آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 12:54 ص

اطلبوا العلم من الصين

عبد الرزاق الكوي

مجمل الحياة تمر بصعوبات جمة من أمراض وحروب وقضايا اجتماعية شائكة ومن أصعب المشكلات والتحديات التي تواجه البشرية الفقر كفى الله شره العباد والبلاد وما يترتب على هذا الوباء من مشاكل كثيرة، بسبب تعقيدات متراكمة أصبح القضاء على الفقر مهمة صعبة تصل الى المعجزة في التقليل منها والقضاء عليها اصبح ذلك من الأحلام بعد تردي الأوضاع يوما بعد يوم في العالم قاطبه ومع وجود قوى من مصلحتها بقاء الوضع العالمي مترديا.

بعض الدول بدأت تتخد خطوات قصيرة وطويلة المدى وبالإرادة والتخطيط السليم وضعت الأهداف وحددت الوقت وانطلقت في بناء قوة تحتية قصيرة في تخفيف نسبة الفقر الى طويلة بالقضاء الكلي عليه، ومن هذه الدول الصين بعدد سكانها الكبير ومناطقها المتفرقة وأريافها المتباعدة والتي كانت في فقر مدقع دون خط الفقر يتساقطون ويموتون في الشوارع جراء الفقر والجوع، بدأت الصين وهي تعرف العقبات وصعوبة الوضع وقلة الإمكانيات لقلة الموارد الطبيعية والملايين من الفقراء وضعت الخطط المدروسة وتقدمت بخطى واثقة انها تقدر على صناعة غد أفضل بالإصلاح الاقتصادي والتنمية الحقيقية، وضعت دولة الصين أمامها ان المعجزات وتحقيق التطلعات لا يأتي بالآمال والأحلام بل مزيد من العمل الجاد والمعاناة، عرفت ان ما تحتاجه ليس قرارات متسرعة وان تحقيقها بكبسة زر ينتهي في يوم وليلة، بل بعمل دؤوب استمر ما يقارب الأربعين عام جنت ثمارها ان تعلن وبكل شموخ القضاء على الفقر في بلد يحتوي اكبر نسبة من عدد السكان في العالم وصلت فيه الإصلاحات الى جميع القرى والأرياف، اعتبرت فيه المشروع ليس دعاية سياسية او مكاسب انتخابية او مصالح خاصة، اعتبر مهمة مصيرية وتحدي لا يستطيع الوصول له الا بالإرادة الصادقة وان الوطن للجميع طرحت فيه سلسلة من الإجراءات الحكيمة تناسب الظروف والواقع على الأرض فاليوم الصين تكتسب الريادة وتحقق النصر وتتبوأ المكانة العالمية الأولى في القضاء على الفقر وهذا امر ليس مفروش بالزهور بل جاء بعد جهد وتضحيات ومقاومة ضغوطات خارجية لا تريد لدولة الصين ان تنجح وتأخذ مكانها على المستوى العالمي.

اليوم الصين تقدم نموذج واقعي لكثير من الدول والاستفادة من التجربة الصينية بل تقدم نموذجها الناجح مع تقديم المساعدات للدول الفقيرة في سياسة عقلانية منفتحة على اساس المصالح المشتركة بعيدة عن سياسات الهيمنة من القوى العظمى.

هذا النجاح المنقطع النظير يشاهد اليوم في الصناعات المتطورة على أيدي من كان بالأمس القريب بلا مأوى يسقط على قارعة الطريق بسبب الجوع مع هذا التقدم المذهل لا عجب ان يصل مستوى الشعب الصيني الى الطبقة المتوسطة عالميا من حيث مستوى المعيشة والوضع الاقتصادي.

انعكس كل ذلك الإنجاز على الحياة العامة من تحسن الوضع الصحي بشكل عام والمرأ ة والطفل حيت تراجع عدد الوفيات خصوصا للرضع، كما تطور المستوى التعليمي وغير ذلك من الشؤون الحياتية الضرورية التي تخدم كرامة الفرد ورقي معيشته.

لم تقف كل العقبات من ان تنتشل ما يقارب التسعين بالمائة من الشعب الصيني يعيشون دون خط الفقر، في ظل اوضاع عالمية متردية من النواحي الاقتصادي وتراجع مستوى التنمية.

هذا التحدي يحتاجه عالم اليوم وهو يعاني الفقر والمجاعة والبطالة غير الحروب المفتعلة التي تأكل الأخضر واليابس أثمان تذهب هدرا بمقدورها تنقل العالم الى عالم من الرفاهية والسعادة.

عالم اليوم شغلته الحروب وأضعفته الفتن وذهبت وانصبت جهوده في تطوير القوة العسكرية غابت الإنسانية والخير وكشر الشر عن انيابه في كثير من مناطق العالم، من حرب الى اخرى ومن قرض الى آخر من معاناة الى معاناة اشد وأقسى، حتى تقيد الدول وتكون في حلقة مفرغة لا تستطيع الخروج منها، غاب المهم وهو الإنسان وبرزت شتى انواع الأسلحة للقضاء على الإنسان، بدل تعمير الأوطان تهدم على من فيها، بدل التفكير في خدمة البشرية المعدبة بخلق واقع اقتصادي يعم خيره الجميع العقل البشري الذي استطاع ان يغزوا الفضاء قادر اذا اراد ان يغزو عالم الفقر ويخرج بحلول ناجحة، ودولة الصين خير شاهد ومثال، ان معالجة الفقر ليس بتقديم مساعدات آنية او حسب مصالح سياسية او قروض تكبل الدول بل ان العالم يوجد به مشتركات ومصالح اذا فعلت عم خيرها الجميع.