكن ما هي الأدوار التي تلعبها هذه الخلايا العصبية المختلفة في نقل المعلومات من الأمعاء إلى الدماغ، وكيف يساهم نشاطها في تكييف سلوك التغذية ومستويات السكر في الدم التي بقيت غير واضحة إلى حد كبير.

”لدراسة وظيفة الخلايا العصبية في العقدة العقداء، طورنا مقاربةً جينيةً تمكننا من رؤية الخلايا العصبية المختلفة والتلاعب في نشاطها في الفئران. وقد مكننا ذلك من تحليل أي الخلايا العصبية تعصب أي عضو، وقد مكننا من معرفة نوع الإشارات التي تجسها تلك الخلايا العصبية في الأمعاء“، كما يقول قائد الدراسة هينينغ فينسيلاو Henning Fenselau ”لقد سمح لنا أيضًا بتنشيط وإيقاف أنواع مختلفة من الخلايا العصبية لتحليل وظيفتها الدقيقة.“

أغذية مختلفة تنشط خلايا عصبية مختلفة

ركز الباحثون في دراساتهم «1» بشكل أساسي على نوعين من الخلايا العصبية في العقدة العقداء، والتي يبلغ حجمها مليمترًا واحدًا فقط. يوضح فينسيلاو أن ”أحد هذه الأنواع من الخلايا يجس تمدد المعدة، وتنشيط هذه الخلايا العصبية يجعل الفئران تقلل من الأكل بشكل ملحوظ“ كما وضح فينسيلاو. ”لقد حددنا أن نشاط هذه الخلايا العصبية مفتاح لنقل إشارات تثبيط الشهية إلى الدماغ وكذلك خفض مستويات السكر في الدم.“ المجموعة الثانية من الخلايا العصبية تعصب «تمد بالعصب» الأمعاء بشكل أساسي. ”هذه المجموعة من الخلايا العصبية تستشعر إشارات كيميائية من الطعام الذي نهضمه. ومع ذلك، فإن نشاطها ليس ضروريًا لتنظيم الأكل. وبدلاً من ذلك، يؤدي تنشيط هذه الخلايا إلى زيادة مستوى السكر في الدم،“ كما يقول فينسيلاو. وبالتالي، فإن هذين النوعين من الخلايا العصبية في مركز التحكم في العصب الحائر يؤديان وظائف مختلفة جدًا.


الصورة: صورة مجهر فلورسنسي للخلايا العصبية المتميزة جينيًا في العقدة العقداء

”من المحتمل أن يكون تفاعل دماغنا أثناء الأكل هو التفاعل بين هذين النوعين من الخلايا العصبية“ كما يوضح فينسيلاو. ”الطعام الغني بالألياف والسعرات المنخفضة «volume food» يمدد معدتنا وينشط أنواع الخلايا العصبية التي تعصّب هذا العضو «المعدة». وعند مستوى معين، فإن تنشيط هذه الخلايا العصبية يعزز الشبع وبالتالي يوقف أكل المزيد من الطعام، وفي نفس الوقت ينسق تكييف مستويات السكر في الدم. الطعام الذي يحوي مغذيات ذات كثافة عالية مهيأ ليقوم بتنشيط الخلايا العصبية في الأمعاء، وتنشيطها يؤدي إلى زيادة مستويات الجلوكوز في الدم وذلك بتنسيق إفراز الجلوكوز الذاتي للجسم، لكنها لا توقف أكل المزيد من الطعام“. قد يلعب اكتشاف الوظائف المختلفة لهذين النوعين من الخلايا العصبية دورًا هامًا في تطوير استراتيجيات علاجية جديدة ضد السمنة ومرض السكري.