آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

إنسانية بلا حقوق

عبد الرزاق الكوي

كفلت الأديان السماوية كافة حقوق وكرامة وعزة الإنسان، وعززت المواثيق والهيئات الدولية ذلك، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقوم اساسا على العدالة في المعاملة وعدم التمييز والتفرقة ومبادئ تحفظ للإنسان حقوق التي لا يجوز المس بها ومن مستحقاته ليس لأحد فضل في ذلك فهي ملازمة للإنسان بغض النظر عن الديانة او العرق أو المذهب او اللون، حقوق لا يمكن نزعها الا بقانون عادل.

يعيش العالم اليوم حنين نحو الحرية ونيل كامل حقوقه والعيش بحياة كريمة ولو في ابسط حالاتها الدنيا، لكن الواقع على الأرض يختلف تماما وبعيدا جدا عن تطلعات انسان هذه الحياة، حيث يعيش أحلك ايام حياته قسوة ومعاناة في ارجاء المعمورة، وأكثرها خطرا ومعاناة هو العالم الثالث مطرح التجارب للقوى العالمية، فالعالم المستضعف من قبل القوى الكبرى يدفع فاتورة أطماع تلك القوى ليس بسلب خيراته وانتهاك سيادته وحرمانه من ابسط حقوقه بل أرواح بريئة في جرائم تصل الى الإبادة والقتل بدماء باردة لشعوب بريئة تعاني العوز والضيق وكأن ذلك لا يكفي حتى يسلط عليه من الخارج ما يأزم حياته، فالكيل بمكاييل مختلفة مرض ابتلي به هذا العالم اختلط فيها تفسير المواثيق الدولية الخاصة بكرامة الإنسان وحقوقه في نيل ابسط متطلبات الحياة، في عالم يدعي فيه كذبا حماية الحقوق والدفاع عنها، عالم يدعي الفضيلة، يتحدث عن الطهارة وهو يعيش منغمس في الرذائل من رأسه حتى أخمص قدميه بشتى أنواع الرذائل وخبثها.

فالمتتبع للأخبار العالمية يلاحظ تردد هذا الاسم كثيرا في جميع وسائل الإعلام وتصدر قرارات يومية وشهرية وسنوية بهذا الخصوص، لكن كلام ظاهره فعل خير وفي الواقع يراد به شر يصل الى جرائم حرب لا ترتكب حتى في الغاب، تقارير تضم بين حناياها كم هائل من التضليل والخداع وتزييف الحقائق، حسب مقتضيات سياسية بحته.

فما دخل دوله او دول عظمى في شأن مؤسسات دولية انشأت لهذا الغرض، ان تقوم مجموعة هذه الدول بتفسير المواثيق حسب مصالحها وهي بالأصل دول غرقت سابقا وحاضرا في انتهاكات مستمرة في دولها من قمع وعنصرية واضطهاد للاقليات ولم يسلم من شرها دولة من دول العالم، تنتهك سيادة دول وتهين شعوب وتقوم بما يعتبر إبادة جماعية مع سبق الإصرار والترصد، يسمع ضجيجا اعلاميا بالدفاع عن حقوق الإنسان وفي الواقع يعلو صوت القتل والدمار واصوات الأسلحة على مختلف اشكالها وخطرها في انتهاكات تبقى عار على جبين الإنسانية لفظاعتها وشدة اجرامها، وكل يوم تخرج تلك الدول بلا خجل لتعطي دروسا في حقوق الإنسان وتوزع شهادات حسن السيرة والسلوك حسب من يقدم الولاء والطاعة وليس من يطبق المبادئ المكفولة له وتعتبر حق من حقوقه بدون منا من أحد.

فالملاحظ عدم نقد الدول الكبرى على عدم احترامه لحقوق الإنسان في اوطانهم وانتهاكاتهم المستمرة واذا وجد نقد لهم فهو على استحياء، فالعنصرية لازالت ترتكب في حق شعوبهم ومظلوميات الاقليات مستمرة واما خارج اوطانهم فالكلام عن الدفاع عن حقوق الإنسان حاجة تتطلبها السياسة والهيمنة بعيده عن اي قيم او أخلاق او كحالة إنسانية، ان انتهاكهم يتعدى حدوده ليعم كل مخالف لتطلعاتهم الغير مشروعة، تدعم الحقوق اعلاميا وتعمل ضده في سياسات ممنهجة تدعم فيها الفتن وتنتهك المواثيق والمعاهدات الدولية وإيجاد موطئ قدم لها، في بلطجة بمستوى عالمي، تدعم فيه المنظمات الإرهابية لتواصل وتكمل انتهاك كامل حقوق الإنسان، تتحكم في قرارات العالم ورسم سياساته وتضغط على تحت ذريعة انتهاكه لحقوق الإنسان، فعندما تصرح تلك القوى بالدفاع عن حقوق شعبا ما فأعرف ان الشر يخيم على هذا البلد لان الأمور العالمية تسير نحو هذا المنهج، وما الربيع العربي ببعيد بعد ان عاشت تلك الدول وشعوبها على أمل حياة كريمة لا زالت الدماء تسير وبعضها بالطبع بسبب تدخل القوى الكبرى في الشؤون الداخلية لتلك الدول وتسليط الإرهاب العابر للقارات لمزيد من القتل وتدمير تلك الدول، وبالخصوص القوى العسكرية واضعاف الجيش لتعود تلك البلدان من الصفر في جو من التردي السياسي والاقتصادي، وهذا حدث في كثير من دول العالم الثالث، فأي انتهاك بسيط لحقوق الإنسان لدولة مختلفة في التوجهات مع الدول الكبرى، تقيم الدول العظمى العالم ولا تقعده وتضغط على المحافل الدولية بالاجتماع والتنديد بالدولة المنتهكة لحقوق الإنسان وفرض عقوبات وحصار في غياب تام لمبدأ العدالة.

وعين الرضا عن كل عيب كليلة

ولكن عين السخط تبدي المساويا

بحيث يقمعوا الاقليات ويحرمونهم من حقوقهم في بلدانهم ويدافعون عن الاقليات في بلدان اخرى، بل يصل الحال الى التنديد بهذه الأفعال في دولة وغض النظر عنها في دول اخرى، كل حسب المصالح بعيدا عن العدالة والأخلاق اصبحت الهيئات الدولية لعبة في ايدي تلك القوى يحركون الهيئات الدولية كيف شاؤوا ضاربين عرض الحائط كل القيم والمبادئ، في تدخلات سافره في شؤون دول مستقلة ومستقرة، يتم التغاضي عن دكتاتوريتهم الذي تعيث فسادا وانتهاكا وسجون في أنحاء العالم في اعمال غير شرعية.

قتل امرئ في غابة +++ جريمة لا تغتفر

وقتل شعب آمن +++ مسألة فيها نظر

والحق القوة لا +++ يعطاها الاً من ظفر

ذي حالة الدنيا فكن ++ من شرها على حذر

اليوم هذا الحق اصبح عصى تضرب به تلك الدول كل مخالف لسياساتها واطماعها بهالة اعلامية قوية ومزيد من التضليل والنفاق السياسي.