آخر تحديث: 23 / 4 / 2024م - 9:39 م

أحكام مغيبة أم ظلم متعمد؟

منى ناجي المسكين

هارفارد الأمريكية تصف القرآن الكريم كأفضل كتاب للعدالة في العالم، حيث قالت بأحدث دراساتها العلمية حول العدالة ”القرآن مليء بالقوانين الأساسية للإنسان وليس فيه أي مجال للظلم وأنه كتاب حافل بقواعد الإنسانية“، في الحرم الجامعي لجامعة هارفارد وتحديدا عند مدخل كلية القانون، تجد نقش آية قرآنية من سورة النساء عن العدالة والقسط ﴿يا أيها الذين آمنو كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم وصفها طلاب الجامعة بأنها أعظم عبارة عن العدالة في التاريخ.

ولو نظرنا إلى واقعنا نحن المسلمين، ونحن من نملك هذا القرآن، لرأينا كثيرا من القضايا والمشاكل في حياتنا سببها الأول عدم تطبيق أحكام وأوامر هذا الكتاب العظيم، وفي هذا الجانب لفت نظري محاضرة لسماحة الشيخ الدكتور فيصل العوامي بعنوان ”أخلاقيات الطلاق وأحكامه.. رؤية قرآنية“ على أثرها قمت باستذكار القصص المؤلمه للعديد من فتياتنا المعلقات لسنوات قضين شبابهن في العذاب المر، فارتأيت أن أعيد وأنوه إلى ماذكره سماحة الشيخ الدكتور فيصل العوامي حفظه الله من أحكام حول هذا الموضوع المهم.

افتتح سماحته البحث بالآية الكريمة ﴿الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وأن الإسلام حبب إلينا الزواج وجعله سهلا يسيرا، وكرّه لنا الطلاق وجعله صعبا عسيرا، إذ إن الزواج يتم حتى ولو كان بينهما وبين نفسيهما، بينما الطلاق من شروطه وجود شاهدين عادلين فمجرد قول: أنت طالق أو أنت بائن ليس بشيء، القرآن وضع لنا إجراءات تدارك لموضوع الطلاق، حيث قال تعالى ﴿وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها

الشقاق قد يكون أولي كأن يعيش الزوجين في بيت واحد، ولكن كل في حاله، فهذا شقاق خفيف وقد يكون شقاق غليظ يحتاج إلى تدخل مصلح أو وسيط تتوفر به:

1 - شروط ذاتية «العقل والعدالة وأن يكون من أهله وأهلها».

2 - شروط موضوعية «نية الإصلاح، وأن يقولوا مافيه مصلحة للزوجين فقط، لحرمة التفريق ولقاعدة لا ضرر ولا ضرار، وهذا يعتبر إجراء تداركي أولي، أما الإجراء الثاني في حال تم الطلاق: ﴿لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعدى حدود الله فقد ظلم نفسه لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

يحرم إخراج المرأة من بيت الزوجية بعد الطلاق، في الآية الكريمة ﴿أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وهي حرام أن تخرج من بيت الزوجية زعلًا، يجوز لها أن تزور الأهل والجيران والأصدقاء وغيره، واستدركت الآية في موضوع الخروج ﴿إلا أن يأتين بفاحشة كالزنا لا سمح الله أو لضرر.

هناك إجراء تداركي آخر، تعيش زوجة في بيتها تختضب وتتطيب وتلبس ما تشاء من الثياب إلى وقت انتهاء العدة علّه يرق قلب الرجل، وفي حال انتهت العدة ولم ينفع هذا الإجراء، لابد من الحفاظ على المشاعر وخصوصا مع وجود الأطفال فالطلاق مرتان، فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

الإحسان: تخرج المرأة معززة مكرمة إلى بيت أهلها، لا تخرج مكسورة الخاطر، هو لا يتكلم عليها بسوء وهي كذلك، كل يذهب إلى سبيله ”ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه“

لا يجوز إرجاعها للضرر بها، ولا يجوز عضلها عن الزواج سواء ترجع لزوجها أو الزواج من رجل آخر.

”لاجناح عليكم إن طلقتم النساء ولم تمسوهن وتفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره“

فإذا تم العقد ولم يتم الزفاف، وحدد المهر، فلها النصف، إذا لم يحدد المهر، إن كان غنيا يعطيها بمستوى غناه، إن كان متوسط، فعلى مستواه، والفقير على مستواه ”وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين، أما إذا تم الزواج لسنوات وحدث الطلاق، وهي تصرفت بالمهر، ليس له شيء ولا لها شيء، وللمطلقات متاع بالمعروف حق على المتقين“

أكد سماحة الشيخ في بحثه أن الإنسان الورع المؤمن يعطيها حفاظا على مشاعرها، وختام البحث أن تراعى هذه الثقافة في المجتمعات المؤمنة، نسب الطلاق سوف تتراجع، وإذا حدث لا يخلق تشنجات ويحافظ على ما بقي من الأسرة، نسأل الله أن يجعلنا من المتمسكين بكتابه الكريم المطبقين لأحكامه.