آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

أين سجادتي؟

فؤاد الجشي

بالأمس كنت صبيًّا، وقبله كنت مولودًا، أفاقت العين على ميلاد، بينهم سمعت ما قيل، والقلب شاهد آخر، يرى ثم ينبض وقعاته على هذا وذاك، تبتسم على هدي شعائرك، تعلم أو لا تعلم، تبتسم لكلّ شيء، عاجز لكنّك متمكن بقدرتك على الصراخ والهدوء، تلد قليلًا ثم تكبر وتكبر، ترى النور نورًا والحقيقة بدأت لكلّ ارتدادات الحياة والكون معًا، ترى الشمس بزوغًا والظلام غروبًا، ثم ترى المخلوقات من قمر ومجرّات، ثم تهبط ترى الطبيعة والأشجار بطولها، تنمو بين عقلك، تنظر ثم تسأل: من أنا؟ من أنتم؟

تسمع الأسماء، هذا زيدٌ وهذا عمرو، تشعر بالحب والكره معًا، اختيار عليك ألّا تفقده، تلك هي الحياة، ضجيج دائم، الجميع يتحدث إليك، تصبح موجَّهًا لا متوجّهًا، هناك من يعلّمك صدق الحديث، وهناك من يكذبه، تشعر بدوامة رأسك، تتهاوى بين الليل والنهار، تنتظر أن تكون شيئًا له فكرة ثم قرار، تنكر الأشياء أمام نفسك ثم تصرخ، هناك من يكبّل عقلك وهناك من يطلقه، جميعهم صادقون إلّا أنت، تبحث عنهم جميعًا، الحقيقة تكبر أكثر وأكثر.

تتزاحم القرارات، إما أن تكون جاهلًا أو سارقًا أو معلمًا ناصحًا، اختيارات وصلت بها على قارب مائل ثم هائج، أيّهما أنت؟ إما أن تغرقَ أو ترتديَ سترة نجاتك، إنّها مغامرة الحياة، عليك القرار، طريقان أحدهما مرٌّ والآخر شرس، يقولون لك: تفاءل ثم انهض، لا تتوقف، تنظر إلى الأفق متوهّجًا حزينًا بتلك الثقوب والندبات، تبحث عن الأمل، تستعدّ فرائصك لكلّ الاحتمالات، في طريق العودة أو اللاعودة، تهدأ ثم تهدأ، تهاوى القارب، ثم تذكرت بأنّ الموعد على سجادة صلاة.